ولادة في ساعة «هروب من الموت» 
ولادة في ساعة «هروب من الموت» 


حكايات| رضيع وسط الأمواج.. ولادة في ساعة «هروب من الموت»

عبدالله علي عسكر

السبت، 23 نوفمبر 2019 - 04:35 م

 

الظلام سيد الموقف، الأمواج تخطف ناجين وأمواتا وقوارب من كل مكان، كان مختبئا في بطن أمه لم يأذن له القدر بالخروج، ساعة من الرعب والخوف والأسى سيطرت على الأم أيقنت فيها الهلاك.. للقصة بداية لكن لم تكتب لها النهاية. 

 

جنين لا يملك قرار، تسحبه أمه أينما ذهبت أو حطت، مصيره مصيرها، طعامه من قوت ما قدر أن يدخل فمها، إن عاشت كانت له الحياة وإن كان غير ذلك فقد ذهب في غيابات الموت، في يوم قررت أم الهروب من الصراع في ليبيا، حاولت الفرار من الموت لكنها تعلم أنها قد تفر من موت محتمل إلى موت مؤكد أن علت أمواج طريقها بما لا يشتهي قاربها البسيط. 

 

القصة ليست دربا من الخيال، لكنها حقيقة لم تمر عليها سوى ساعات قليلة لم يكمل عددها اليوم الواحد، فضمن آخرين فاض بهم الكيل في بلادهم، قررت سيدة على مشارف وضع وليدها أن تخوض رحلة الموت وسط أمواج المتوسط العاتية، للوصول إلى شواطئ أوروبا، حسبما ذكرته منظمة الهجرة الدولية.

 

ركب المهاجرون قاربا بسيط الصنع لا يقوى على غضب البحار، وعلت فوقه الأمواج، بينهم كانت سيدة أوشكت بطنها أن تطرد وليدها نحو الحياة، فحسب بيان لمنظمة الهجرة الدولية نشرته وكالة «رويترز» أنها «رصدت خلال 48 ساعة تسع سفن على الأقل تنقل أكثر من 600 مهاجر من ليبيا على طريق المتوسط الأوسط».


بين السفن العشرة التي تحمل 600 شخص، ربما لم يصل سوى عدد قليل منهم إلى شاطئ النجاة، كما يتوقعون، حيث يرميهم الموج أحياءَ أو أمواتا على أحد سواحل أوروبا، فكل ذلك مأساة تتكرر حتى يبدو أن المجتمع الدولي ألف سماعها.

 

الكل يستقل قوارب الموت كما يطلقون عليها وهم موقنون أنها رحلة حظ مصيرها لا يتخطى أمور أربعة «الموت غرقا، أو الاحتجاز في السجون، أو بيعهم كرقيق أو الوصول إلى شواطئ أوروبا والانتقال لحياة جديدة».

 

سفن الانقاذ في عرض البحر المتوسط، رمقت من بعيد أناس يستسلمون لخطف الموت وسط المياه، بدأت في مهمتها، فتمكنت من إنقاذ العشرات منهم، بينهم كان أطفال و10 نساء، بين النساء كانت سيدة تتأوه وتتألم اعتقدوا أنها أصابها الخوف من هول المشهد.

 

زاد صراخ السيدة التي اكتفت «رويترز» بوصفها بأنها «سيدة أفريقية»، اقترب منها المنقذون أكثر حتى أيقنوا أنها في حالة وضع، تركها بعضهم لاستكمال مهمتهم، بينما آخرون ظلوا معها حاولوا تقديم الإسعاف الممكن حتى خرج الرضيع صارخا من ظلام البطن ليجد نفسه في ظلام وسط مياه البحر.

 

مصير الأم ورضيعها والناجون معهما لا يزال غامضا مثل الآلاف غيرهم، كتبت لها سفن الإنقاذ حياة أخرى، فإما أن تسمح أوروبا باستقبالهم أو يعودوا إلى ليبيا في مراكز احتجاز اتهمتها تقارير لمنظمات دولية بارتكاب انتهاكات تعذيب وعنف جنسي.. 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة