السبت، 07 ديسمبر 2019 - 03:42 م

عشرات من السنين صار أطفال خلالها رجالا مبهورين بما تفعله «السبانخ» بعضلات «باباي» في كارتونه الشهير، الذي يمنحه قوة خارجة لإنقاذ «زيتونة» باستمرار.

و«باباي» شخصية خيالية تظهر في الرسوم المتحركة وفي شريط القصص المصورة في الصحف والمجلات، وابتدع هذه الشخصية الأمريكي إلزي سيغار؛ حيث ظهرت أول مرة في شريط الرسوم الهزلية في صحيفة كينج فيتشر في 17 يناير عام 1929. 

ففي نهاية القرن الـ19 قام أحد المختصين بكتابة مقال عن الخصائص الغذائية للسبانخ إلا أنه أخطأ في موضع الفاصلة العشرية لمحتوى عنصر الحديد في السبانخ فبدا وكأن محتواه يفوق أنواع الخضار الأخرى بعشرة أضعاف،  فانتشرت تلك المعلومة الخاطئة بين الناس سريعاً على اعتبار أن السبانخ يمنح القوة فكانت الأمهات يحرصن على تناول أبنائهن لوجبات تتضمن السبانخ.

لم يتم اكتشاف الخطأ إلا بعد سنوات وكانت المعلومة الخاطئة قد انتشرت في العالم أجمع، ولم يلتفت معظم الناس إلى أن السبانخ يحتوي على عنصر الحديد بكمية تزيد بنسبة ضئيلة جداً عن أنواع الخضار الأخرى ولم تكن تشكل فرقاً؛ حيث إن قابلية حصول جسم الإنسان على عنصر الحديد من الخضار محدودة وليست كقابليته مع اللحوم.

ولعل هذه الأسطورة المدنية صمدت أمام الحقائق العلمية، بعد مرور سنوات، ثم ظهرت شخصية «باباي» الكارتونية الذي يستمد قوته الخارقة بمجرد تناوله للسبانخ.

 
جاءت أحدث الدراسات على «السبانخ» لتؤكد أن الطعام الذي يكون مصدرا جيدا للحديد لابد أن يكون الـ100 جرام منه يحتوي على 15% على الأقل من الاستهلاك اليومي للحديد، ولكي يتم تصنيفه بأنه أقوى طعام، فلابد من مضاعفة هذا الرقم.

وعلى سبيل المثال، يحتوي 100 جرام من اللفت على 1.7 مل جرام حديد، ومحتوى الـ100 جرام من السبانخ يكون بين 2.1 – 2.7 مل جرام، وهذا يقل بكثير عن النسبة المطلوبة ليكون الوجبة العالية في الحديد، لذلك فهو بالفعل يحتوي على حديد لكن بنسبة قليلة جدا.

 مشكلة حديد «السبانخ»  

الدراسة أكدت أن غالبية الحديد في السبانخ لا تمتصه الأمعاء الدقيقة وبالتالي لا يمكن استخدامه من قبل الجسم، حيث أظهرت الدراسات أن الجسم يمتص بالفعل ما لا يقل عن 2٪ من الحديد من السبانخ، وهذا يعد نسبة منخفضة للغاية مقارنة بمتوسط امتصاص الحديد من اللحوم الذي يكون حوالي 15 - 35٪.

ويرجع ذلك إلى أن نوع الحديد الموجود بالسبانخ لا يُمتص بشكل جيد، كما يحدث من المصادر الحيوانية الأخرى، حيث أنه يتغير بحسب درجة حموضة المعدة وقد يتفاعل مع المكونات الغذائية الأخرى.

يحتوي السبانخ أيضا على مستويات عالية من حمض «الأكساليك»، ويعد هذا الحمض موجود بشكل طبيعي في كثير من الخضروات الأخرى، لكنه بنسبة أعلى في السبانخ والذي يعوق امتصاص الحديد بالجسم.

فوائد أخرى  

أخصائية علوم وتكنولوجيا الأغذية المهندسة رقية حسن قالت إن «السبانخ» تحتوي على خواص مضادة للالتهابات وللأكسدة تقي من أنواع السرطان المختلفة، وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من فيتامين E، بيتاكاروتين، زنك، سيلنيوم.

وتحتوي «السبانخ» أيضا على عناصر تساعد على الحفاظ على البصر سليم مع التقدم في السن لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين A الذي يعد من أهم العناصر اللازمة لتقوية المخ والإبصار وجهاز المناعة، فضلا عن أنه يساعد على الحفاظ على نضارة البشرة.

وأثبتت الدراسات الحديثة أن «السبانخ» تتميز أيضا بقدرتها على وقاية الجسم من الأمراض السرطانية وأمراض القلب وسرطان القولون، وتقي من الإصابة بالإمساك لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف، فضلا عن احتوائها على الماغنسيوم الذي يقلل من خطر إصابة السيدات الحوامل بحالات التشنج الحملي، كما أنه يقي من أمراض السكري لدوره الفعال في التأثير على هرمون الأنسولين وزيادة فعاليته في تنظيم مستوى السكر في الدم.

وفي النهاية أكدت رقية حسن على ضرورة تناول عنصر يحتوي على فيتامين «سي» بجانب «السبانخ» حتى يحوله لصورة سهلة الامتصاص بالجسم ويستطيع الاستفادة منه.