عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

لغتنا «الجريحة»!

عمرو الديب

الأربعاء، 11 ديسمبر 2019 - 06:57 م

 

ذات جمال أخاذ، وبهاء لا ينطفئ على مر الأزمان، وكل ذى قدرة على التمييز لا يملك إلا التسليم لها بحسنها ونضارتها الدائمة، وحيويتها الفائقة التى لا تخبو جذوتها على تطاول الأمد، وتراكم العصور، لذا أسماها أبناؤها البررة بالجميلة، وأيدهم فى التسمية مئات العاشقين لها من ذوى الألسنة الأخرى، الذين انجذبوا إلى ساحاتها يفتشون عن دررها، ويبحثون عن مكنوناتها، من مستشرقين ومستعربين، فتنوا ببهاء لغتنا، وكنوز بيانها فى الشعر والنثر وفى شتى أودية الحضارة، ويكفى اللغة العربية فخرا وزهوا أنها الوعاء العملاق الذى استوعب ثمرات الحضارة العرببة الإسلامية، واحتضن عطاءها الفكرى ونتاجها العلمى، ونقله بأمانة ودقة إلى الدنيا كلها، ليكون بذورا للحضارة الحديثة والمدنية المتطورة، حيث اتسعت العربية لشتى الأسفار والمؤلفات فى مختلف المجالات، وبدت كخزانة هائلة، تحتفظ بمعارف الحضارات القديمة، والثقافات «الكلاسيكية»، وتحميها من الضياع، مما كان له أكبر الأثر فى انتقالها بسلاسة إلى أجيال ما بعد العصور الوسطى، حيث ترجمت إلى اللغات الأوروبية تلك الآثار والأسفار التى تحتضن معارف الانسانية مضافا إليها عطاء حضارتنا العربية الإسلامية فى مختلف الميادين، وعلى أساسها بنى الغربيون مدنيتهم الحديثة، وما شروح وأسفار «ابن سينا»، و»الفارابى» و»ابن رشد» و»الخوارزمى» سوى ومضات ساطعة فى سياق عملاق يضم آلاف النماذج، وبذلك يعترف مئات الباحثين الأوربيين، ويقرون بدينهم للسان العربى القدير، وليس أدل على احترام الدنيا للغتنا العربية، من تخصيص يوم عالمى للاحتفال بها، وهو الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، أى أننا بعد أيام سنحتفل باليوم العالمى للغة العربية، الذى حددته منظمة الأمم المتحدة على اعتبار أن العربية إحدى أهم اللغات العالمية التى لا تزال حية إلى اليوم، ويتحدث بها الملايين فى بلدان عديدة، ولكن للأسف يجئ اليوم والمحتفى به جريح، وينزف بغزارة، ويلوح له شبح الانقراض، ومع احترامنا وتقديرنا لكل المبادرات والجهود التى تحاول استنقاذ لغتنا الجميلة من محنتها، إلا انها - للأسف- تبدو غير كافية، لإيقاف نزيف لغتنا الجريحة، التى تحتاج إلى إجراءات عاجلة فعالة، وتدابير ناجزة مؤثرة، وبعيدا عن توصيات المجامع اللغوية التى تبدو كتذكرة طبية لا يصرف للجريح النازف الأدوية المذكورة فيها، فهلا تحركنا يا سادة!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة