د.ستيفان أوشمان
د.ستيفان أوشمان


قبل أن تقع الكارثة .. التنمية المستدامة علاج فعال لمواجهة التغيرات البيئية

عمرو جلال

الأحد، 17 نوفمبر 2019 - 09:49 م

 

د. ستيفان أوشمان: نستهلك مواردنا الطبيعية أسرع بـ 1.7 مرة ولابد من الابتكار والتطوير

 
د. رشا قلج: مبادرة "الاستدامة مسؤولية مشتركة" نواة عربية وأفريقية لتمكين الشباب ودعم قدراتهم 


يستيقظ العالم أجمع  كل صباح على أخبار التغيرات المناخية ..سيول فى مناطق جافة..أعاصير وفياضانات لم يسبق لها مثيل .. انقراض لأحدى فصائل الحيوانات...ذوبان للجليد قبل موعده ..ارتفاع مستوى سطح البحار..زيادة حدة موجات الحرارة والبرودة .

 

كل ذلك يصنع صورا مرعبة عما سيكون عليه العالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيرها على الصحة والحياة على كوكب الأرض بصورة واضحة.

 

الدراسات البيئية تشير إلى أن البلدان النامية هى الأكثر تضررا من سواها من الظاهرة ..فالبلدان الأفريقية والعربية والكثير من بلدان أسيا وأميركا اللاتينية من ضمن البلدان النامية وعلى الرغم محدودية إسهاماتها في ظاهرة الاحتباس الحراري إلا أنها من أكثر الدول التي تعاني وستعانى  من النتائج الكارثية للتغير المناخي بسبب محدودية قدراتها على مواجهة الآثار الناجمة عنها والتكيف مع الظروف الجديدة.

 

إن هذه التوقعات وغيرها دفعت بعض دول العالم المتقدم لان  تتعاون مع  الدول النامية والعربية فى مجال  قضايا البيئة والمناخ كأولويات إستراتيجية في سياستها، فالخسائر الفادحة التي يمكن أن يتكبدها كوكبنا مستقبلا لن تقل أكيد عن بعض التكاليف الإضافية حاليا من التي يمكن تحملها  من خلال تبني إجراءات وقائية بسيطة للحد من هذا الخطر الداهم، بل إن الأمر بشكل أو بآخر ما هو استثمار في المستقبل والتنمية المستدامة واستثمار لضمان مستقبل للأجيال القادمة.

 

الدكتور ستيفان أوشمان هو أحد رواد العلم والتكنولوجيا والتنمية المستدامة، يرى أن التعاون الدولى أصبح ضرورة مهمة للحفاظ على كوكب الأرض لذلك أعلنت مؤسسة "ميرك كي جي إيه إيه" الألمانية الرائدة عالمياً في مجال العلوم المتقدمة والتكنولوجيا، عن تأسيس مبادرة مركز "ميرك للاستدامة" في "دستركت 2020" بدبي، والتى سيتم إطلاقها خلال معرض إكسبو 2020 دبي، وسيبقى المركز بشكل دائم بعد انتهاء المعرض. 

 

ويضم المركز برامج متنوعة تهدف إلى إيجاد حلول بحثية قائمة على تطبيق التقنيات والعلوم المتقدمة لتحديات الاستدامة... وجاءت فكرة تأسيس مركز للاستدامة في قلب مدينة دبي ثمرة اللقاء الذي عقد في دبي مع سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي والنائب الأول لرئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي

 

جيل جديد 


ويقول الدكتور ستيفان أوشمان أن "مركز ميرك للاستدامة" يهدف إلى تسريع وبناء القدرات وتطوير المهارات عبر إطلاق مجموعة من البرامج التعليمية والبحثية التي تشجع على التعاون والعمل المشترك في البحث والتطوير لدعم جيل جديد من المبتكرين وتحفيز مسيرة التحول نحو عالم أكثر استدامة، وسيضم المركز أيضاً حاضنةً للمشاريع الناشئة تركز على دعم نمو الشركات الجديدة في مجال الاستدامة. 

 

كما سيقوم المركز بتسهيل الاطلاع على الخبرات الواسعة واستخدام البنية التحتية لمجموعة "ميرك" الرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا.

 

وأضاف أوشمان أن استهلاكنا الشديد للموارد الطبيعية يعتبر أحد أسباب التدهور البيئي فنحن نستهلك مواردنا الطبيعية أسرع بـ 1.7 مرة مما يمكنها النمو مرة أخرى وأحد الأسباب الرئيسية لاستهلاكنا المرتفع للموارد هو الثروة المتزايدة لعدد متزايد من الناس وانخفضت نسبة الذين يعيشون في فقر مدقع في العقود الأخيرة، مع تزايد عدد سكان العالم وهذا تقدم اقتصادي واجتماعي كبير لمليارات الأشخاص.

 

في الوقت نفسه ، هذا الرخاء المتنامي يعنى ارتفاع الطلب على الطاقة والمياه والتربة.. وتبقى المعضلة كيف يمكننا الحد من الآثار البيئية لدينا - والسماح لمزيد من الناس أن يعيشوا حياة جيدة؟ .

 

لحوم أقل


وتابع قائلا النقاش العام يدور حاليا بشكل رئيسي حول التخلي عن  تناول كميات أكبر من اللحوم وتجنب استهلاك البلاستيك وتقليل السفر بالطائرات لكنني مقتنع أن التخلي وحده لا يمكن أن يكون هو الحل خاصة على المستوى العالمي وسيكون أكثر أهمية إذا نجحنا في معالجة المشاكل البيئية من الجذور  .

 

ولهذا نحن بحاجة إلى تقنيات جديدة ومثلا فى مجال التغذية نعلم جميعًا أن إنتاج اللحوم مؤثر جدًا فى التغير المناخي مثل إزالة الغابات أو انبعاثات الميثان، وفي الوقت نفسه، سيزداد الطلب على اللحوم زيادة حادة في السنوات المقبلة، وخاصة في الأسواق الناشئة لذلك علينا أن نفكر في طرق الإنتاج الجديدة، البديل هو إنتاج التكنولوجيا الحيوية للحوم ما يسمى اللحوم النظيفة. 

 

هذا هو اللحم الذي لا ينتج عن الطرق التقليدية ولكن من الخلايا الجذعية الحيوانية في مفاعل حيوي – وهو ما يعنى  انبعاث  للغازات أقل  بكثير وانخفاض استهلاك الأراضي والمياه بشكل كبير.

 

وكشف الدكتور استيفان أوشمان، عن أن تقنيات المعلومات والاتصالات تتسبب بالفعل في حوالي 2 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم وهى تقريبًا نفس انبعاثات الطيران الناتجة عن الوقود. 

 

وتشير التقديرات إلى أن هذه الحصة قد ترتفع بشكل كبير في السنوات القادمة، إننا بحاجة ماسة إلى شرائح ووسائط تخزين وتقنيات عرض تستهلك طاقة أقل بكثير. 

 

وأوضح أوشمان أن التقنيات الحديثة هي مفتاح التحكم المستدام في استهلاك مواردنا دون تعريض التقدم الاقتصادي والاجتماعي الهائل للعقود الأخيرة للخطر، بمعنى آخر ، نحن بحاجة إلى "تقنيات للمستقبل".


مستقبل أفضل


وأشار رئيس "ميرك" إلى أن تأسيس أول مركز استدامة تابع لـ"ميرك" في "دستركت 2020" بدبي يؤكد التزامنا بتوسيع نطاق علاقاتنا مع شركات الابتكار والباحثين ورواد الأعمال. 

 

ونحن في "ميرك" نكرس كل طاقاتنا  لتحقيق مستقبل أفضل، وسيعمل المركز على نشر المعرفة بين الأفراد الذين يمتلكون مستويات متقاربة من المعرفة والمهارات، وبناء القدرات في دول الجنوب العالمى وخاصة المنطقة العربية ودولة الإمارات بالأخص ودعم الشركات الناشئة التي يمكنها تقديم حلول مستدامة تحسّن حياة الناس من خلال استخدام العلوم والتكنولوجيا.  

 

وتوفر "دستركت 2020" المنظومة المثلى للتركيز على رعاية الابتكار والتعاون ، كما سيساهم وجود "ميرك" في دبي  في تعزيز رؤية دبي والإمارات في مواصلة بناء اقتصاد معرفي تنافسي قائم على التطبيقاتٍ المستدامة للعلوم والتكنولوجيا".

 

وتعتزم "ميرك" توظيف خبرتها الواسعة في تطوير الابتكارات والأفكار التحولية لخدمة العديد من المجالات مثل الرعاية الصحية، ومجال التكنولوجيا الحيوية الحديث، والبحوث الحكومية والأكاديمية، والهندسة المعمارية، والسيارات، ومستحضرات التجميل، بالإضافة إلى الشركات الناشئة في مراحلها الأولى والتي تطور حلولاً جديدة لتحديات الاستدامة، والابتكارات العلمية، والمنتجات والتطبيقات المتقدمة التي تواكب الاحتياجات الطبية الملحة.


قادة الاستدامة


أما الدكتورة رشا قلج الرئيس التنفيذي لمؤسسة ميرك الدولية الخيرية، فترى أن مبادرة "ميرك للاستدامة" فى دبي ستكون نواة عربية وأفريقية لتمكين الشباب ودعم قدراتهم حتى يصبحوا قادة الاستدامة في المستقبل .

 

وأشارت إلى أن الشباب لديهم العديد من القدرات غير المستغلة، ونود أن نطلق العنان لتلك القدرات التي من شأنها تمكينهم من قيادة التنمية المستدامة والأجندة البيئية الخضراء لبلدانهم من أجل التكيف مع تأثير تغير المناخ .

 

وأضافت أنه لهذا السبب قمنا بتطوير مبادرة مؤسسة "ميرك" للاستدامة التي تحمل اسم "الاستدامة مسؤولية مشتركة"، وتهدف هذه المبادرة إلى تثقيف وإشراك وتمكين رواد الأعمال الشباب من خلال الوصول إلى المعلومات وتغيير العقلية من أجل إثراء فهمهم للاستدامة وكذلك دعم أعمالهم المبتكرة الجديدة في مجال الاستدامة وتخطط المبادرة للتركيز على بناء القدرات وزيادة الوعي من أجل تسريع الحلول المستدامة للتحديات الحضرية العالمية.


وأوضحت "قلج" أن مبادرة مؤسسة "ميرك" للاستدامة تتكون من خمسة برامج أساسية والبرنامج الأول سيكون خاص بـ "سفراء الاستدامة" وفيه سيتم اختيار شخصيات فكرية وفنية متميزة وشبابية لرفع مستوى الوعي بين الشباب عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفي مختلف المنصات العالمية والإقليمية بهدف تشجيع الشباب على قيادة نمط حياة مستدام مع الهدف من حماية البيئة من مزيد من التغير المناخي.

 

برامج تعليم 


أما برنامج المبادرة الثاني فينظم برامج تعليم وتدريب الاستدامة للطلاب وأعضاء المجتمع ووسائل الإعلام والمهنيين الشباب ورجال الأعمال لتحسين الوصول إلى المعلومات وتغيير العقلية من أجل تعزيز معرفتهم كقادة مستقبلين الاستدامة في مجتمعاتهم و ستشجعهم هذه البرامج على توعية مجتمعاتهم والعمل معا لإيجاد حلول خاصة بهم للتخفيف من آثار تغير المناخ بطرقهم الصغيرة ولكن المهمة.

 

ويشمل البرنامج الثالث للمبادرة حاضنات تركز على رعاية نمو الأعمال المبتكرة الجديدة في مجال الاستدامة ، بما في ذلك ؛ الابتكار المستدام ، والديكورات الداخلية والخارجية المستدامة ، والأزياء ، والفن .

 

عالم أكثر استدامة


وأشارت الرئيس التنفيذي لمؤسسة ميرك الدولية الخيرية إلى أن البرنامج الرابع للمبادرة سيوفر فرص للتواصل والشراكة  بهدف تسريع عملية الانتقال إلى عالم أكثر استدامة مع أصحاب المصلحة المحليين والعالميين، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحث والشركات متعددة القطاعات والهيئات الحكومية وغير الحكومية، فضلاً عن المنظمات المجتمعية والإعلام والفنانين.

 

أما البرنامج الخامس للمبادرة فسيعمل على توفير مساحات البحث والتطوير التعاوني بهدف دعم جيل جديد من المبتكرين كما سيسهل الوصول إلى الخبرة الواسعة والبنية التحتية لمؤسسة ميرك  كمؤسسة رائدة في العلوم والتكنولوجيا وسنستمر في إشراك الشباب لضمان سماع أصواتهم في مواجهة التحديات واستكشاف الحلول فيما يتعلق بمستقبل الاستدامة.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة