د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

مدن.. والله أعلم !

د.محمود عطية

الخميس، 21 نوفمبر 2019 - 07:10 م

 

العالم الخفى لشوارعنا وأرصفتنا لم يترك للمارة الغلابة طريقا آمنا للسير فيه.. هذا العالم الخفى يتحكم فيه مجموعة من البلطجية.. يقسمون أرصفة المدن وشوارعها على البائعة الجائلين والسياس ويفرضون عليهم الإتاوات وكأنهم قد امتلكوا الشارع.. معظم هؤلاء الباعة المحتلين للأرصفة من نازحى القرى والنجوع للاستقرار فى القاهرة والإسكندرية والمدن الكبرى.. المثير أنك تلاحظ التزام الباعة بأماكنهم المحددة لهم من قبل السيد البلطجى فلا يحيدون عنها قيد أنملة حتى لا يقعوا تحت طائلة قانون السيد البلطجى ويرحلهم بعيدا..!
إنه عالم شديد الصرامة والقسوة فكل منطقة لها كبيرها البلطجى وله مجموعة من البصاصين ينقلون له كل كبيرة وصغيرة ويجمعون الإتاوات من الباعة.
وليس عجبا أن مدننا هكذا قد تحولت إلى قرى ريفية فلا أرصفة للسير فوقها بعدما احتلها الباعة وكراسى المقاهى وحتى نهر الطريق يستقبل المارة مع أنواع المركبات الملاكى والخاصة والنقل العام والميكروباصات حتى التكاتك التى تجرأت على الشوارع والميادين.. ولا مانع من احتلال بعض النواصى من السادة الباعة لعرض بضائعهم رخيصة الثمن والتى تجد رواجا بين قطاع عريض من الشعب..!.
وخير مثال على ربكة الشوارع وتحويلها قطاعا خاصا شارع الجلاء فى قلب القاهرة.. فيكفى نظرة واحدة إليه تظن أن الحرب قد بدأت فوق أرضه.. فترى كل أصناف الباعة على أرصفته وتحتها وأسفل الكبارى وباعة الملابس المستعملة حتى بائعو الدرة المشوى والفاكهة القادمون من القرى يعرضون بضائعهم التى أحضروها من بلادهم القريبة من القاهرة... ومن أعجب ما تراه مستشفى الجلاء للولادة وهو من أقدم وأعرق مستشفيات مصر.. تجده محاطاً من كل جانب بالباعة حتى لا تستطيع السير على الرصيف الموازى للمستشفى.. ناهيك عن أصوات الباعة وعملية الفصال مع الزبائن ولا مانع من قليل من الخلافات حتى الشارع الخلفى للمستشفى تحول إلى موقف عشوائى للميكروباصات!
ومستشفى الجلاء على ناصية شارع الصحافة.. ولا عجب أن ترى الشارع نفسه قد تحول إلى موقف لميكروباصات مدينة أكتوبر وبعض المناطق الأخرى.. والسير بالشارع محفوف بكل أنواع المخاطر وفى نفس الشارع يمرح التوك توك بكل أريحية ولا أحد يعترضه ويسير عكس الإتجاه وبعد كل ذلك تجد أحد المعاهد وسط الشارع ويقف طلابه أمام المعهد كأن الدراسة تتم خارجه.. ولم تتخلف المقاهى واحتلت أرصفة الشارع من اليمين ومن الخلف ولا رحمة للسائر على قدميه وسط الشارع.
ومن يتجرأ على دخول شارع الصحافة والسير فيه عليه أن يكون فى أفضل حالاته البدنية أو بالأحرى لاعب سيرك متمرس حتى يتمكن من السير فوق الرصيف ويتفادى المطبات وكراسى المقاهى والأعمدة الحديدية ويمشى الهوينى على أطراف أصابعه حتى لا يصطدم ببضائع الأرصفة التى باتت فاترينة عرض، وحتى قبل أن تلامس أقدامه بضائعهم ولا يضطر لسماع رائحة شتائم تضفى أوصافا عليه مثل «أنت أعمى ما تخلى بالك.. إيه هى الدنيا طارت بالراحة شوية..» .. بعد كل ذلك لا أفهم أنحن فى مدن أم قرى؟!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة