عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

دبلوماسية الكلب المسعور !

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 18 نوفمبر 2019 - 07:27 م

ثمة اعتقاد لدى البعض أن الدبلوماسية هى مجرد كلام ناعم رقيق مهذب ومرتب.. غير أن الدبلوماسية ليست دوما هى هذا النوع الرقيق والناعم من الكلام، فهى تتضمن أيضا كلاما خشنا وجافا وحادا، بل قد يصل الأمر إلى تبادل الشتائم أيضا بين ساسة وقادة الدول، والعلاقات الدولية تتضمن العديد من الأمثلة الصارخة فى هذا الصدد آخرها وأحدثها تلك الدبلوماسية الخشنة التى ينتهجها الرئيس الأمريكى ترامب وطالت حلفاء امريكا قبل خصومها..غير ان ماحدث مؤخرا مابين الكوريين الشماليين ونائب الرئيس الأمريكى السابق بايدن يعد صيحة جديدة فى هذه الدبلوماسية الخشنة سوف يسجلها تاريخ الدبلوماسية العالمية.
وقد بدأت الحكاية عندما بادرت الحملة الانتخابية لبايدن الذى يعد المنافس الديمقراطى الأهم للرئيس ترامب فى انتخابات الرئاسة المقبلة، والذى تتم الآن عملية عزله بسببه، بنشر إعلان دعائى يتضمن انتقادا للسياسة الخارجية الأمريكية لأنها تقضى بالإشادة بالمستبدين فى العالم واستبعاد الحلفاء، ومع كلمة المستبدين نشر الإعلان صورة المصافحة التاريخية بين ترامب والرئيس الكورى الشمالى كيم سونج فى سنغافورة التى تمت فى يونيو ٢٠١٨.. ولذلك اعتبرت كوريا الشمالية ذلك تطاولا على رئيسها فردت وكالة أنبائها على حملة بايدن بوصفه بالكلب المسعور، وقالت لقد تجرأ بايدن بتهور على المساس بكرامة القيادة فى كوريا الشمالية.. والكلاب المسعورة مثل بايدن يمكن أن تؤذى كثيرا إذا تركت حرة، ويجب ضربها بالعصى حتى الموت.. والقيام بذلك سيكون مفيدا للولايات المتحدة أيضا.
وقد رد بايدن هذه المرة بنفسه وإن كان قد ورّط نفسه فى هجوم على الزعيم الروسى بوتين، حينما قال : ( يبدو أن الديكتاتور القاتل كيم لا يتبنى.. ويجب إضافته إلى لائحة المستبدين الذين لا يريدون رئيسا إلى جانب بوتين) !
اما الرئيس الأمريكى فقد آثر ألا يترك تلك الخناقة بين منافسه بايدن والكوريين الشماليين دون أن يدلو بدلوه فيها.. وجاء تدخله بتويتة جديدة له وصفها خطأ بعض من نشروها بأنها دفاع عن بايدن، رغم أنها تستثمر الهجوم الكورى الشمالى عليه لتوجيه مزيد من الانتقادات له.. فقد قال ترامب فى هذه التويتة مخاطبا الرئيس الكورى الشمالى : ( بايدن قد يكون خاملا وبطيئا جدا ولكنه ليس كلبا مسعورا. إنه فى الحقيقة إلى حد ما أفضل من ذلك ) !
ثم انتقل ترامب إلى هدفه من هذا التدخل فى تلك الخناقة بين بايدن وكوريا الشمالية حينما خاطب كيم وقال له : ( أنا الوحيد الذى يمكن أن يصل بك إلى حيث بجب أن تكون. يجب أن تتصرف وتنجز الاتفاقية. أراك قريبا ) !. وهكذا لم يدع ترامب هذه الخناقة تمر دون ان يستفيد منها لإتمام الاتفاق الامريكى الذى ينشده مع كوريا الشمالية لنزع سلاحها النووى، وهو الاتفاق الذى تدور المفاوضات حوله منذ العام الماضى، وأيضاً دون ان يحط من شأن المنافس الأكبر له فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، والذى سبق ان وصفه من قبل بأنه ( نائم لم يستيقظ بعد، ويجسد حالة من الخرف، وحان الوقت لتتوقف حياته ) !، وهى الأوصاف التى تبنتها وكالة الأنباء فى كوريا الشمالية وأضافت إليها من قبل شتاءم اخرى مثل الاحمق والغربى وصاحب معدل الذكاء المنخفض !
إن تلك الخناقة التى تتم بالكلام بين نائب الرئيس الأمريكى السابق والقيادة فى كوريا الشمالية هى نموذج ولكن صارخ لتلك الدبلوماسية الخشنة التى تلجأ إليها الدول أحيانا حينما تتأزم الأمور بينها، قبل أن تلجأ إلى الأسلحة غير الدبلوماسية التى تبدأ باستخدام الضغوط الاقتصادية والحصار والعزل السياسى وتنتهى باستخدام السلاح.. والأغلب أنها خناقة مرشحة للاستمرار خلال فترة الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية التى بدأت قوية مبكرا فى أمريكا بعملية عزل ترامب التى بدأها مجلس النواب فيها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة