د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

بالعند فى الحكومة !

د.محمود عطية

الخميس، 19 ديسمبر 2019 - 07:13 م

الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يوليو احتكرت حركة العمل داخل البلاد وأمسكت بحزم مقابض التوظيف الحكومى بكل أطيافه.. ولكن على مهل وليس فجأة جد جديد على البلاد بعد حرب 67..بدأت خزائن الحكومة ترهق وتترهل الدواوين الحكومية بأعداد موظفيها وتئن حركة التوظيف.. وبلا تخطيط معلوم لنا - على الأقل  - بدأت الحكومات المتوالية منذ الثمانينيات فى التحلل من حكاية احتكار التوظيف.. وأطلقت يد القطاع الخاص فى التهام الشباب..وهنا استيقظت الفهلوة المصرية فى طرح توظيف بأساليب خاصة بها داخل دواوين الحكومة..!


وعلى جانب آخر لم تستسلم الذهنية المصرية للغدر بها بعدما تعودت الركن على الحكومة..فأيقظت فهلوتها لترد غدر الحكومات بها ورميها فى أتون القطاع الخاص بجشعه وتحايله على كل القوانين.. وبدأت الذهنية تخترع العديد من المهن من مفيش.. مهن ليس لها علاقة بالحكومات ولا الضرائب وتكسب من الهوا.. فاخترعت مهنة السايس وهى مربحة ولا تحتاج غير قلب ميت وبعض التناحة والاستيلاء على رصيف برعاية أحد البلطجية الذى يرعاه بالضرورة أحد المتنفذين وكوش يا "سايس" ونفع واستنفع بالعند فى الحكومة..!


كما أفرزت مهنا مثل بائع الطريق.. وغالبا شابة أو شاب جامعى يحمل على ظهره شنطة وفى يده العديد من الأشياء بداية من ماكينة حلاقة صينى ومكواة وشواحن وبعض البلاستيكات فتشعر كأنه محل متنقل يلقاك فى الشارع أو فى المقهى :مساء الخير معايا عرض مهم ويبدأ فى عرض ما معه...ولم يعد مستنكفا أن تجد من يعرض بدل رجالى على أى سور حديدى فى الشارع وبعض القمصان والملابس الداخلية محل كامل على الرصيف فى الهواء الطلق.. ومهنة أخرى على الرصيف تجلس امرأة وبجانبها آلة مدببة وبعض المساحيق لترسم الوشم على أيدى الفتيات..ثم مهنة بيع الكتب بفرشها على مساحة فوق الرصيف بديلا عن المكتبات وتكاليفها الباهظة..!
ولم تقف مهن الشحاتة محلك سر بل طورت من نفسها وأصبح تنظيمها عنقوديا بالمناطق والأحياء وتبدأ بحامل فوطة بين الإشارات يمسح زجاج السيارات فى ثوان طلبا لبضعة قروش.. وتجد من يوقفك وهو فى كامل شياكته أو شياكتها لتطلب بضعة جنيهات لأنها قد سرقت.. وتنويعة من الشحاتين مختلفى الاعمار بداية من الأطفال حتى الشيوخ وكل له كلماته التى يرهب بها ويستميل الجيوب.. ومن منهم يشحت تحت ستار بائع مناديل ورقية او سواك أو عطور ومن يجلس على الأرض يؤدى واجبه المدرسى.


وباعة جائلون خاصة بعد العاشرة ليلا داخل مترو الأنفاق حين تنام الرقابة ويتزاحمون بكل أنواع البضائع الرديئة ومنتهية الصلاحية بداية من اللبان والشيكولاته حتى أدوات المطبخ وجوارب رجالى.. وادهش ما تجده داخل عربات المترو من تمثيليات مرضى وأطفال حليقى الرأس تحملهم امرأة تدعى انها أمه ومصاب بالسرطان ومحتاج نقل دم ولا تقدر على علاجه ولا تفهم كيف تم خروج هذا الطفل بهذه الكيفية الا لضرورة المهنة المستحدثة..كلها مهن تربح أرباحا خيالية بلا ضرائب ولا رقابة حكومية ولا رقابة من أى نوع غير ما يتم فى الخفاء بين البلطجية المتحكمين فى السوق والمتنفذين من أولى الأمر وبالعند فى الحكومة!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة