علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


يوميات الأخبار

أحلام عابرة للأعوام

علاء عبدالوهاب

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 - 07:43 م

«على أى حال؛ يبقى للأحلام وهجها، بل قوتها كفعل مقاومة للإحباطات والسلبيات، ثم انها ـ يقيناً ـ جسر نحو المستقبل الأرحب»

الخميس:
لا مستقبل دون خيال، ولا وجود أو قيمة لهما بعيداً عن الحلم.
قبل ثلاثة عقود، كتبت ذات مرة منادياً أن يكون الحق فى الحلم أحد الحقوق الاساسية، المنصوص عليها ضمن حقوق الإنسان فى الدساتير، وضمن بنود الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
على مدى عمرى لم اضبط نفسى متلبساً بتنحية الحلم، أو الخيال عن عقلى.


كانت أحلامى تمتطى -احياناً-  جواداً جامحاً يجتاز الحواجز، ومع تقدم الزمن، ووداع ربيع العمر، والولوج للخريف، ثم الاقتراب من الشتاء، بدأت الاحلام المؤجلة العابرة من عام إلى عام، ومن عقد إلى عقد، تخضع لعملية تقويم صارمة، فى ضوء خبرات راكمتها السنين، تكبح أحلاماً، و«تفلتر» أخرى. لكن يظل تدفق الاحلام طقساً دائماً، ثم إن ميلاد حلم جديد أمر يصعب التنازل عنه.
زمان كانت السمة الغالبة على أحلامى شخصية، ربما يعانق بعضها أحلام نتقاسمها كـ«جيل»، ثم اتسعت الدائرة لتعانق احلاماً بحجم الوطن، ورويداً رويداً كان بحر الأحلام يفيض على الانسانية جمعاء.


حلم بدراسة تستهوينى، سعى لمهنة اعشقها، شراكة مع احلام جيلى فى العبور نحو مستقبل يفتح ذراعيه ليحتوينا، ونفتح أذرعنا لنستقبله، ثم لماذا لا يتطلع المرء إلى عالم أكثر انسانية وجمالاً وعدلاً، وأقل كراهية وقبحاً وظلماً؟


تظل الأحلام تخطو كظل صاحبها، عاماً وراء آخر، وعقداً يليه عقد، يرى بعضها النور، وتقبع أخرى تحت درجات من الظلال، ربما حتى يلقى الانسان ربه، وقد يتسلم رايتها من يرثه أو يخلفه، فيثمنها أمانة يسعى لأن يوفيها حقها، أو لعل جانباً منها يروقه، أو يستبدله، لكن عزائى -أبداً- ألا أرى نهر الاحلام ينضب.


على أى حال؛ يبقى للاحلام وهجها، بل قوتها كفعل مقاومة للإحباطات والسلبيات، ثم إنها -يقيناً- جسر نحو المستقبل الأرحب.


مجرد خواطر راودتنى فى وداع عام يمضى، واستقبال عام يهل، واحلام كثيرة تتراقص أمامى كنجوم تتلألأ من بعيد، تقترب وتخبو، ثم تعود ببريقها من جديد.
أصحاب المعاشات.. والمبادرة المنتظرة


الجمعة:
«المسئولية المجتمعية» للقطاع المصرفى باتت على المحك فى جانبها الإنسانى، وبُعدها الأخلاقى.
رجال الصناعة رحبوا، خبراء الاقتصاد صفقوا، التجار والمستثمرون تهللت اساريرهم، لكن هناك ملايين اسودت الدنيا أمامهم، وتحجرت الدموع فى مآقيهم.
البون شاسع بين هؤلاء وأولئك.


...........................................


للمرة الرابعة؛ فى زمن قياسى يخفض البنك المركزى سعر الفائدة على الجنيه، وإذا كان من يجيدون الاستثمار فى الأسواق، أو يملكون مفاتيح خزائن الأموال، يثمنون الأمر ايجابياً -وهذا حقهم- فإن اصحاب المعاشات يئنون، وترتفع مؤشرات معاناتهم بسرعة الصاروخ، فالأكثرية منهم تحسبهم أغنياء من التعفف، لأن كرامتهم تحول دون أن يجأروا بالشكوى، لكن الله وحده أعلم بما تنطوى عليه نفوسهم.
معلوم أن قيمة معاش السواد الأعظم ممن تركوا الخدمة، تمثل نسبة متواضعة من اجمالى الدخل- وليس المرتب فقط- أثناء العمل، ويحاول من خرج للمعاش -جاهداً- أن يتوازن مالياً من خلال ايداعه مكافأة نهاية الخدمة بأحد البنوك، ليكون عائدها عوناً فى مواجهة احتياجات بلاحصر.


ثمة مصاريف -كمثال- للعلاج والأطباء والأزمات الصحية الطارئة، فى زمن أصبح فيه الطب تجارة لايرحم أربابها عزيز قوم ذل، ولعل هذا البند -وحده- كفيل بابتلاع الجزء الأكبر من المعاش المتواضع!
ومن الصعب أن تطلب ممن أحيل للتقاعد، أن يخوض غمار السوق، بألاعيبه ومخاطره، ليكتسب بعد المشيب خبرات تؤهله لإدارة امواله بنفسه، أو أن يغامر باللجوء إلى «مستريح» يلهف مكافأة نهاية الخدمة ثم يهرب، أو يقضى حكماً بالسجن لايفيد ضحاياه، ليهنأ بعد عقوبته بما جناه من حرام!


هنا تبرز أهمية إنتاج مفهوم مبتكر من القطاع المصرفى لـ«المسئولية المجتمعية»، يتناسب مع ظروف أصحاب المعاشات، من خلال فائدة متميزة، لا تخضع لتقلبات السياسات المصرفية، مع اشتراط ألا تنتقل مزاياها إلى ورثة صاحب المعاش، إذا انتقل إلى الرفيق الأعلى ليتغمده برحمته.


وإذا كان البنك المركزى يتبنى العديد من المبادرات التى تصب فى خدمة الصناعة أو السياحة أو الاسكان،....،.....
فلماذا لا يطلق مبادرة هدفها «ضمان ستر» من أفنوا أعمارهم فى خدمة بلدهم، وتربية أجيال جديدة، ولا يبغون فى البقية الباقية منها، إلا أن يموتوا مستورين؟
هل يطلبون أمراً عسيراً يصعب تدبيره، أو تحمل كلفته؟
بانتظار مبادرة تؤكد لأصحاب المعاشات، أن ما بذلوه فى مشوار العمر  محل تقدير حقيقى.
وصفة أمريكية لمواجهة الانتحار


الأحد:
هل التوعية ضد الانتحار عبر حملات إلكترونية تكفى للحد من تفشى هذا الخطر؟


تعالوا نحسبها.
مقابل كل صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى تحذر الشباب من خطورة الانتحار، كم صفحة تزين لهم بصورة مباشرة أوغير مباشرة الإقدام على التخلص من الحياة؟ وكم لعبة شيطانية تقود من يدمنها إلى نهاية حزينة؟
بالطبع لا يستطيع منصف إنكار أى جهد يُبذل لحماية شبابنا من خطر الانتحار، عبر بث الأمل، ودعم الثقة بالنفس، من خلال إطلاق حملات إلكترونية، أو برامج تتضمن لقاءات مباشرة وندوات فى مواقع التجمعات الشبابية، سواء تولى مسئوليتها دُعاة مسلمون ومسيحيون، وعلماء نفس واجتماع، أو تتبناها بعض مؤسسات المجتمع المدنى، غير أن هذه الجهود تظل محدودة، ووقتية، فى مجتمع يمثل الشباب نحو ٧٠٪ من تعداده.
ثمة فكرة ابتكرها فريق الباحثة الأمريكية فيبى فايانوس، عبر الاستعانة بتقنيات الذكاء الصناعى، للحد من مخاطر الانتحار، ببناء شبكة دعم تضم أشخاصاً يتم نشرهم على نطاق واسع لمراقبة أصدقائهم، وتقديم العون لمن يكتشفون ميوله الانتحارية.


عماد الفكرة؛ معادلة تحدد أفضل العناصر التى يمكن تدريبها، للقيام بهذه المهمة فى أى تجمع شبابى، يرصد العلامات المبكرة لدى اصحاب تلك الميول الخطرة، ودفعهم فى طريق مغاير للتراجع عن نواياهم.
تلك المعادلة تستهدف ترشيح أنسب العناصر داخل أى مجموعة للقيام بدورها الإيجابى، بعد خضوعهم لبرنامج تدريبى يؤهلهم للاضطلاع بمهتهم الجليلة.
هل تتحرك مؤسساتنا المعنية بمواجهة ظاهرة الانتحار، وتتواصل مع الباحثة الأمريكية وفريقها بهدف معرفة آليات تنفيذ الفكرة؟
وداعاً.. لوقوع السيستم


الاثنين:
فى المسافة بين بُشرى التحول إلى «مجتمع رقمي»، والوقوع «المزمن» للسيستم هناك ثغرة غير مفهومة أو مبررة!
«السيستم واقع» جملة مقتضبة تصدمك أينما كنت!
يحدث ذلك فى شركة للاتصالات، مكتب بريد، فرع لأحد البنوك، هيئة تابعة لوزارة خدمية..و...و...
تسأل مغلوبا على أمرك بعد معاناة فى طابور يتلوى كثعبان ضخم:


- هل أنتظر طويلاً؟
> والله انت ونصيبك
- يعنى مثلاً أقضى مشوارا، وأعود بعد ساعة؟
> لا أستطيع أن أجيبك.
- أعود غدا؟
> لابأس قد يكون حظك أفضل


...........................................


مشهد هزلى يتكرر، لا نستطيع فى مواجهته إلا الرضوخ، إما بالانتظار لفترة تطول أو تقصر- حسب الظروف- أو معاودة التردد على مكان الخدمة لأكثر من مرة!


...........................................


الآن أصبح الأمل معلقاً فى السماء، حيث يقبع القمر الصناعى «طيبة ١»، فثمة رهان جدى على أن يلعب دور الساحر، ليغير وجه الحياة الإلكترونية فى ربوع المحروسة.
الخبراء يؤكدون -وأنا أثق فى صدقهم- أن زمن وقوع السيستم سوف ينتهى للأبد، ويصبح من مخلفات ماض بغيض، إذ المدار الخاص بـ «طيبة ١» يجعله قادراً على تغطية كل شبر على وجه مصر، وأنه  مهما كان حجم الضغط على الشبكة، فلن يشهر موظف فى وجه أى طالب خدمة سيف «السيستم الواقع»!


من الآن فصاعداً، لامبرر لتعطيل مصالح «خلق الله»، بتأجيل، أو حجب أى خدمة لمواطن بزعم وقوع السيستم، الذى كان حجة نفر من الفاسدين أو «التنابلة» هنا وهناك، وإلا فإن الحساب لابد أن يكون عسيراً.
من الآن فصاعداً، لن يُرحم الموظف الكسول أو الفاسد، بكذبه معلقاً سوء أدائه على السيستم الذى طالما ادعى وقوعه!


ومضات
- الحلم مرآة صاحبه.
- من يتنازل عن أحلامه، يخسر نصف عمره.
- فى اللحظة التي تكف فيها عن الحلم، تفقد طعم الحياة.
- حذار من أحلام اليقظة، فقد تتحول فى لحظة إلى كوابيس
   مرعبة.
- الاكتفاء باللهاث  وراء الأحلام، لايضمن تحقيقها.
- الوجه الحالم لا يشى -بالضرورة- بإرادة ذات قدرة على
   إنجاز الحلم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة