هناء عبدالفتاح
هناء عبدالفتاح


إشتروا منى

رسائل الجوكر المنسية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 17 نوفمبر 2019 - 07:44 م

دفعتنى درجة التفاعل مع فيلم الجوكر لقرار مشاهدته، على مستوى القصة والسيناريو والحوار والحبكة الدرامية لم أجده على مستوى الضجة التى صاحبت بداية عرضه، وعلى مستوى المنطق أيضا لم يكن كذلك، ربما غاب المنطق عن معظم أحداثه لأن بطله شخص يعمل مهرجا وهى المهنة التى تتطلب أن يبعد صاحبها عن المنطق بشكل عام، فيرسم بالألوان المبهجة ابتسامة أكبر من حجم فمه ويفرضها على ملامحه لتحتل أكبر مساحة وجهه مهما كان شعوره داخليا ومهما مرت به ظروف لا تتوافق أبداً مع فكرة الابتسام، بالإضافة لهذا فالبطل أيضاً مختل نفسيا ودماغياً ويعانى من مرض غريب يجعله يضحك دوما حتى فى عز المواقف التى لا تحتمل الضحك أبداً، وبالتالى لم تعننى فكرة إبراز أوجه القصور فى الحبكة الدرامية للفيلم بشكل عام بقدر ما تعنينى فكرة فى إبراز رسائل الفيلم شديدة البساطة وشديدة الأهمية وشديدة الصعوبة فى نفس الوقت، «آرثر» كان مسالماً فى البداية، منذ طفولته يتلقى الأذية نفسياً وبدنياً بشدة من كافة من مر عليهم، وفى شبابه أيضاً، الكل يهينه ويسخر منه ويتعدى عليه مدفوعين بأسباب وبدون، حتى زميله فى العمل باع له مسدسا بطلقات حية وأخبره أنه يساعده فى الدفاع عن نفسه وقت اللزوم وكان هدفه الخبيث أن يكتشف صاحب العمل حمله سلاحا فيطرده، وهو ما حدث بالفعل، تزامن طرده من العمل مع تعدى ثلاثة شباب عليه بالضرب المبرح فى مترو الأنفاق فقتلهم بسلاحه، ومن هنا كان التحول الجذرى فى حياته ومن هنا بدأت رسائل الجوكر، أعجبته فكرة قتل كل من أذاه فقتلهم جميعاً مختبئا تحت قناع المهرج، أعجبته فكرة أن مهرجا مجهولا يقتل الناس عشوائياً وجارٍ البحث عنه وهو الذى لم يفكر أحد فيه يوماً، أعجبته توابع ظهور أحد أثرياء النخبة فى لقاء تليفزيونى وتحليله للأمر أن ما يحدث من المهرج المجهول هو حقد طبقى تجاه الأثرياء فنزل المهمشون فى الشوارع مرتدين قناع المهرج ليتظاهروا ويخربوا كل ما يقع تحت أيديهم اعتراضاً على تلك النظرة الطبقية، أعجبته فكرة أنه كان الشرارة التى انتفضت المدينة بالكامل بعدها وأن كل من لم يراع شعوره وسخر منه وآذاه دفع حياته ثمنا لهذا، حتى أمه التى حملت فيه سفاحا قتلها أيضاً، الوحيد الذى نجا من تحت يده زميل عمله قزم القامة، تركه يعيش لأنه لم يؤذه ولم يتنمر عليه ولم يجرحه يوماً بل أنه يتعرض بسبب تقزمه لمثل الأذى الذى تعرض له طوال حياته، رسائل الجوكر هى أهمية مراعاة شعور الضعيف، أهمية عدم تعمد جرحه وإهانته والسخرية منه، هى إدراك لحجم ألم النفس البشرية التى تتعرض لتنمر وأذى ونظرة دونية دون أن تقترف ذنباً، الحقيقة أن تلك النفس تئن بشدة ولا أحد يدرى، فهل نتعلم وندرى؟.. أتمنى.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة