نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

كبابجى فى سجن طرة

نوال مصطفى

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019 - 08:06 م

 

ترك الناس كل شيء وركزوا فى صورة السجين الذى يرتدى ملابس طباخ ويقف فى ساحة سجن طرة يشوى الكفتة والكباب. صحيح أنها صورة تستحق التوقف، ولها قصة هى أن هذا السجين الذى يقضى عقوبته فى سجن طرة كان يعمل بهذه المهنة قبل دخوله السجن، ولأن السجون المصرية أصبح ضمن منظومتها فكرة تشغيل السجين، ومساعدته فى كسب رزقه والصرف على أولاده خارج السجن، فقد سمح له بصنع الكباب وبيعه للنزلاء المقتدرين.
كم هائل من السخرية والاتهامات انهالت علىّ بسبب البوست الذى نشرته على صفحتى على الفيسبوك، يتضمن لقطات حية من الزيارة التى نظمتها وزارة الداخلية لمجموعة من نواب البرلمان فى لجنة حقوق الإنسان والقيادات الإعلامية وممثلى منظمات المجتمع المدنى المتخصصة فى تحسين نوعية الحياة للسجناء والسجينات.
كنت مدعوة لهذا اللقاء المهم الذى فتحت فيه مصلحة السجون أحد أهم سجونها للصحافة المحلية والعالمية وسمحت لهم بالتصوير.
دارت التعليقات الساخرة المتحفزة حول التشكيك فى تلك الصورة وصور أخرى لبعض السجناء يلعبون مباراة كرة قدم، وآخرين فى مستشفى السجن حيث يتلقون خدمة طبية ممتازة، يستلقون على أسرة نظيفة، ويتابعهم أطباء أكفاء يستخدمون أحدث الأجهزة الطبية.
أعذر المشككين أحيانا فهناك نقاط إيجابية وأخرى سلبية فى سجون مصر، بالطبع لم نصل إلى الكمال، والمنظومة العقابية فى مصر تحتاج إلى شغل كثير محوره الرئيسى فى رأيى باعتبارى مهمومة بتلك القضية منذ عقود هو القانون. هناك تطور فى الخدمات المقدمة للسجناء دون شك، وهناك تحسن كبير فى تطبيق وتفعيل الفلسفة العقابية، لكن كل هذا يجب ألا يتوقف عند تكريس فكرة العمل والإنتاج المثمر وممارسة حرفة وكسب مال خلال فترة العقوبة، بل تجب الاستفادة من النموذج الذى أنتجته الجمعيات الأهلية المتخصصة فى هذا الشأن وأهمها جمعية رعاية أطفال السجينات أقدم ثانى جمعية اشتغلت على قضايا السجناء فى مصر حيث تأسست عام 1990 وتخصصت فى السجينات وأطفالهن، أما الجمعية الرائدة فى هذا المجال فقد أسسها السجين السابق أحمد عزت واسمها جمعية رعاية السجناء، وتأتى مؤسسة حياة برئاسة نرمين البحطيطى لتنضم إلى المسيرة والمشوار الطويل للمجتمع المدنى العامل فى السجون المصرية.
هناك بيان مكتوب يتضمن خلاصة أفكار وتجارب ودروس مستفادة من عمل هذه الجمعيات مع السجناء، ليس مجرد حبر على ورق، لكنها خطوات قابلة للتطبيق، ومتضمنة الحلول للكثير من السلبيات التى نتحدث عنها. صدر هذا البيان الأسبوع الماضى، فى نهاية مؤتمر مؤسسة حياة للدمج الاجتماعى للسجناء، وشاركنا جميعا فى وضع بنوده وتوصياته بناء على خبرة عملية فى التعامل مع هذه القضية.
لا أنكر تعاون مصلحة السجون وقطاع حقوق الإنسان وقطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية معى ودعمهم لمشروعى الإنسانى «حياة جديدة» داخل سجن النساء وخارجه. فالتعاون وتسهيل مهمة المجتمع المدنى هى نقطة محورية وحجر زاوية فى التعامل مع تلك القضية. هناك نموذج للتعامل مع السجين منذ اللحظة الأولى لدخوله السجن حتى خروجه منه مؤهلا للعودة إلى حياته الطبيعية مواطنا صالحا، طبيعيا يتقبله المجتمع، يستفيد منه بدلاً من أن يوصمه. برنامج له محاور عدة تعتمد على التأهيل النفسى والتدريب الحرفى، ورسم خارطة طريق لحياته بعد الخروج تتم أثناء السنة الأخيرة فى مدة عقوبته، حيث يعود إلى بيته كل يوم بعد قضاء اليوم فى تدريب وشغل، وتثقيف فكرى وروحانى. هذا اقتراح أو عنصر من عناصر كثيرة قابلة جدا للتطبيق.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة