قصص وعبر
قصص وعبر


قصص وعبر| رضا ضحية «المحشي»

علاء عبدالعظيم

الأحد، 24 نوفمبر 2019 - 07:47 م

جلست الزوجة تفترش أرض المطبخ منهمكة في إعداد وجبة الغداء "المحشي"، بنشاط وسرعة قبل أن يستيقظ زوجها، معتقدة بأنه سيوجه لها كلمات الثناء والحب، ولم تكن تعلم بأن أهل قريتها سينعونها بكلمات التأبين والحزن بعد أن أصبحت ضحية "المحشي".


انتفضت الزوجة من مقعدها على صوت زوجها الأجش والذي اعتاد معاملتها بسوء مستغلا حبها له وطيبة قلبها، يطلب منها أن تحضر له وجبة الإفطار، الابتسامة عريضة يشوبها خوف توضح له بأنها تقوم بإعداد وجبة الغذاء حيث الساعة الثالثة عصرا، وهي على وشك الانتهاء من طهي "المحشي"، وانصرفت معتقدة ارضاءه، لكنها فوجئت به يعلو صوته ويسبها وينهرها ويتهمها بعدم الاهتمام به، وإجبارها على توفير أي طعام، فما كان منها إلا أن توجهت إلى المطبخ وأحضرت له بقايا طعام اليوم السابق في محاولة لإرضاء وخوفا من التأبين والسب الذي اعتادت عليهما.


انحنت الزوجة بأدب شديد وخوف تقدم له الطعام، وما إن وقعت عيناه عليه انفجر كالبركان، وانطلقت شرارات الغضب من عينيه يسبقها كلمات السب والقذف والإهانة يتهمها بأنه ليس قطة أو حيوان كي يأكل طعام "بايت"، ونشبت بينهما مشادة كلامية يمطرها بكلمات التوبيخ وعدم التقدير، ولم يبال دفاعها عن نفسها مرددا: "انتي جايبة ليا أكل بايت"، وباءت محاولاتها بالفشل في إقناعه بأن ذلك الطعام مجرد "تصبيرة" بإلحاح واتهامها بالتقصير.


وتطورت المشادة الكلامية بينهما إلى الاعتداء عليها بالضرب المبرح، وتساقطت دموع اليأس على وجنتيها، وتوجهت إلى والد زوجها تشكو له سوء معاملة ابنه لها واعتداء عليها بالضرب، وقسوتها المعتادة.


علم الزوج بما فعلته، وتوجه إلى المنزل ينكرها بكلمات التوبيخ مرة أخرى، وأنه ليس طفلا صغيرا كي تشكوه، ولم تراود نفسه ولو لبرهة، وأمسك بسلاح ناري "خرطوش" وأصابها بطلقة في الصدر سقطت على إثرها جثة هامدة غارقة في الدماء.


وفر الزوج هاربا داخل الزراعات، وتمكن رجال المباحث من مطاردته، وألقوا القبض عليه وبحوزته السلاح الناري، وذكر في أقواله بأنه بعد أن استيقظ من نومه، طلب من زوجته إحضار طعام له، لكنها طلبت منه الانتظار لحين انتهائها من إعداد وجبة الغذاء "المحشي"، وأنها قدمت له طعام اليوم الذي يسبقها "أكل بايت" مما اعتبره إهانة له وتقليل من شأنه، ونشبت بينهما مشادة كلامية، وانتهت بالاعتداء بالضرب المبرح، وأنه اشتاط غيظا عندما علم بأنها ذهبت لأبيه تشكوا له من سوء المعاملة، ونشبت بينهما مشادة أخرى أطلق على إثرها طلقة خرطوش فأرداها قتيلة.


جاءت التحريات بصحة أقوال الزوج، وأحيل من قبل النيابة إلى محكمة جنايات الزقازيق بتهمة القتل العمد، لزوجته وتدعى رضا، دون سبق إصرار أو ترصد.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار أحمد سليمان الجمل، وعضوية المستشارين أسامة الحلواني، وباسم جاويش، السكرتارية تامر عبدالعظيم، وقلبي صبحي بالسجن لمدة 10 سنوات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة