صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

مش كل موجة تتركب

صالح الصالحي

الأربعاء، 04 ديسمبر 2019 - 06:56 م

تحيط بنا الأمواج.. تتلاطم وترتفع.. البعض منها عاتية.. البعض غير ذلك.. ولكنها فى النهاية أمواج تتقدم وتنحسر.. ولكن المؤكد فى هذه الأمواج - التى فى الغالب تصنعها الظروف والأحداث - إنها فى النهاية تهدأ.. فاليوم مد وغدا جزر هكذا اعتدنا.
ولكن الناس تنظر لهذه الأمواج على انها فرصة ذهبية لابد من اقتناصها والركوب عليها ليخرجوا من البحر إلى بر أفضل بالتأكيد.. نظرة الناس مختلفة فالبعض لديه من الذكاء ما يدرك انها موجة بالفعل وليست وضعاً دائماً.. والآخر يرى انها فرصته لتغيير أوضاعه وتحقيق مكاسب جديدة.. والبعض لديه من الاحترام لنفسه وذاته وقناعاته الشخصية ما يرى هذه الأمواج فى النهاية «زبدا رابيا».. ما تلبث ان تتبدد سريعا.
الأمواج دائما ما تحرك الساكن.. وإن كان الساكن سيئا أو جيدا.. ولكنها بمثابة فقاقيع لا تعبر عن أساس واضح.
وهنا حديثى عن الأمواج أو المواسم التى ينتهز فيها المنتهزون الفرصة للتملق والنفاق وتحقيق المكاسب. فهى فرصة لاتعوض لاصلاح أوضاعهم.
وراكبو الامواج لايفرقون بين صاحب الموجة.. ينتقلون من موجة لأخرى حتى وان كانت شديدة ممكن ان تكسرهم وتحطمهم وتضيع مهابتهم وصورتهم الذهنية أمام الآخرين.. لكن الحقيقة صورتهم أو مكانتهم لا تهم.. فان سقطوا فى هذه الموجة يعودون لصفوفهم فى انتظار أمواج أخرى عسى أن تحقق طموحهم المنشود.
وهناك من يتحرك مع كل موجة ولا يتحطم أبدا.. وكأن لديه من اللياقة البدنية ما يجعله مطاطيا لا ينكسر.. بل إنه فى العديد من الأحوال يزيده التمرن على ركوب الأمواج ليونة ومهارة فنية وعضلية تؤهله لركوب غيرها وغيرها.
ويوجد أيضا محترفو ركوب الأمواج منذ الصغر وحتى يخرج السر الإلهى.. مؤهل دائما لاستثمار ركوب الأمواج.. البعض يواجه الموجة بالعوم والآخر بالقفز والثالث بالقارب الشراعى.. فلكل وسائله وادواته.. ولكن المؤكد أن راكبى الأمواج لديهم مهارة لا يكتسبونها بين ليلة وضحاها.. فهم تدربوا عليها حتى وصلوا إلى نهاية طموحاتهم. وحصلوا على كافة الميداليات الذهبية.
وهناك من الأمثلة الشعبية التى يعتبرها هؤلاء ساذجة ولا يؤمنون بها.. مثل «إذا كانت الموجة عالية فيجب أن تنحنى لها حتى تمر».. هنا الحديث عن الغلابة الذين يجب عليهم الانحناء ليمر غيرهم راكبو الأمواج فوق ظهورهم.. والمقصود هنا غالبا الشخص صاحب المبدأ والحق لكن لقلة حيلته يتدخل الناصحون له بأن يرضخ حتى تمر الموجة العاصفة وغالبا ما يتنازل لغيره من المهرة المنتهزين.
إذا كانت الحياة بحراً كبيراً تتصارع فيه الأمواج بين مد وجزر.. وإذا كان علينا إما أن نبحر أو نغرق أو نغوص أو نكتفى بالجلوس على الشط نتابع ما يحدث فى البحر وما تسفر عنه النتائج.. فلماذا نتعجب من نتائج لأمور قد تبدو لنا غريبة وغير واضحة وأحيانا مرعبة؟.. الإجابة لأن البحر عميق.. به من الأسرار التى لا نعلم منها الكثير.. والتى تؤكد كل يوم أن الله يكافئ كل شخص على عمله حتى وأن ظن أن ركوبه لموجة سترفعه كثيرا من الوقت.. فقد تأتى موجة يركبها تكون فيها نهايته.. فهذا عقاب الله.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة