كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

هل الموت أفضل من الحياة؟

كرم جبر

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019 - 07:47 م

حتى لو كانت حوادث قليلة للانتحار، يلف فيها شاب حزام ديناميت حول وسطه، ويفجر نفسه فى أبرياء.. فمعناه غيبوبة الوعى.
لأن من ملأ رأسه بأن الموت أفضل من الحياة، وأن الجنة تنتظره وحور العين ومجالسة الأنبياء والصالحين.. نجح فى مسح عقله، كشيطان رجيم وليس رجل دين.
الأديان لإسعاد البشر، وتفجر فيهم طاقات الحياة والمحبة والسلام، ويدخل المجتمع دائرة غيبوبة الوعي، إذا طفا على سطحه من يوظفون الأديان فى الشر.
الذى يقنع شاباً بأن حزام الديناميت فى الدنيا، هو إكليل زهور فى الآخرة، ويوظف فقر وهموم الغلابة ثرواتاً تملأ كرشه، ويركب أفخر السيارات.. هو نفسه من يرسل أولاده للتعليم فى أوروبا وأمريكا، ويبعث أولاد الفقراء إلى جهنم، ابنه يتزوج أوروبية وأمريكية ويحصل على الجنسية، وأولاد الغلابة إلى سوء المصير.
غيبوبة الوعى ليست فقط فى شياطين تعبث بالأديان.
وبماذا تفسر انتشار الكذب والخداع والزيف، وسطوع الشائعات وإضعاف الهوية الإنسانية، واستحلال ما ليس لك، وغروب شمس القيم وأفول الأخلاق والضمير؟
حتى لو كانت حالات قليلة، فإن من ينظر للكنيسة على أنها أقل مرتبة من المسجد، أو أن الملتحى أكثر إيماناً من غيره، أو المنتقبة طريقها مفروش إلى الجنة، أو أن الأديان لا تعترف بقدسية الأوطان.. فمعناه غيبوبة الوعي.
الغيبوبة أن تبحث فى الأشياء الجميلة عن قبح، وفى الحسنات عن سيئات، وفى الخير عن شر، وأن يُضبط العقل على موجات سلبية، وتخلق شكوكاً وفقدان ثقة فى كل شيء.
>>>
يركز صناع الغيبوبة على حروب التشكيك.. مثلاً.. لماذا يبنى الرئيس مسجداً وقصوراً رئاسية؟.. مع أنهم يزعمون أنهم «بتوع ربنا»، ويبنون الزوايا العشوائية فى الأحياء الشعبية، لتوظيف الجهل فى السيطرة على وعى الناس.
لو خاف السابقون، ما بُنى الأزهر ولا الحسين ولا قصر القبة ولا القلعة ولا مسجد المشير، ولصارت المدن حدائق أسمنتية، لا يعلو فيها أذان من بيت رائع يليق بعظمة بيوت الله.
لماذا لم تذهب عيونهم إلى المساكن الأنيقة التى كانت خرابات، تعشش فيها الثعابين بجوار الإنسان، وأن الدولة التى تبنى المساجد لإعلاء صوت الأذان، هى نفسها التى تتخلص نهائياً من العشوائيات، لتعيد الإنسانية إلى الإنسان؟
>>>
صناع الغيبوبة أساتذة فى الكذب، وتنجح بضاعتهم إذا صدقهم بعض الناس.
علمياً: الوعى هو علاج الغيبوبة، لحماية عقول الناس من هيمنة الإنسان على الإنسان، وإحياء «العقل»، وهو الميزة الكبرى التى يميزه بها الله عن سائر الكائنات الحية الأخرى.
«وَعَى» يعنى «انتبه»، والغيبوبة تحكم على المجتمع بعدم سلامة الإدراك، واليقظة تتطلب نقل الواقع بالحقائق، وعدم تركها رهينة للزيف والخداع.
صناع الوعى: أولهم الإعلام، شرط أن يمتلك هو نفسه أسلحة الوعي، وأن يطرق أبواب الواقع ولا يجرى خلف ذيول الغيبوبة، ولا يسهم فى تضليل الأفكار.
قالوا: الإعلام مثل النار، إما أن يشع الدفء أو يشعل الحرائق.
«وللحديث بقية»

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة