عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

تدعو له وتريد عزله!

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 09 ديسمبر 2019 - 07:58 م

 

استوقف صحفى رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى التى تقود الآن عملية عزل للرئيس ترامب ليسألها لماذا تكره الرئيس الأمريكى؟!.. فقامت بالرد عليه على الفور إنها لا تكره الرئيس ترامب بل تدعو له يوميا، ومع ذلك ترى أنه يجب ألا يستمر فى منصبه لما فعله وقام به بخرق دستور البلاد الذى أقسم وهو يتولى مهام منصبه باحترامه!..
ولم تكتف بيلوسى بتعنيف الصحفى الأمريكى لأنه اتهمها بكراهية الرئيس، رغم أنه أوضح أنه يسألها ولا يتهمها خاصة وأن أحد النواب الديمقراطيين قال صراحة إن الديمقراطيين لا يحبون ترامب، وإنما اهتمت أيضا رئيسة مجلس النواب التى تعد الخصم الأول لترامب الآن فى أمريكا أن تؤكد لكل الصحفيين الموجودين أنها تنتمى لعائلة كاثوليكية تربت على عدم كراهية أحد فى العالم كله.. واهتمت أيضا أن توضح لماذا تقود الآن عملية عزل الرئيس الأمريكى رغم أنها لا تكرهه بل وتدعو له يوميا لأنها كاثوليكية تربت على حب الناس، وذلك حينما وجهت مجموعة من الاتهامات القاسية والحادة لترامب مثل أنه - طبقا لنص كلامها - جبان وقاس ومنكر للواقع وحانث بالقسم!.
جبان لأنه لم يساعد الأطفال الأمريكيين الخائفين من العنف المسلح، وذلك بالتصدى بالطبع لمن يمارسون هذا العنف.. وقاس لأنه لا يساعد الشباب الحالم فى العالم الذين يفخر بهم الأمريكيون.. ومنكر للواقع فيما يخص الأزمة المناخية التى تنذر بكارثة للعالم.. وحانث للقسم حينما لم يحترم الدستور وحرض رئيس دولة أجنبية على منافسه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى أمريكا.
وهكذا أرادت بيلوسى أن تقول للجميع إن موقفها وموقف حزبها الديمقراطى من الرئيس الأمريكى ترامب ليس موقفا شخصيا، يستند إلى مشاعر ذاتية مثل الحب والكراهية، وإنما هو موقف مبنى على أساس سياسى.. أى هى لا ترفضه لشخصه، وإنما لرفضها لسياساته التى يصر عليها ويتمسك بها، ولذلك تمضى قدما داخل مجلس النواب فى عملية إجراءات عزله من منصبه الرئاسى وطرده من البيت الأبيض
وبغض النظر عن أن رئيسة مجلس النواب الأمريكى كانت يقظة حتى لا يتهمها أحد بأنها تبث خطاب كراهية فى وقت ثمة اهتمام بمواجهة خطاب الكراهية فى العالم، فإنها أوضحت لمن يمارس اللعبة السياسية أن الصراع السياسى بين القوى والشخصيات السياسية هو فى جوهره تنافس بين سياسات مختلفة لإقناع الناخبين بأن ما تطرحه هو الأفضل لهم والأكثر نجاعة لحل مشاكل المجتمع، حتى يختارهم الناخبون فى الانتخابات.
وهذا صحيح ولكن السيدة بيلوسى تجاهلت أن الأمريكيين لا يلتزمون بذلك، بل يفعلون عكسه.. ومتابعة الحملات الانتخابية تنطق بذلك.. فإن الاستهداف فى هذه الحملات لا يقتصر على المواقف والسياسات فقط وإنما يطال الأشخاص أيضا أصحاب هذه السياسات والمواقف، بالتفتيش فى ماضيهم وحاضرهم والبحث عن عيوبهم ونقائصهم، والتشهير بهم وفضحهم وتجريسهم لإزالتهم من مضمار المنافسة السياسية أو لتشويه صورتهم لدى الناخبين.. أى أن العملية السياسية فى أمريكا التى تقدم نفسها نموذجا للديمقراطية فى العالم ليست مثالية كما تقول بيلوسى، وإنما يختلط فيها الشخصى والعام، وتستخدم فيها كل الأسلحة بما فيها الأسلحة غير المشروعة وغير الأخلاقية، مثل الغش والتزوير والتلفيق والأكاذيب.. وطوبى لأصحاب النوايا الطيبة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة