هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

بيزنس التعليم الدولى

هالة العيسوي

الخميس، 21 نوفمبر 2019 - 07:11 م

استوقفنى ملف مهم نشرته صحيفة الوطن قبل أيام يشيد بالتعليم الجامعى الدولى ويثنى على تجربة افتتاح جامعات دولية وفروع لجامعات أجنبية فى مصر،  لم أجد الوجه الآخر للتجربة من عيوب ونواقص بادية للعيان من واقع كلام وتصريحات طلاب تلك الجامعات والمسئولين عنها بل ومسئولى وزارة التعليم العالي.
إذا كان لهذه التجربة من مزايا نتبادل الحديث عنها من باب التشجيع على خوض التجربة كتقديم مستوى لائق من التعليم الجامعى بفضل محدودية عدد الطلاب، وارتفاع مستوى التعليم بتشجيعهم على البحث واكتساب المعارف الحديثة التى يعتمد عليها العالم المتحضر بما يتيح للخريج فى نهاية الأمر مهارات تجعله قادرا على اقتحام المنافسة فى سوق العمل بالخارج.
فإن المقارنة ستكون ظالمة لو حاولنا مقارنة تعليم جامعى خاص يشجع على البحث والتفكير بتعليم جامعى عام يُدعى أنه مجانى يعرقل البحث وتفرض إحدى جامعاته العريقة رسوما على ارتياد المكتبة والاستفادة منها ويبلغ طلابه الآلاف فى الدفعة الواحدة
وإذا كان أحد أهداف التجربة هو الحد من ابتعاث طلابنا للخارج والحفاظ عليهم وتشجيعهم للبقاء داخل الوطن كما جاء على لسان د.محمد الطيب مساعد وزير التعليم العالي، فقد راودتنى بضعة أسئلة: لمن تقدم هذه الخدمة التعليمية الخاصة؟ وأى الطبقات فى مجتمعنا تستطيع تحمل المصروفات التى يبلغ المعقول منها 14 ألف جنيه استرلينى كل عام مع زيادة سنوية تبلغ 10%، وماذا يستفيده الوطن فعلاً من هذا النوع من التعليم؟ وما هو العائد الاقتصادى الذى يعود على الدولة من هذا التعليم هل تشارك مثلاً الجامعات الأجنبية فى أرباحها أم إنه بيزنس خاص بأصحابه؟
يمكننا تخيل الإجابات الموجعة، فالفقير فى هذا البلد حتى لوكان متفوقا لن يحصل على التعليم اللائق ولن يتمكن من تحقيق طموحاته. وكل ما يمكنه تحصيله هو الالتحاق بالتعليم الحكومى المكدس بالبشر الروتينى التلقينى الذى لا يبعث على الإبداع.
أما خريج الجامعات الأجنبية الذى أنفق على تعليمه الملايين فستكون الأبواب مفتوحة أمامه وسيهرع للعمل بالخارج أو فى جهات أجنبية تعمل بمصر تليق بتعليمه وتقدره مالياً فلا تنتظروا ان يسعى هذا الخريج للتوظف فى جهة محلية مهما ارتفعت أجورها.
من حق الفقير المتفوق ان يحصل على نصيبه من التعليم الجامعى اللائق، ومن واجب الدولة التى تمنح التسهيلات السخية للجامعات الأجنبية ان تفرض عليها نسبة من المنح المجانية للطلاب المتفوقين الحاصلين على مجاميع فى الثانوية العامة ربما أعلى مما تقبله لطلابها لكنهم لا يطيقون هم أو ذووهم دفع المصروفات الباهظة. وعلى الدولة ان تفرض رقابتها الأكاديمية على نوعية التعليم الأجنبى للتحقق من جودته وجدواه لنا، حتى لا يتحول إلى بيزنس يعتمد على سمعة الخواجة دون ان يستفيد طلابنا منه خاصة وان ثلث الأساتذة فقط أجانب والباقى مصريون كما جاء على لسان احد رؤساء تلك الجامعات، بل انه لا تنسيق أو رقابة لنا على المناهج الدراسية والأمر متروك لرؤية وضمائر القائمين على تلك الجامعات.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة