أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

الغرض مرض!

د. أسامة السعيد

الإثنين، 16 ديسمبر 2019 - 08:06 م

أخطر اللصوص هو المحترف، وليس من يخوض التجربة للمرة الأولى، وأسوأ من يمارس التزييف هو من يمتلك الموهبة!.


وفى عالم الإعلام والسوشيال ميديا لا يقتصر الخطر فقط على الهواة أو من يمارسون عمليات «الشير» بدون وعى، فهؤلاء رغم خطورة دورهم، ليسوا سوى وقود لنار يشعلها محترفون، وتقف وراءها أجهزة، وتمولها دول، فالمحترفون والمؤسسات الإعلامية الاحترافية يمكن أن تلعب دورا كبيرا وخطيرا فى نشر الشائعات وفبركة الأخبار الزائفة، وعندما تقوم تلك المؤسسات المحترفة بالفبركة، فإنها تحاول أن تستخدم من أدوات المهنة، وتقنيات الإنتاج سواء كان مكتوبا او مسموعا أو مرئيا الكثير ليبدو ما تقدمه مقنعا ومؤثرا وجذابا، فضلا عن أن استناد تلك المؤسسات لتاريخ من العمل المهنى، يجعل الحصون الدفاعية لجموع القراء، أو الغالبية العظمى منهم على الأقل، تنهار أمام السمعة الكبيرة والتاريخ العريق!!.


ولعل الكثير من المواد المقدمة عن مصر خلال السنوات الأخيرة يكشف جانبا مثيرا من ذلك النهج الغريب، والذى لم تنخرط فيه فقط مواقع أو وسائل إعلامية صغيرة، وإنما تورطت فيه مؤسسات إعلامية كبرى وذات باع طويل، كنا نضعها يوما فى مكانة المقدسات المهنية ورموز الموضوعية والدقة، فإذا بتلك القيم تتحول تحت وطأة الغرض، وضغوط السياسة، ونوازع المصالح إلى أصنام تتداعى وأبنية شامخة تتهاوى.


والأدلة والأمثلة كثيرة، من النيويورك تايمز إلى الواشنطن بوست، ومن بى بى سى إلى رويترز، وتلك الأخيرة كانت رمزا تاريخيا للدقة، ومثالا نتدارسه فى الحرص على أن تكون كل كلمة فى محلها، ولا تخرج إلا بعد مرورها بمستويات من المتابعة والتدقيق، لكن يبدو أن «الغرض مرض»، فربما هذا هو المبرر الأكثر منطقية لتفسير سقطات الوكالة فيما يتعلق بمتابعة الشأن المصرى، سواء فيما يتعلق بالمعلومات أو المصطلحات، ولعل إصرار الوكالة على وصف الإرهابيين بالمقاتلين خير دليل على ذلك، فضلا عن تقريرها الأخير عن الدراما فى مصر، والذى كان بمثابة سقطة مهنية قبل أن يكون انحيازا فادحا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة