سليمان قناوى
سليمان قناوى


أفكار متقاطعة

إفراط بالعراق وتفريط بلبنان

سليمان قناوي

الأحد، 08 ديسمبر 2019 - 07:24 م

 

يحزن المرءِ لما يجرى فى البلدين الشقيقين: لبنان والعراق، فلا الحرية المطلقة كما يحدث فى انتفاضة لبنان ولا الاستبداد البغيض فى احتجاجات العراقيين يمكن أن تؤدى إلى تغيير إن لم يكن إصلاحا. يقطع اللبنانيون الطرق ويسدون المنافذ أمام البنوك حتى أصبح الثوار اللبنانيون أنفسهم هم أكبر المتضررين من أفعالهم بشكل أوشك معه لبنان أن يصبح على شفا الإفلاس. وعلى النقيض من استئذان الجيش اللبنانى للثوار لفتح الطرق، يأتى تعامل السلطات العراقية بالرصاص الحى مع المتظاهرين الأمر الذى أدى إلى استشهاد 408 عراقيين حتى الآن، ومن ثم خلف الدم العراقى جراحا من الصعب أن تندمل. يحتاج البلدان إلى حكماء يجمحون جماح التفريط وتسيب الاوضاع فى لبنان دون الإضرار بحرية التعبير، والإفراط فى استخدام القوة بالعراق بوقف فورى لأعمال القمع الوحشى. ويظل السؤال لماذا تظل العقلية العربية دوما جامحة فى اتجاهين متطرفين: إما حرية مطلقة من جانب الشعب تضر أو قمع مطلق على يد السلطات الحاكمة لا تجدى معه أية تهدئة أو مصالحات. يحتاج الشعب اللبنانى إلى ترشيد ثورته عبر تدخل حكماء هذا البلد يضبطون فيه أداء الشارع بالدعوة لحرية مسئولة تحقق القضاء على الفساد واسترداد أموال الشعب المنهوبة وتغيير جذرى للطبقة الحاكمة بجميع فصائلها وأحزابها وطوائفها (كلن يعنى كلن) وذلك عبر آليات وطرق ديمقراطية تبعد عن إسقاط الدولة وإفلاسها عبر الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، يختار فيها اللبنانيون حكومة التكنوقراط أو التكنوسياسة التى يدعو البعض لها، بعيدا عن المحاصصة الطائفية التى أنهكت لبنان من قبل وستدمره إذا استمر صوت الشارع اللبنانى دون ترشيد خاصة وأنه ينقص المتظاهرين تصور واضح حول كيفية تجاوز النظام القائم. وفى العراق تكون مطالبة السلطة الحاكمة بوقف استخدام العنف المفرط وقتل المتظاهرين فى الشوارع، بديلا عن إجراء حوار مجتمعى مع كل ألوان الطيف العراقى، يدعو إليه العقلاء لوقف تدخل إيران فى شئون العراق والقضاء على عمليات النهب المنظم لثروات دولة غنية كان يجب أن يتمتع فيها المواطن بأعلى مستويات المعيشة إلا أنه لم يجد سوى شظف العيش كالانقطاع المستمر للكهرباء وغيرها من الضروريات. فى السياسة كما فى الدين خير الأمور الوسط، فالحرية المطلقة كالاستبداد المطلق، الاثنان مفسدة مطلقة. نحتاج حرية لا تضر واستبداد لا يمر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة