«الرويسات».. قطعة من الجنة
«الرويسات».. قطعة من الجنة


مساكن جديدة فى أحضان الجبال الساحرة بدلا من الكهوف وعشش الصفيح

يحدث فى جنوب سيناء.. «الرويسات».. قطعة من الجنة

علي الشافعي- أحمد عبيدو- محمد وهدان

الأربعاء، 04 ديسمبر 2019 - 04:21 ص

لو كان الفقر رجلا لقتلته.. مقولة شهيرة تنسب إلى سيدنا عمر بن الخطاب وتقال أيضا إنها تنسب إلى سيدنا على بن أبى طالب.. ففى كل الأحوال الفقر هو العدو الأول للأمم وإذا أرادت أمة النهوض فيجب أن تضرب الفقر فى مقتل.. ومن هنا فكرت الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى فى مهاجمة وحش الفقر وترويضه، بل والقضاء عليه تماما، لذلك صدرت توجيهات مباشرة بالقضاء نهائيا على العشوائيات.. تلك السبة التى عانى منها الوطن خلال ما يزيد على 40 عاما.

 

من ضمن هذه المناطق العشوائية التى كانت تسىء للوطن ككل وإلى محافظة جنوب سيناء بصفة خاصة هى منطقة الرويسات التى تبعد عن مدينة السحر والجمال شرم الشيخ بحوالى 30 دقيقة.. كانت هذه المنطقة ثقبا فى ثوب المدينة الجميل يصعب معالجته وترميمه ولكن الإرادة المصرية أخفت هذا الثقب تماما وتحولت تلك المنطقة من منطقة عشوائية إلى كمبوند 5 نجوم..«الاخبار» ترصد فى السطور القادمة ملامح التطوير فى منطقة الرويسات العشوائية بمحافظة جنوب سيناء.

 


نصف ساعة تقريبا قطعناها من مدينة شرم الشيخ إلى منطقة الرويسات، حيث يحيط بتلك المنطقة سور كبير يحدها من جميع الاطراف، وبمجرد اجتياز البوابة الامنية تجد نفسك فى كمبوند سكنى 5 نجوم.. الطريق داخل تلك المنطقة ممهد تماما، فجميع الطرق مرصوفة وفقا للكود العالمى ولا توجد مطبات نهائيا، فضلا عن انتشار بلاط «الإنترلوك» فى جميع أنحاء الأرصفة داخل تلك المنطقة.


ليس هذا فحسب فمبجرد دخولك إلى قلب المنطقة تشاهد الأبراج السكنية الجديدة التى قامت ببنائها وزارة الإسكان وخلف هذه الوحدات تكمن جبال شرم الشيخ وكأنها لوحة فنية مرسومة، فالسماء صافية فى فصل الشتاء أسفلها تحتضن الجبال العقارات الجديدة.. حقا إنه مشهد جمالى يدعو للتأمل والإبداع.


الأبراج متراصة بجوار بعضها البعض فى مشهد تسلسلى خالص يسيطر عليها اللون الأبيض الداكن واللون الأزرق، والرخام يزين مداخل تلك الوحدات السكنية والسلالم المؤدية إلى الشقق، العقار الواحد يتكون من 4 أدوار وكل دور به 4 شقق، ومساحة الشقة الواحدة تصل إلى 90 مترا.
الشقة الواحدة تحتوى على 3 غرف وريسبشن ودورة مياه ومطبخ، أرضية هذه الشقق مطعمة بالسيراميك الفاخر، كما أن الورود تزين «بالكونات» هذه العقارات، وجميع البالكونات تطل على الشوارع الرئيسية داخل هذا الكمبوند السكنى.


الهدوء يسيطر على المكان تماما فحتى الآن عدد قليل من المستفيدين هم من سكنوا العقارات والباقى يرتب نفسه ويستعد للتسكين بعد أن مضوا عقود الاستلام مع محافظة جنوب سيناء، ويشمل العقد قيام المستفيد بدفع ما يقرب من 16 ألف جنيه مقدم على أن يتم التقسيط شهريا بواقع مبلغ 400 جنيه لمدة 40 عاما، وهنا توجه المستفيدون من الوحدات السكنية بطلب إلى محافظ جنوب سيناء بأن تورث هذه الشقق لأبنائهم فى حالة الوفاة ولا تسحب منهم على الإطلاق كما توجهوا باستغاثة عاجلة إلى وزير الإسكان بضرورة توفير المياه طوال أيام الأسبوع لأنها غير منتظمة حتى الآن.


وعلى كل حال توجه المستفيدون بالحمد والشكر إلى الله على هذه الوحدات الجديدة التى انتشلتهم من بعبع الفقر والعشوائية وأصبحوا مُلَّاكا بعد أن كانوا يعيشون فى عشش صفيح وكأنهم من أهل الكهف، فكما يؤكد المستفيدون أن تلك المنطقة كانت وباء وسُبة فى جبين محافظة جبزب سيناء، تلك المحافظة السياحية التى تعتبر واجهة مصر المطلة على البحر الأحمر، فكيف يمكن لهذه الواجهة أن تتوسطها بؤرة من بؤر العشوائيات؟!، لذلك تم تطوير المنطقة بأكملها، فشكرا للقيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى على هذا المجهود الضخم الذى يبذل من أجل تحسين أوضاع الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية والشعور بالفقراء والمهمشين والفئات الأقل احتياجا.


الجديد أيضا فى منطقة الرويسات هو تزويدها بخزان عملاق للمياه قريب من الوحدات السكنية ويطالب المستفيدون بملئه حتى يتم التغلب على مشكلة انقطاع المياه التى تأتى بين الحين والآخر.


وتعهد المستفيدون أمام أنفسهم بالحفاظ على تلك الوحدات السكنية الجديدة وعدم تحويلها إلى عشوائيات جديدة مثلما فعل بعض المستفيدين من الشقق والوحدات الجديدة فى حى الأسمرات بالقاهرة، وأكدوا أن الدولة وعدتهم بتوفير مولات تجارية وسويقات داخل الكمبوند الجديد وبناء محلات وورش ومستشفى ومسجد داخل المكان.


لاحظنا أيضا داخل مدينة الرويسات أن إضاءة أعمدة الكهرباء تتم بالطاقة الشمسية، وهو ما يوفر الطاقة الكهربائية والأحمال فى محافظة جنوب سيناء ولا تعد الرويسات عبئا على الأحمال الخاصة بالمحافظة.


أيضا لاحظنا أن جميع المرافق تم توصيلها إلى المنطقة الجديدة سواء كانت كهرباء أو مياه أو صرف صحى، بالإضافة إلى وجود 600 قطعة أرض مجاورة للمساكن الجديدة تم تزويدها بالمرافق والخدمات بتكلفة ما يقرب من 145 مليون جنيه.

 

المستفيدون من المشروع: شكرا يا سيسى
«خلال عامين لن يكون هناك عشوائيات أو نقص مياه فى جنوب سيناء».. هذه كانت تصريحات اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، منذ عامين والذى أكد أنه ملتزم بتعليمات الرئيس السيسى بالقضاء على العشوائيات نهائيا فى جنوب سيناء.. والآن وبعد مرور العامين أصبح الحلم حقيقة.. عشوائيات الرويسات والتى كانت تحتوى على أكثر من 3000 أسرة يعيشون تحت خطر الموت غرقا من السيول أو صعقا بسبب منطقة أبراج الضغط العالى والتى كانوا يعيشون فيها؛ تحولت إلى مساكن فاخرة للغلابة.


1120 وحدة سكنية بمنطقة الرويسات بشرم الشيخ سيتم تنفيذها بتكلفة إجمالية قدرها 317 مليون جنيه تم الانتهاء من المرحلة الأولى وتضم 31 عمارة بلون «سماوى صافى» لتوفر 496 وحدة سكنية، شاملة جميع المرافق والخدمات وأعمال تنسيق الموقع والوصلات المنزلية، بتكلفة حوالى 141 مليون جنيه؛ كما يجرى البدء فى تنفيذ 624 وحدة أخرى كمرحلة ثانية بالمشروع، وتحويل الرويسات إلى مدينة ومجتمع سكنى متكامل تضم كافة المرافق والمصالح الحكومية؛ وهو ما يعد نقلة حضارية كبيرة فى شرم الشيخ وإنجازا قوميا جديدا للقضاء على العشوائيات نهائيا بشرم الشيخ.


البداية كانت قبل وأثناء ثورة يناير، فقد كانت الرويسات منطقة عشوائية خطرة، حيث بدأ البناء العشوائى حتى لجأ المواطنون إلى بناء مساكن عشوائية فى أماكن خطرة من بينها مجرى السيل وسفح الجبل ومناطق أبراج الضغط العالى والتى تم تصنيفها بالعشوائيات الخطرة، والتى انتشر بها التعديات على جانبى مخرات السيول بحى الرويسات بالقرب من منطقة «سد العاط» المانع للسيول الجارفة شديدة الخطورة على شرم الشيخ؛ ولكن استطاعت الإرادة السياسية أن تعد هذه الوحدات كبديل آمن للمنازل العشوائية التى جرى إزالتها بمنطقة الرويسات حتى لا تنذز بكارثة فى المستقبل مثلما حدث فى منطقة الدويقة قبل أعوام؛ العمارات التى تم تنفيذها بارتفاع أرضى و3 أدوار، والوحدات كلها تشطيب كامل سوبر لوكس لهؤلاء الناس البسطاء الذين كانوا يعيشون فى العصر الحجرى وكانوا عرضة للموت جراء السيول فى كل عام.


وداعا للعشوائيات
«كل سنة الناس كانت بتغرق وبتموت وبتتبهدل» بهذه الكلمات بدأ حديثه الحاج مصطفى إبراهيم والذى كان يسكن فى منطقة الرويسات منذ فترة ليست بالقليلة.. ويقول الحاج مصطفى والذى يعمل «سائق» العمارات الجديدة بها صرف صحى ومياه وكهرباء وأعمدة إنارة بالطاقة الشمسية وغاز طبيعى وخطوط تليفونات وأشكر الرئيس السيسى والمحافظ خالد فودة على الاهتمام؛ ويضيف الحاج مصطفى: «المياه بتيجى الجمعة والثلاثاء وقاعد فى الضلمة لحين عودة الكهرباء مرة أخرى ولكنها أفضل من إنى أروح أدفع إيجار مقدرش عليه أو أرجع لحياة العشوائيات؛ فأنا معى ٧ أطفال فى مراحل تعليمية مختلفة ويحتاجون إلى مكان آمن وحضارى يسترجعون فيه دروسهم ويقضون طفولتهم مثلهم مثل أى أطفال آخرين؛ فالرويسات الجديدة لا تقل عن أفضل كومباوند سكنى خاص فى مصر، فنحن كنا نعيش حياة البائسين داخل غرف سقفها مصنوع من الطوب اللبن».


حياة آدمية
أما شحات عبد الباسط «غفير المنطقة» فأكد أن هناك حوالى ٢٠ أسرة استلمت الوحدات السكنية الخاصة بها وننتظر الكهرباء والمياه ووسائل الحياة حتى لا نعود إلى حياة البائسين مرة أخرى؛ وأشار عبد الباسط إلى أن هناك أكثر من 496 شقه لو كل شقة تحتوى على 5 أفراد هنحل مشكلة وأزمة كبيرة وسنعوض هؤلاء الناس عن الحياة غير الآدمية التى كانوا يعيشونها، فقد كان هناك أكثر من أكثر من 3 آلاف أسرة تعيش فى «الرويسات.. وعن التحديثات الجديدة داخل «الكومباوند» المخصص لأهل الرويسات أكد «غفير المنطقة» أنه تم عمل محطة كبرى لتخزين المياه، كما تم تزويد المنطقة بأحدث أنظمة الصرف الصحى وأعمدة الإنارة التى تعمل بالطاقة الشمسية وتم تقسيم العمارات بشكل حضارى كما أنشئت جراجات خاصة للسيارات أسفل كل عمارة».


ومن أمام منزل «هبة عبد الرؤوف عبد الهادي» والتى استقبلتنا بنفس راضية وبقلب «سعيد وفرحان»؛ تحدثنا معها عن الإجراءات التى حدثت قبل استلامها للشقة فأكدت أنها كانت تعيش فى منطقة مخرات السيول وأبراج الضغط العالى وكانت تتعرض للخطر فى موسم السيول هى وأولادها؛ وأشارت إلى أن الحياة الآن أصبحت أفضل بكثير ونشكر الرئيس السيسى والمحافظ اللواء خالد فودة والذى سلمنا الشقق بعد أن قمنا بعمل المستندات المطلوبة وهى صورة بطاقة الرقم القومى للمتقدم وزوجته وشهادة ميلاد المتقدم وزوجته وأولاده القصّر، وشهادة قيد بمدارس المدينة للأولاد، وصورة قسيمة الزواج، وبرنت التأمينات الاجتماعية، وقسيمة الطلاق للمطلقات أو شهادة وفاة للأرامل، وتصالح مع مجلس المدينة للمتعدين على أملاك الدولة، والمستندات الدالة على تمتعه بالجنسية المصرية، وتقديم إقرار من مصلحة الشهر العقارى بصحة البيانات والمستندات المقدمة، وبعدما فعلنا كل ذلك قمنا بالإمضاء على العقود داخل «مضمار سباق الهجن» وسلم المحافظ اكثر من 20 اسرة شقق سوبر لوكس؛ وعن الوحدات السكنية اكدت «الحاجة هبة» أن الشقق تم تشطيبها بشكل محترم ولم ينظروا إلينا وكأننا فقراء أو غلابة فقد وجدنا أنفسنا داخل «4 حيطان» بعد أن كنا ننام أنا وابنتى على حافة الخطر؛ وأضافت المرأة الخمسينية أنها تتمنى من الرئيس تكملة الجميل وبناء مدرسة ومستشفى حتى تتوفر لنا كل مناحى الحياة».


لسه الدنيا بخير
ويلتقط منها طرف الحديث صلاح الطوخى «أحد المستفيدين من الشقق» والذى قدم شكره للدولة قائلا: «الآن أصبحنا متشافين بفضل السياسة الرشيدة التى ينتهجها الرئيس السيسى واهتمامه بالغلابة ومحدودى الدخل»؛ وأكد الطوخى أنه منذ أيام تم تركيب عدادات المياه ولكنها تأتى «أيام وأيام» على حد وصفه؛ وأضاف أن المبلغ المطلوب كان ١٦ ألف جنيه يتم دفعهم كمقدم و٣٥٠ ج كل شهر»؛ وبالفعل قمنا بدفع المبلغ المطلوب وستكون الشقق ملكا لنا بعد 40 عاما من الآن؛ وتساءل الطوخى: «لم نتسلم حتى الآن العفش ولا الأدوات المنزلية التى وعدونا بها ونطالب المسئولين بأن يكملوا جميلهم علينا وأن يجعلوا هذه الشقق التى كانت حلما لنا بالجلوس فيها ملكا لنا ولأولادنا فلقد اكتشفنا أن الشقق لا تورث وهو أمر يجب أن يتم وضعه فى عين الاعتبار حتى «لا تعود ريما لعادتها القديمة» ويرجع أطفالنا وأحفادنا إلى حياة العشوائيات البائسة التى كنا نعيش فيها والتى انتشلتنا منها الدولة لتؤكد أننا تحت النظر ومتشافين وأن الدنيا لسه بخير».


وأثناء رحيلنا عن هذا «الكومباوند الساحر» استوقفتنا ابتسامة الطفلة رحمة والتى لا يزال عمرها يعد على أصابع اليدين.. وجدناها تلعب أمام بيتها بسعادة غامرة تملأ جنبات المكان.. رحمة التى عاشت طفولتها داخل غرف من الطوب اللبن على مخرات السيول وبجانب أبراج الضغط العالى المميتة؛ أصبحت الآن تعيش مثلها مثل أى فتاة صغيرة فى عمرها؛ تلعب وتلهو فى مكان آمن.. تنام وتعيش داخل بيت مكون من 4 حيطان قوية وليست مثل البيوت الواهية التى كانت تغرق فى مياه السيول كل موسم؛ رحمة الطفلة صاحبة الابتسامة الرائعة أكدت لنا أنها سعيدة ببيتها الجديد وبنظافته فقد كانت تعيش على حد قولها داخل «الزبالة والطين والمياه الراكدة»؛ تقول رحمة: «نفسى ألعب فى إجازة المدرسة هنا المكان شكله حلو أوى وبيتنا لونه حلو ونفسى أقعد هنا علطول».

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة