محمد سعد
محمد سعد


أمنية

جون قلبه أبيض

محمد سعد

الأحد، 24 نوفمبر 2019 - 07:49 م

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا» (الأحزاب: 69)، نهى الله عن التنمر فى الاسلام وأورد العديد من الآيات التى تدعو المسلمين إلى اجتناب هذا الإثم العظيم ، ومؤكد أن الله دعا إلى نبذ التنمر فى التوراة والإنجيل، قبل ما يزيد على الـ 2500 عام، لكننا اليوم لا نزال نؤمن بمبادئ الجاهلية الأولى التى تحض على الكراهية والتميز بين البشر وبعضهم.
بالأمس القريب كان جون منوت شول - من جنوب السودان - كعادته كل صباح ذاهبا إلى مدرسته شارلس لوانقا بالعباسية التابعة للكنيسة الكاثوليكية عندما استوقفه 3 شبان، رغمًا عنه وأجبروه على التقاط فيديو وهم يسخرون من مظهره ويتهكمون عليه، وقالوا له: «يا شيكولاتة أنتو احتليتو البلد» وعندما رفض الصبى التصوير قام الأشقياء بضربه وانتزعوا منه حقيبة المدرسة وأخذوا يفتشونها، ومزقوا الكتب، ولولا عناية الله لكن الأمر تطور فقد مر بالصدفة رجل كبير أنقذ الصغير من بطش الجبارين، وأبعدهم عنه.
مضى الضحية لمدرسته وكأن الواقعة لم تحدث لأنه تعود على مثل هذه المضايقات من الهلافيت، لكنه فوجئ بعد عدة أيام، بذات الشبان يحضرون إليه ، ويجبرونه مرة ثانيةً على تصوير فيديو، ويقولون له: «قل إننا كنّا بنهزر معاك وإحنا أصدقاؤك، ولو عاوز فلوس قل ، ليرد عليهم ببراءة الاطفال: «مش عاوز فلوس، عاوزكم تحترمونى «.
استمر جون على أخلاق الفرسان وذهب إلى النيابة وتنازل عن بلاغه وقال للمحقق: «هتنازل علشان هما زى إخواتى.. وأنا بحب مصر»، ولا أحب إثارة المشاكل ، كما أننى أشعر بأننا كلنا واحد مصريون وسودانيون، وأضاف للمحقق: أننى مولود فى عزبة مكاوى بحدائق القبة عام 2004 ولم أزر بلدى أبدا وأعتبر نفسى مصريا خالصا، وأن ما حدث «شئ عابر كان ماضيا وانتهى ولابد أن ننساه جميعا» .
ربما ينسى جون أمام الناس تلك الواقعة الأليمة أو ربما يهرب منها ولكن بينه وبين نفسه من المؤكد سيظل الحادث حبيساً داخل ضلوعه لن ينساه أبدا، والدليل على ذلك قوله انه عندما يبلغ عتيا سيعمل فى مجال حقوق الانسان ويدرس القانون، لكى يدافع عن كل المظلومين وبالأخص الذين يتم التنمر بهم فى الشوارع،
جون الفتى الأسمر صاحب القلب الأبيض تنازل عن بلاغه وتناسى واقعة التنمر به وقبل الدعوة لحضور منتدى شباب العالم لكى يثبت أننا نعيش بسلام فى وطن واحد لا فرق فيه بين أبيض وأسود ولا بين نحيف وبدين ولا قزم وعملاق لكن الواقع أن هناك الآلاف مثل جون يعانون التنمر والتحقير والإقصاء من قلة من السفهاء، مرضى نفسيون يتخيلون أنهم ملكوا الأرض بما رحبت، نحتاج إلى قانون رادع وصارم يقتص من المتنمرين ويضعهم فى قالبهم الصحيح.
مسك الختام
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى، أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ « (الحجرات: 11).

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة