ماريا أوكتيابرسكايا «المرأة الدبابة».. أشعلت الحرب العالمية وفاءً لزوجها
ماريا أوكتيابرسكايا «المرأة الدبابة».. أشعلت الحرب العالمية وفاءً لزوجها


حكايات| ماريا أوكتيابرسكايا «المرأة الدبابة».. أشعلت الحرب العالمية وفاءً لزوجها

أحمد الشريف

الجمعة، 29 نوفمبر 2019 - 12:13 م

نحن قتلى أنفسنا، الآخرون والظروف مجرد شماعة نضع عليها يأسنا وضعفنا وجبننا في بعض الأحيان، وهناك نماذج خلدها التاريخ طوعت كل الظروف الصعبة لمصلحتها، وحاربت كل الحقراء الذين صادفتهم بسيف الشجاعة المرصع بالحب والرحمة، ماريا أوكتيابرسكايا المقاتلة في جيش الاتحاد السوفيتي إحدى تلك النماذج التي سطرت شجاعتها في تاريخ الحرب العالمية الثانية دون شك.

 ماريا التي فقدت زوجها في الحرب العالمية الثانية حيث كان ضابطا بالجيش الأحمر يقاتل في الجبهة الشرقية للاتحاد السوفيتي عام 1941، حينما دخل الاتحاد في الحرب الوطنية العظمى كما يسميها السوفيت، وذلك بعد قصة حب عنيفة نشأت بينها وبين زوجها عام 1925، ولشدة حبها له أصبحت ماريا مهتمة للغاية بسلوك زوجها، وانضمت إلى مجلس الزوجات العسكري وحصلت على تدريب كممرضة في الجيش، وبعد فترة وجيزة تعلمت كيفية استخدام الأسلحة والقيادة، وهو أمر نادر الحدوث بالنسبة للنساء في ذلك الوقت.

 
الدبابة حبيبة القتال


بعد عامين قضتهما في سيبيريا عقب إجلائها بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية برفقة عدد آخر من المواطنين إلى منطقة أخرى أكثر أمنًا، واستقرت آنذاك في إقليم تومسك في سيبيريا، أتت الأخبار من جبهة القتال، بوفاة زوجها في قتال ضد القوات النازية بالقرب من كييف.

 

ولأن الحب وقود الروح، والشجاعة هي جناحيه، استجمعت ماريا قوتها، وانتشلت نفسها من مشاعر الحزن واليأس، وكتبت رسالة إلى رأس الدولة في حينها جوزيف ستالين القائد الأعلى للاتحاد السوفيتي بذاته، وجاء نصها كالتالي: قتل زوجي أثناء تأدية واجبه دفاعا عن الوطن الأم، أريد الانتقام من الكلاب الفاشية التي قتلته وقتلت الكثير من أبناء الشعب السوفيتي، لقد أودعت جميع مدخراتي الشخصية 50 ألف روبل في البنك الوطني ووهبتها لبلدي من أجل صنع دبابة، أرجو منكم تسمية الدبابة Fighting Girlfriend «حبيبة القتال»، وإرسالي إلى الخط الأمامي كسائقة للدبابة»..

 

قبول طلب ماريا

«ستالين»، ما إن استلم الرسالة لم يجد أمامه خيار سوى قبول طلب ماريا، كما أن لجنة الدفاع عن الدولة نصحته بأن هذه الخطوة يمكن أن يكون لها عظيم الأثر في رفع معنويات القوات المنهكة والشعب اليائس.

 

وبالفعل انضمت ماريا إلى القوات وتلقت 5 أشهر من التدريب من أجل إتقان مهارات تشغيل الدبابة T-34، وبعد ذلك تم نقلها إلى لواء دبابات الحرس في الـ26 من سبتمبر 1943، وسرعان ما شاركت في معركة «سمولينسك الثانية».

 

 

سخرية وشجاعة امرأة

انضمام ماريا إلى القوات وبين طواقم الدبابات الأخرى، كان مثار سخرية وينظر إليه كعرض دعائي فقط، ولكن ماريا التي وضعت هدفها نصب عينيها حاملة في قلبها كل مشاعر الانتقام لزوجها ولكل أبناء الشعب السوفيتي، أثبتت خطأ الجميع، ووطأت على سخريتهم بحذائها مع أول معركة لها، حيث أظهرت مهارات في المناورة بالدبابة غير عادية، وساعدت في تحييد أوكار المدافع الرشاشة ومواقع المدفعية وإبطال مفعولها.

 

وقبل أن تتقدم داخل صفوف العدو وتتعرض دبابتها لأضرار بليغة، الأمر الذي تطلب خروجها من برج الدبابة تحت النيران الكثيفة، والنزول لإصلاح دبابتها بنفسها بعد أن قام رفاقها بتغطيتها بالنيران حتى تنتهي وتقفز إلى دبابتها مرة أخرى لتعاود القتال بشراسة أكبر، وهو الأمر الذي تكرر مرة أخرى بعد شهر من هذه الواقعة في معارك مدينة نوفوي سيلو في منطقة فيتبسك، ما أدهش قادتها ورؤساءها فتمت ترقيتها لرتبة رقيب.

 

وللمرة الثالثة تكرر نفس الأمر بعد شهرين من معركتها الثانية، وأصيبت دبابتها ونزلت لإصلاحها ونجحت في ذلك، ولكن خلال صعودها إلى الدبابة أنطلقت قذيفة مدفعية استهدفت موقعها من القوات النازية فسقطت على الفور بعد إصابتها في رأسها بشظايا، وتم نقلها إلى مستشفى ميداني عسكري بالقرب من كييف، حيث أمضت شهرين في غيبوبة قبل أن تفارق الحياة في 15 مارس 1944.
 

قصة ماريا أوكتوبرسكايا، وشجاعتها خلال الحرب وتضحياتها ووفاؤها لزوجها لم تهذب سدى، وتم إعلانها بطلة من أبطال الاتحاد السوفيتي بعد وفاتها وتم بناء تمثال لها تقديرا لها ولأنها ألهمت بشجاعتها الآلاف من النساء للانضمام إلى القتال وتقديم مساهماتهن لخدمة بلادهن.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة