جانب من الحوار - تصوير: أيمن حسن
جانب من الحوار - تصوير: أيمن حسن


حوار| الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء: مصر تنطلق لعالم استكشاف الفضاء.. وأول رائد مصرى بعد 6 سنوات

مصطفى محمد عبده

الأحد، 01 ديسمبر 2019 - 01:16 ص

- أرباح صناعة الفضاء تتخطى 150 مليار  دولار.. ونخطط لاقتحام هذا المجال
- مركز تجميع الأقمار الصناعية نقلة كبيرة..وإطلاق «ايجيبت سات 2» عام 2022 بتكنولوجيا مصرية 100%
- البرنامج الوطنى للفضاء جاهز للعرض على الرئيس


خطوات ناحجة حققتها مصر خلال الفترة الأخيرة فى مجال الفضاء، توجت هذه الخطوات بإطلاق القمر الصناعى المصرى «طيبة1» للاتصالات، وهذا النجاح هو بداية للانطلاق إلى الاقتصاد القائم على صناعة الفضاء، والذى يشكل 14% من الناتج المحلى ببعض الدول الصناعية الكبرى، «الأخبار» حاورت د. محمد القوصى الرئيس التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية للتعرف على خطط الوكالة لتوطين تكنولوجيا الفضاء والدخول فى معادلة اقتصاديات الفضاء، د. القوصى كشف عن ملامح البرنامج الوطنى للفضاء، وموعد تخريج أول رائد فضاء من الوكالة المصرية، كذلك موعد اطلاق القمر الصناعى المصرى «ايجيبت سات2»، وأعلن عن طبيعة ومهام مركز تجميع الأقمار الصناعية، وكشف تفاصيل مبادرة قمر التنمية الأفريقى.

> بداية.. الصناعات القائمة على اقتصاديات الفضاء تحقق أرباحا ضخمة.. كيف نخطط للاستفادة من ذلك؟
إن الاقتصاديات القائمة على صناعة الفضاء تحقق أرباحا تصل إلى 150 مليار دولار، وكل الدول ونحن من بينها تسعى أن يكون لها نصيب من هذا الكم الهائل من الدخل وأن نكون حاضرين فى هذه المعادلة، وصناعة الفضاء لا يأتى دخلها الأساسى من تصنيع الأقمار الصناعية أو من صناعة صواريخ إطلاق الأقمار، ولكن يأتى من الخدمات التى تقدمها الأقمار إلى الجهات المختلفة، وحوالى 54% من الدخل الذى يأتى نتيجة تقديم الخدمات، وبمعنى أدق الدولة التى تصنع القمر لا تحقق أرباحا توازى الأرباح التى تحققها الدولة التى تقوم بشرائه وتشغيله، ولو أخذنا مثالا سنجد أن القمر الصناعى المصرى ستالايت يقدم خدمات البث التليفزيونى، وبالتالى يدر دخلا لمصر.
عوائد كبيرة 
 ونحن نتحدث عن عوائد تقديم الخدمات.. ماذا عن القمر الصناعى المصرى طيبة1؟

القمر الصناعى طيبة 1 للاتصالات وتقديم خدمات الانترنت سيحقق عوائد كبيرة سواء من خلال الخدمات الذى سيوفرها للمواطنين فى مصر أو فى الدول العربية والأفريقية، وما يهمنا حاليا هو العائد غير المباشر من إطلاق «طيبة 1»، والذى ينعكس بايجابية على التنمية المجتمعية، وهذا العائد سيصب فى اتجاه التعليم، وسيوفر خدمات التعليم عن بعد بواسطة الانترنت للمقيمين فى المناطق النائية، من خلال شاشات تفاعلية مرتبطة بالمعامل الموجودة فى محافظاتهم، فالطالب سيكون فى تفاعل مباشر من داخل المعامل، وإذا نظرنا إلى الارتقاء بالتعليم وتقديم خدمة تعليمية جيدة على أسس سليمة، فهذا عائد لا حدود له، ويجب أن نعلم أن تكلفة اطلاق قمر صناعى ليست بالسهلة، فالنظام الفضائى يتكون من القمر، والصاروخ الذى سيحمل القمر، والمحطات الفضائية المسئولة عن التشغيل والتحكم، إضافة إلى نقطة أخرى مهمة جدا وهى التأمين على القمر لحظة انفصاله عن الصارخ ولحظه استقراره فى مداره، كما يتم التأمين على الصاروخ، وهناك تكلفة أخرى وهى الخاصة بالاطلاق، فالكليو جرام الواحد داخل الصاروخ يتكلف 35 ألف دولار، فما بالنا بقمر وزنه 5 آلاف و600 كيلو جرام، فتكلفته تصل إلى 150 مليون دولار.

 وماذا عن الخدمات الأخرى لـ «طيبة»1؟
المحور الثانى وهو لا يقل أهمية عن التعليم، هو الصحة، وبالتحديد منظومة التأمين الصحى الشامل، فمن خلال «طيبة1» ستتوافر شبكات الانترنت والربط لكل أطراف المنظومة سواء المستشفيات فيما بينها أو القائمون على إدارة الخدمة، وهو ما سيسهل على المريض تلقى خدمة التأمين الصحى فى أى محافظة يتواجد بها، وحصول المواطنين على الخدمة الصحية فى أى مكان لا يقدر أيضا بثمن، كذلك خدمة أهداف الدولة فى التحول الرقمى، وهو ما سيقضى على طوابير الانتظار فى المصالح الحكومية، وسيتمتع جميع المواطنين فى المناطق النائية بخدمات الانترنت أسوة بسكان العواصم.
بناء القدرات أحد العناصر المهمة لتوطين تكنولوجيا الفضاء.. ماذا تم فى هذا الشأن؟
نجحنا الفترة الماضية فى إعداد كوار متميزة، ففيما يخص مركز تجميع الأقمار الصناعية قمنا بإرسال 20 مهندسا إلى الصين، حصلوا على دوارات تدريبية ومشاهدات حية لعملية تجميع واختبار الأقمار الصناعية، ومع استكمال إنشاء مركز تجميع الأقمار سيأتى الخبراء الصينيون لتعليم أولادنا عمليا استخدام المعدات، وبالتالى سيكون لدينا قاعدة جيدة من المهندسين والكوادر المصرية القادرة على تشغيل هذا المركز، ولو نظرنا إلى مشروع «طيبة1» فاثناء بنائه فى فرنسا كانت هناك مجموعة متميزة من أبنائنا تعلموا جيدا كيفية التشعيل والتحكم فى القمر، وجميع العاملين فى المحطات الأرضية الموجودة فى مصر، والتى ستتعامل مع «طيبة 1 « كوادر مصرية 100% دون الاستعانة بالخبرة الأجنبية.
تجميع الأقمار 
بالحديث عن مركز تجميع الأقمار الصناعية، ما طبيعته، والاضافة التى يحققها لمصر فى مجال الفضاء؟

مركز تجميع الأقمار الصناعية هو الأول من نوعه فى المنطقة العربية والثانى إقليميا، ويجرى إنشاؤه بالتعاون مع الصين داخل المدينة الفضائية عبارة عن بيئة تحاكى البيئة الفضائية، من حيث درجات الحرارة المرتفعة والبرودة الشديدة لاختبار صمود القمر الصناعى بعد تصنيعه حتى لا نتعرض لمشكلة أن نطلق قمرا صناعيا ثم يتسبب التباين فى الأجواء فى سقوطه، وسيتم الانتهاء من البنية التحتية للمركز الشهر القادم، ويتم الانتهاء من تركيب الاجهزة ومعدات التشغيل مايو 2020، ويتيح هذا المركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية حتى وزن 700 كيلو ثم ينقل إلى محطة الإطلاق، وهو ما سيحقق عوائد كبيرة لمصر.
ما حجم الكوادر التى نمتلكها حاليا فى هذا المجال؟
حاليا لدينا 106 متخصصين فى كل الأنظمة الفرعية المكونة للقمر، وتم بناء وتصميم وتصنيع القمر المصرى «كيوب سات 1»، والذى أطلق فى أغسطس الماضى، كذلك القمر «كيوب سات 2» الذى أطلق سبتمبر الماضى بواسطة المهندسين المصريين الموجودين بوكالة الفضاء المصرية، دون الاستعانة بأى خبرة أجنبية، فكانت العملية كلها مصرية 100% بدءا من التصميم حتى التصنيع، باستثناء الاختبارات البيئية، فتمت فى اليابان.
 نعتقد أن عملية إعداد الكوادر أمر صعب، لكن الحفاظ عليها أمر أصعب.. كيف تتحقق المعادلة؟
ما يحكم هذه الكوادر هو آليات السوق، والسفر إلى الخارج دافع كبير ودائم لدى الشباب، ولا يحدث هذا فى مجال الفضاء بل فى قطاعات أخرى عديدة، ولا توجد قيود فى القانون المصرى تحكم تواجد هذه الكوادر لمدد طويلة، والتنافس فى تقديم المميزات هو ما يضمن الحفاظ على من تم إعدادهم، وأؤكد أن الوطنية التى يتمتع بها شبابنا والانتماء والايمان بقيمة ما يقدمونه، هو ما يحسم دائما المسألة لصالحانا عند ظهور أية متغيرات، فمعظمهم متواجد هنا فى منذ أكثر من 15 عاما ويرفضون العروض التى تقدم إليهم.
 وماذا عن التنسيق مع الجامعات لتخريج كوادر قادرة على التعامل مع علوم الفضاء؟
بالفعل هناك تنسيق تام مع الجامعات منذ 2016، وتم الاتفاق على التوسع فى انشاء برامج دراسية لتكنولوجيا الفضاء، ولقد نجحنا الفترة الماضية بالتنسيق مع الجامعات فى تصنيع قمر من نوعية «cube sat» بالتعاون مع الجامعات.
استكشاف الفضاء
 هل ضمن خطط الوكالة الاتجاه نحو استكشاف الفضاء؟
نعم، بحكم قانون الوكالة ومهامها، فقد انتهينا من وضع برنامج الفضاء الوطنى، وهذا البرنامج تم إعداده وسيتم تنفيذه على مدار عشر سنوات، مقسمة إلى ثلاث مراحل المستقبل القريب والمتوسط والبعيد، وكل مرحلة منها تستغرق ثلاث سنوات، وهذا البرنامج سيتم عرضه على الرئيس السيسى قريبا للتصديق عليه بحكم ما جاء فى قانون إنشاء الوكالة، وهذا البرنامج يتضمن تعظيم قدرة الوكالة على استكشاف الفضاء والتواجد فى المحطة الفضائية، وأن يكون لديها رواد فضاء يصعدون إلى المحطة الفضائية لتأدية مهام علمية.
ومتى يتم البدء فى تنفيذ هذا البرنامج؟
سيتم البدء فى تنفيذه العام القادم 2020 على مراحل كما ذكرت.
ومتى نرى رائد فضاء مصريا من خريجى الوكالة فى المحطة الفضائية؟
خلال 6 سنوات من الآن ستقوم الوكالة بتخريج أول رائد فضاء مصرى.
قضايا مهمة 
 هل سيكون لنا دور فى ايجاد حلول لمشكلة الحطام العالق فى الفضاء؟

عندما نتحدث عن استكشاف الفضاء فنحن نضع على أجندتنا عددا من الموضوعات المهمة من بينها المشاركة فى بحوث الحطام الفضائى الذى يتزايد يوما بعد يوم نتيجة كثرة إطلاق الأقمار الصناعية، فنسعى لايجاد حلول لإزالة هذا الحطام العالق فى الفضاء، والذى تشير الدراسات إلى تأثيره بالسلب على إطلاق الأقمار الصناعية فى المستقيل.
ما المشروعات المخطط لإطلاقها مستقبلا؟
بعد نجاح إطلاق طيبة 1 سنبدأ فى العمل خلال 5 سنوات لبناء «طيبة 2» ليدخل الخدمة بعد انتهاء العمر الافتراضى «لطيبة 1» وتحوله إلى حطام فضائى، ليقوم باستكمال مهامه فى مجال خدمات الاتصالات والانترنت، وفى مجال مراقبة الأرض والاستشعار عن بعد فلدينا برنامج طموح جدا مكون من عدة أقمار سيتم إطلاقها خلال السنوات القادمة، ففى منتصف 2020 سيتم إطلاق قمر التحالف، وهو للاستشعار عن بعد، كما تم البدء فعليا فى تصنيع القمر المصرى «إيجبت سات 2»، وهو قمر للاستشعار عن بعد وزنه 330 كيلو، وهو ممول بمنحة من الحكومة الصينية، ومخطط لاطلاقه 2022 بتكنولوجيا مصرية 100%.
ماذا عن التعاون مع أفريقيا، وأهداف مبادرة قمر التنمية الأفريقى؟
وكالة الفضاء المصرية تدعم استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، وتدعم استراتيجية مصر فى أفريقيا، وإعادة دور مصر الوطنى والتنويرى والقيادى فى القارة، وبرنامج الفضاء المصرى لا تقتصر خدماته على مصر فقط بل تمتد للدول العربية والأفريقية، فخدمات «طيبة 1» موجهة لكافة الدول الأفريقية ويقدم الدعم الكامل لها فى مجال الاتصالات والانترنت، وانطلاقا من رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، فقد تم إطلاق مبادرة بناء قمر التنمية الأفريقى بمشاركة 8 دول هى: «مصر، السودان، المغرب، غانا، نيجيريا، أوغندا، كينيا، بتسوانا».. ويهدف المشروع إلى تطوير منظومة فضائية بالاعتماد على الإمكانيات المتوافرة فى البلدان المشاركة بالمشروع بحيث يطور كل فريق نظاما محددا فى القمر الصناعى على أن تتم عملية التجميع والاختبارات فى مركز تجميع واختبارات الأقمار الصناعية بمقر الوكالة، كما يهدف إلى مراقبة انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهر الاحتباس الحرارى وتأثيرها على دول القارة السمراء، وقد عقد الاجتماع التنسيقى الأول لتنفيذ المبادرة الخميس الماضى بحضور وفود الدول المشاركة فى المبادرة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة