الإثنين، 16 ديسمبر 2019 - 07:38 م

إذا أردت أن تبنى بيتاً فعليك اختيار البنَّاء الشاطر.. أما إذا إردت أن تبنى عقولاً فلا بديل لك عن اختيار الكتاب.. بناء العقل يضمن بقاء المجتمع ويحمى الأجيال من خطر التطرف والانحراف والبعد عن الهوية والتغريب المتعمد.. وإذا كنا نعانى داخل الأسرة من إدمان التكنولوجيا وفقد الونس الاجتماعى.. فلأننا ابتعدنا عن القراءة والحكى الشفهى اليومى لأولادنا..

واختفت حكايات الأجداد التى كانت تنعش ذاكرتنا فنعشق معها الحدوتة ونبحث عن الكتاب، لقد تركنا أطفالنا فريسة سهلة للألعاب الإلكترونية التى تخطف عقول أبنائنا وتساعد على التنمر الذى انتشر فى الفترة الأخيرة بكثرة بين الأطفال، وأكدت الكثير من الدراسات أن إصابة الأطفال فى السابعة من العمر بمشكلات فى الانتباه والتركيز تزداد بزيادة أوقات مشاهدتهم للعب الإلكترونية كما أنها تؤثر سلباً على صحة الطفل؛ فتُضعف من بصره بشكل كبير، إلى جانب أن تلك الألعاب بما تحويه من مشاهد عنف وقتل ودماء تصنع طفلاً عنيفاً؛ يفتقد الرحمة والعطف والتسامح ورغم كل ذلك مازلنا نترك أطفالنا بالساعات أمام هذه الألعاب.. كانت لى صديقة تدرس فى أوربا مع زوجها وهناك وضعت طفلها الأول وبعد أسبوع من الولادة جاءت إليها أمينة مكتبة المدينة لتسجيل الطفل ضمن أصدقاء المجتمع.. تعجبت صديقتى لأن طفلها مازال صغيرا جدا على ذلك.. ابتسمت أمينة المكتبة قائلة: نعم سيدتى لدينا كتب له.. وبعد أيام جاءت بمجموعة من الكتب تناسب الصغير عبارة عن لعب فى شكل كتاب ليتعود على شكل الكتاب.

وفى هولندا إذا حركت مؤشر البحث عما يمكن شراؤه من هناك فستجد قائمة طويلة وأول القائمة كتب مرحلة ما قبل المدرسة التى تدر دخلا سنويا يتجاوز 150 مليون جنيه استرلينى وتبيع 85 مليون نسخة حول العالم بأكثر من 50 لغة.. ومع ذلك هناك تصور شائع بأنّ الطفل لا يحتاج إلى الكتاب إلا بعد دخوله المدرسة وتعلّمه وهذا التصور خطأ، لأن الطفل الذى يُترك بدون كتاب حتى يدخل المدرسة، لن تكون بينه وبين الكتاب ألفة ولا مودة.

وحسناً فعلت إدارة كتاب «قطر الندى» التابع لوزارة الثقافة بأن قررت إصدار كتب لمرحلة ما قبل المدرسة بسعر رمزى.. وأتمنى أن تهتم جميع دور النشر بكتب هذه المرحلة المهمة فى حياة الطفل حتى نجعل القراءة عادة ممتعة لأطفالنا.