محمد سعد
محمد سعد


أمنية

خديجة عفيفى.. سلامتك

محمد سعد

الأحد، 01 ديسمبر 2019 - 07:12 م

هى أستاذتى وواحدة ممن علمنى فى الصغر وصاحبة فضل على أجيال عدة، رأيتها أول مرة عند التحاقى بالأخبار قبل خمسة عشر عاما وكانت وقتها تشغل منصب رئيس القسم القضائى بالجريدة.
يوم الأحد الحادى عشر من ديسمبر كان موعد لقائى الأول معها داخل مكتبها بالمبنى الصحفى، دلفت إليها وقابلتنى بابتسامتها المعهودة وقدمت لى بعض القهوة ثم سألتنى أين أسكن؟ وحين علمت بمحل موطنى اختارت لى أقرب اختصاص لمحل سكنى، وأذكر حينها أنها عهدت بتدريبى إلى ألمع المحررات فى الملف القضائى حينها الأستاذة خديجة عبد الكريم أطال الله عمرها.
بعد دقائق من لقائنا الأول اصطحبتنى إلى مكتب الأستاذ محمود عارف شيخ مشايخ محررى التعليم كى تسأله عن وضع زملائى المنقولين من القسم القضائى إلى قسم التعليم حتى يتسنى لى بدء التدريب، وبادرها الرجل ببعض قطع الحلوى وسرعان ما عادت بى إلى القسم وتخبرنى أننى سأبدأ من الغد العمل بالملف القضائى.
بعد اللقاء الأول كنت أتعجب كيف لهذه المرأة الارستقراطية التى تقطن حى مصر الجديدة وتجيد التعامل بأخلاق الهوانم أن تتردد على دور العدالة وتقف وسط المجرمين وتتعايش معهم وتنقل قصصهم على صفحات الجريدة، ومع الوقت بدأت أفطن إلى أن الهانم تعشق هذه المهنة إلى حد العبادة والتقديس لا يشغل بالها شيء سوى العمل والعمل فقط، وكنت أجلس معظم الوقت بداخل القسم وأرى العشرات يترددون عليها يوميا لإنهاء بعض المصالح والخدمات حتى إننى كنت أشعر فى بعض الأحيان أنها من نواب الشعب وحجرتها هى بالأساس لمكتب خدمة المواطنين فى حى شعبى.
تعلمت أنا وأجيال عدة منها الكثير والكثير فهى صاحبة أقوى قلم فى الملف القضائى وربما كانت الصحفية الأشهر التى عايشتها فالجميع كان يعرفها فى شتى محاكم ونيابات مصر، ولم لا فقد قاربت على الأربعين عاما محررة قضائية تجوب المحاكم من شرق مصر وحتى غربها لا تكل ولا تمل، تعشق خدمة زملائها ومعارفها حتى القراء الذين ارتبطوا بعمودها "كلام فى القانون" لسنوات طويلة، كانوا يأتون إليها من كل ربوع مصر يطلبون منها مساعدتهم فى رفع الظلم عنهم، وكانت لا تكل ولا تمل، هاتفها متاح نهارا وليلا لا تعرف الإجازة أو الراحة.
الآن الهانم قارب عمرها على السبعين ومع ذلك عطاؤها مستمر ترفض التقاعد أو الاستسلام إلى المرض الذى داهمها منذ عشر سنوات تحاربه بالعمل أكثر الأشياء المحببة إلى قلبها ولا تقبل أبدا أن تستسلم له ليهزمها، وربما نجح أن يبعدها عنا ويحرمنا من طلتها المشرقة لكنه أبدًا لن يقوى أن ينال من عزيمتها، فتجدها حتى كتابة هذه السطور تكتب وتتابع وتحلل كل ما يدور فى ساحات العدل، وتتلقى اتصالات زملائها وقرائها وتلبى لهم احتياجاتهم.
> مسك الختام
تعلمنا منك سيدتى وأستاذتى القوة والصبر والجلد تعلمنا الكثير والكثير وأشعر أنك تمتلكين المزيد لتعلميه لأبنائك، نحن مازلنا فى انتظارك كى نتعلم منك الجديد.
إلى الله أتوجه بأكف الضراعة أن يطيل عمرك ويزيح عن جسدك المرض ويمنحك مزيدًا من القوة والصبر على البلاء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة