عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

أردوغان والرهان الخاسر!

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 02 ديسمبر 2019 - 07:47 م

لا أظن أن أردوغان نفسه مقتنع بما قاله حول تنفيذ الاتفاق الذى وقعه مؤخرًا مع السراج لتعيين الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، مهددًا بأن السفن الحربية التركية لن تنسحب من شرق المتوسط، وأن هذا الاتفاق سوف ينفذ.. وليس سبب ذلك فقط أن هذا الاتفاق واجه اعتراضا قويا وفوريا من مجلس النواب الليبى، وأيضاً من الدول الثلاث المتعاونة فى شرق المتوسط، وهى مصر واليونان وقبرص، وذلك لأن رئيس المجلس السيادى فى ليبيا لا يحق له إبرام اتفاقات من هذا النوع، طبقا لما نص عليه اتفاق الصخريات الذى يقضى بضرورة موافقة كل أعضاء المجلس السيادى، فضلا عن أن هذا الاتفاق، والاتفاق الآخر الخاص بالتعاون ألعسكرى بين تركيا وليبيا يحتاج لتصديق مجلس النواب عليه.. والمهم عمليا على الأرض فإن الجيش الليبى بسيط على نحو ٨٠ فى المائة من مساحة ليبيا، وأغلب امتداد الشاطئ الليبى على البحر المتوسط، وربما لذلك أعلنت واشنطن أنه رغم أنها تعتبر المشير حفتر جزءا من المشكلة الليبية، فإنها تراه أيضا بالضرورة جزءا من الحل!.
وربما يدرك الرئيس التركى أن تهوره واتخاذ خطوة تصعيدية بخصوص تنفيذ اتفاق غاز المتوسط سوف يشجع على التعجيل بتوقيع اتفاق ترسيم أو تعيين الحدود البحرية بين مصر واليونان، التى تلقى دعما أوربيًا فى ملف غاز شرق المتوسط، وهو ما سوف يغير من الخريطة الاستراتيجية فى المتوسط لغير صالح تركيا.. ولعل ذلك هو سبب استدراك أردوغان فى تصريحاته بالحديث عن رغبته فى تقاسم ثروات الغاز فى ظل تفاهم وليس توتراً!.
لذلك يظل رهان أردوغان الأساسى هنا هو استمرار التآمر ضد مصر، أملا فى حدوث تغيير سياسى فيها يأتى بحكم جديد يقبل بالتعاون معه، ويساعده على تحقيق أطماعه التوسعية فى المنطقة بما فيها الاستيلاء على نصيب من غاز شرق المتوسط، وهى الطموحات التى تستند إلى حلم إحياء الأمبراطورية العثمانية، التى يسميها العثمانيون الجدد دولة الخلافة الإسلامية!
ومن هنا يمكن فهم التصريحات التى أدلى بها مولود جاويش أوغلو والتى قال فيها: (إن تركيا يمكنها إجراء مباحثات مع جميع الدول حول مناطق الولاية فى البحر المتوسط، باستثناء قبرص، وأن الأمر يشمل أيضا البلدان التى من غير الممكن فى الوقت الراهن التعامل معها لأسباب معلومة)، وذلك فى إشارة إلى مصر.
ودعنا بالطبع من احتمال توصل تركيا إلى اتفاقات مع كل من سوريا ولبنان الآن بخصوص الغاز مماثلة لاتفاقها مع السراج لأن ذلك أمر شديد الصعوبة، فضلا عن أن إبرام اتفاق تركى فى هذا الموضوع مع إسرائيل أيضا ليس متاحا بعد أن اتفق الإسرائيليون مع قبرص على تعيين الحدود البحرية بينهما، فضلا عن أنهم صار لديهم مصلحة فى تصدير غازهم إلى مصر، الذى سيتم فى إطار اتفاقات تنهى مشكلة أحكام التحكيم بين مصر وإسرائيل.. ولذلك يهمها بالطبع موقف مصر، وهو الموقف الرافض للاحتلال التركى لجزء من قبرص والداعم لحقها لإنهاء هذا الاحتلال.. لذلك عندما يتحدث أوغلو عن مباحثات تركية مستقبلا مع مصر حول استيلاء تركيا على حصة من غاز شرق المتوسط، فإنه يراهن بذلك على أن يحدث تغير سياسى فى مصر ليأتى بحكم يقبل التباحث مع تركيا فى هذا الشأن.
وهنا علينا أن نتوقع مع إدراكنا أن ذلك رهان خاسر، أن تمضى تركيا فى تآمرها على مصر مستغلة من جانب اتفاقها العسكرى مع السراج، وتحول التنظيم الدولى للإخوان إلى أداة فى يد أردوغان لتحقيق أطماعه الأمبراطورية.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة