غادة زين العابدين
غادة زين العابدين


عاجل جدا

الإعلام..وحوادث الانتحار

غادة زين العابدين

الخميس، 05 ديسمبر 2019 - 07:19 م

بعد واقعة انتحار طالب الهندسة،سارع د.محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة،بإعلانه افتتاح أول مركز للدعم النفسى لمواجهة الانتحار،وهو اسم غريب يوحى بأننا لا نعرف معنى المشكلة وأبعادها،فالانتحار فى حد ذاته ليس شيئا ماديا نسعى لمنعه ومحاربته كالمخدرات مثلا، لكن الانتحار نتيجة تؤدى لها مشكلات عديدة وشخصية عجزت عن التحمل والمواجهة،وطبقا لهذا المفهوم فنحن لا نريد مراكز لمنع الانتحار،بقدر ما نريد تعليم أبنائنا منذ الصغر كيفية تحمل المشكلات ومواجهة الأزمات وصعوبات الحياة،وعدم الانهيار أمام أى مشكلة تواجههم،مهما كانت قسوتها،فالحياة ليست وردية والبقاء فيها ليس للحالمين،بل لأصحاب العزيمة القادرين على تحقيق أحلامهم.
ويحضرنى هنا الأطفال مرضى السرطان من أبناء 57357 الذين يواجهون آلاما تفوق طاقتهم، لكنهم يتعلمون فى المستشفى كيف يواجهون الأزمة ويتحولون من مرضى عاجزين إلى أبطال منتصرين.
نقطة أخرى خطيرة لم نلتفت إليها رغم خطورتها،وهى دور الإعلام، وكيفية طرحه للمشكلة، وتأثير هذا الطرح على المجتمع.
الإعلام غالبا ما يطرح حادث الانتحار بأسلوب عاطفى يركز على حالة المنتحر ومعاناته ويأسه، ويعرض مشاكله ويضخمها كمشكلات تستعصى على الحل،وهو تناول يدفع للتعاطف مع المنتحر ومشاركته اليأس ويخلق- دون أن ندرى-مبررا للسلوك الانتحارى،وهى مشاعر يستقبلها القراء والمشاهدون على اختلاف شخصياتهم وأعمارهم وبيئاتهم وظروفهم،وقد يكون بينهم من يواجهون نفس المشكلات أو أصعب،فيتصورون الانتحار وسيلة للخلاص من آلامهم.
أتصور أن الطرح الاعلامى يجب أن يتناول اراء متخصصين تؤكد على الخطأ الذى ارتكبه المنتحر،وتعرض حلولا بديلة للسلوك الذى كان يجب أن يواجه به مشكلاته،ونماذج لأشخاص واجهوا مشكلات أكبر وصبروا وصمدوا وتغلبوا عليها،والهدف بالطبع ليس لوم المنتحر و" تقطيعه"،ولكن إنقاذ آخرين قد تراودهم فكرة الانتحار للتخلص من مشكلاتهم،وقد يتخذون من هذا المنتحر قدوة!!
نحن بلا شك نتفق على أن انتشار ظاهرة الانتحار عالميا يتطلب دراسات اجتماعية ونفسية، وحلولا للمشكلات الاقتصادية،و توعية أكبر بدور الأسرة والمدرسة والجامع والكنيسة والفن والثقافة، ولكننا أيضا- وهو الأهم- فى حاجة إلى تعلم كيفية مواجهة المشكلات،وإدارة الأزمات،وهى مشكلة لا نعانى منها فقط على مستوى الأفراد بل وعلى مستوى الحكومات على مر العصور،وتظهر بشدة مع الكوارث الطارئة،وفشل كثير من المسئولين فى إدارة الأزمة لعدم وجود استعدادات المواجهة.
مشكلات الفرد تبدأ من الصغر،وتكبر معه لتصبح مشكلات مجتمع،والحل أيضا يجب أن يبدأ من الصغر،من البيت والمدرسة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة