علاء عبدالهادى
علاء عبدالهادى


نداء «رحمة» للرئيس

علاء عبدالهادي

الخميس، 19 ديسمبر 2019 - 07:38 م

«هو كتاب يحكى مسيرته منذ أن كان طفلاً يتنسم هواء بورسعيد التى عشقها وساهمت فى تشكيل وجدانه»

فى منتدى شباب العالم الذى اختتم أعماله مؤخرا فى الجميلة المشرقة شرم الشيخ، شعرت بالشباب والحيوية، تدفقت الدماء فى عروقى المتيبسة، ونسيت أن شعرى شاب، وشعرت أننى شاب فى مقتبل العمر، وأننى أكثر إقبالا على الحياة، بل وأكثر قدرة على مواجهة أية مشكلة تواجهنى فى حياتى، واذا كان ينقصنى بعض العزيمة والإرادة والقدرة على تحدى الصعاب والمعوقات، فلى فى "زين" أسوة حسنة، فرغم صغر سنوات عمره، التى قضى أغلبها فى مصارعة أشرس عدو وأقوى ابتلاء، وهو مرض السرطان، الا أنه، ومن ورائه أسرة عظيمة رائعة، انتزع حقه فى الحياة وأن يبقى فى أحضان والديه.. وتعلمت من جيسيكا التى ولدت من دون ذراعين أن الإعاقة مهما كانت درجتها فإنها لا تقف عائقا، بل ان ارادة الإنسان قادرة على قهرالعجز، هل هناك تحد أكثر من أن تقود جيسكا طائرة ؟ نعم طائرة، وتكمل حياتها، وتصنع تجربتها الخاصة الفريدة وتفعل كل شىء حتى ربط حذائها، وممارسة الرسم.. الأمثلة كانت كثيرة ومتنوعة من أصحاء، ومن ذوى قدرات خاصة، حرصت إدارة المنتدى العبقرية على الإتيان بهم من شتى أنحاء العالم ليعرضوا تجاربهم الفريدة، تجارب كانت ملهمة حتى لمن هم مثلى فى الخمسين من أعمارهم، فما بالنا بشباب فى مقتبل العمر، بعضهم قد يكون أصيب باكتئاب، وأغلق الباب فى وجه الدنيا مع أول تجربة أو مشروع يفشل فيه، هناك فتاة فلسطينية فشل والدها فى استكمال دراساته العليا فحققت له حلمه بان أصبحت أحد أفضل 50 على مستوى العالم فى مجالها قالت للحضور: أوصيكم بأن تتمسكوا بأحلامكم.. فشلت مرة حاول مرة وألف مرة، المهم أن تثق بحلمك وأن تتمسك بمتطلبات النجاح، وفى يوم سيتحقق.


تعلمت من كل نموذج شيئا، وكان مصدر إلهام لى، وأعترف أننى وأنا جالس مع الآلاف الذين احتشدت بهم قاعة المؤتمرات فى شرم الشيخ، قررت أن أعيد النظر فى كثير من معارك الحياة التى أرى أننى خسرتها وأعلنت فيها الانسحاب من المواجهة لتحقيق أحلامى، ورفعت راية الاستسلام متدثرا بكلمات أطيب بها خاطر نفسى، وبناء عليه، وبما تعلمت من هؤلاء العباقرة الشباب أن أعود وأستأنف معارك التحدى من أجل تحقيق احلامى.


بجوار رحمة

تصادف وقوفى بجوار رحمة فتاة متلازمة داون التى أصبحت أول مذيعة، وعلى يمينى مصطفى نزار، المذيع الشاب من ذوى القدرات الخاصة، وفجأة وجدنا الرئيس عبد الفتاح السيسى يتجول بين أروقة المنتدى، طلبت رحمة من الحرس ان يسمح لها بالسلام على الرئيس، لم يلتفت لها أحد منهم، ليست هذه هى مهمتهم، فجأة بدأ صوت رحمة يعلو، مصحوبا بنشيج: «أنا بحب الريس وعايزه أسلم عليه، هو بيحبنى، ويعرفنى، عايزة أسلم عليه» صوت رحمة لا يكاد يصل ولا يراها أحد فقامتها قصيرة مقارنة بقامات أفراد الحرس الفارعة.. الرئيس مشغول بالحديث مع الدكتور عبد المنعم سعيد، والخبير الأمنى خالد عكاشة حول المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية الذى يديرانه، لم تيأس رحمة وكررت نداءها على الرئيس، الذى وبمجرد تحركه تنامى إلى سمعه نداؤها هى ومصطفى التفت الرئيس وعدل مساره وذهب لهما ولبقية زملائهما، تعلو وجهه ابتسامة، وسلم عليهم وحقق لبعضهم أمنية التقاط الصور مع رئيس تعلو لديه قيم الإنسانية، والأخلاق، مفردات القيم حاضرة دائما على لسانه، يدعو إليها، حتى فى خطابه السياسى يعزز لغة مصر الداعية للسلام، والسلم، وانها لم ولن تهاجم أحدا مادامت حدودها وأمنها الإقليميان لم يمسا، رئيس جابر للخواطر، الأمثلة كثيرة، ربما رأيتموها على الشاشات، لم يكن تعلق الفتى المقاتل زين بالرئيس أكثر من مرة من فراغ، ولم يكن حرص الرئيس على أن يوقف زين بجواره وهو يعلن قراراته فى نهاية المنتدى عفو الخاطر، ولكنها رسالة من قلب وعقل رئيس صادق الرسالة.


رسائل الرئيس فى منتديات الشباب كثيرة وعزيرة، يجد نفسه وسط الشباب، ينحاز إليهم، يستمع إليهم، تجد الرئيس فى قمة إقباله، ولياقته فى تلك المنتديات، لأنه يراهن دائما على الشباب، وعلى وعيهم وادراكهم، ويوقن أن التغيير الذى ينشده لمصر لن يتحقق بجد الا بهم وبعطائهم، وبقدرتهم على التحدى، والتغلب على الصعوبات، الرسائل بعضها مباشر صريح، وبعضها غير مباشر، حرص الرئيس على قيادة الدراجة فجرا، ومشاركة شباب العالم فى ماراثون السلام، وحرصه على أن يكرم كل من ألهمونا بتجاربهم.. رسائل يجب أن نستقبلها ونتعلم منها.


المنتدى فى نسخته الثالثة نجح بدرجة امتياز، وعاما بعد عام تزداد مساحة تأثيره فى الواقع المصرى، والعربى والأفريقى، وأصبح له صدى لا يستهان به عالميا.


سيرة محارب

وقف الطفل سمير سعيد فرج أمام أمه ناظرة المدرسة الوحيدة للبنات فى بورسعيد يترجاها أن توافق وتقنع والده بالاشتراك فى المعسكر الدولى للكشافة فى الفلبين، وكان يطلق عليه «الجامبورى العالمى-» وحاول أن يقلل مخاوفها كأم حول طول الرحلة ذهاباً وعودة والتى تستغرق ٤٥ يوماً منها شهر كامل فى عرض البحر، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الاشتراك فى المعسكر وكانت تبلغ ٤٥ جنيهاً وهو ما يعادل مرتب موظف خريج الجامعة لمدة ٣ شهور كاملة وفوجئ الطفل سمير بموافقة الأم، ولكنها كانت موافقة مشروطة بقراءة كتاب «سر تقدم السكسونيين» الذى يقع فى ٤٥٠ صفحة، ثم تلخيصه فيما لايزيد على عشر صفحات!! وكان هذا أول تحد حقيقى نجح لواء أركان حرب دكتور سمير فرج فى اجتيازه وسافر وتعددت أسفاره إلى شتى أنحاء الدنيا محاربا فى الجيش المصرى، وملحقا عسكرىا، ودارساً ثم مدرسا فى كلية كمبرلى بأنجلترا.


دائما أتساءل عن سر هؤلاء الذين نجحوا وبتفوق فى مجالات قد تبدو على طرفى نقيض، واتساءل عن السر الذى يحول المحارب بالسلاح إلى محارب يحمل القلم وكيف يمكن لإنسان أن يتفوق ويبدع فى ميدان الحرب، ويسجل اسمه بأحرف من نور فى التاريخ العسكرى، وكيف يمكن لنفس الإنسان أن يبرع ويتفوق فى مجال على النقيض تماماً.. تابعت مسيرة د.سمير فرج كأحد أشهر من تولوا إدارة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة، ويحسب له أنه قرب الجيش إلى الشعب، وجعل المواطن على علم بما يتم من انجازات فى هذا الجيش الوطنى. تعرفت عليه للمرة الأولى عندما تولى مسئولية إدارة دار الأوبرا المصرية بعد بقائه لشهور وكيلاً لوزارة السياحة، أدركت كيف تنجح الإدارة الحكيمة فى قيادة أية منظومة بنجاح، فرغم أن الرجل قادم من مؤسسة عسكرية منضبطة، إلا أن هذا لم يمنعه من النجاح فى الاوبرا بل على العكس تماماً، طبق علوم الادارة التى درسها وخلال فترة قياسية أعاد للأوبرا بريقها، وضبطها وربطها ونظم أوبرا عايدة، وأحيا العلاقة مع «الجايكا» اليابانية..

ولأن نجاحه كان مبهراً وقياسياً وفى زمن قصير أثار رعب البعض وتربصوا به وأوعزوا حتى ذهبوا به محافظاً لمدينة الأقصر على اعتبار أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون «شلوت لفوق» وهناك سوف يموت موتاً أكلينيكيا بعيداً عن أضواء العاصمة، ولكن جينات النجاح مزروعة فى سمير فرج - مع حفظ الألقاب- نفذ الأمر، وخلال أعوام قليلة أعاد الحياة للأقصر التى بها ثلث أثار العالم، وراح بهمة ونشاط يزيل التعديات، وينفذ مشروعات واعدة واطلق العنان لمشروع طريق وادى الكباش، وراح مع «اليونيدو» يكشف عن الوجه الجميل لمدينة يعرف العالم قدرها ويتابع أخبارها وتندر البعض بنجاحه إلى الحد الذى قال فيه البعض أن سمير فرج يجمع مجلس الوزراء كل أسبوع فى الأقصر.. سيرة د.سمير فرج لم تنته بخروجه من محافظة الأقصر، وبالمناسبة كان أول محافظ لها بعد تحولها لمحافظة، ولكنه دائم العطاء بعلمه ودروسه فى الاستراتيجية، ويمارس دوره الوطنى بهمة ونشاط فى كثير من الميادين، فى الداخل والخارج متى طلب منه ذلك.. سمير فرج يحمل دكتوراة فى الإعلام ويمتلك قلماً أحسده عليه أتاح له أن يطل علينا بسلسلة مقالات فى الأهرام، وفى أخبار اليوم.. كل مقال درس بلغة أدبية صحفية راقية.. مؤخراً أهدانى كتابه: وداعاً للسلاح «سيرة محارب» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو كتاب يقع فى ٤٥٠ صفحة من القطع الكبير.. يحكى فيه مسيرته منذ أن كان طفلاً يتنسم هواء بورسعيد التى عشقها، وشكلت وجدانه وفكره.. شكراً للجنرال سمير فرج الذى شارك فى حرب اليمن وحرب يونيو وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، ومازال يخوض إلى يومنا هذا معركة الوعى بكتاباته التى يطل بها علينا عبر الصحافة المكتوبة أو عبر الفضائيات.

- لم يكذب من قال «السيرة أطول من العمر».. أطال الله عمرك «ياجنرال»!


«الكول سنتر»

لم تمر فترة طويلة على تسلمها العمل فى إحدى شركات الإتصالات، حتى قالت لى أنها ستتقدم باستقالتها.. حاولت أن اثنى الفتاة -إحدى قريباتي- عن قرارها مستغرباً.. كيف تضحين بهذه الوظيفة، خاصة أن راتبها لا بأس به.. قالت إنها معينة فى «الكول سنتر» ووظيفتها الرد على العملاء، تسمع الشكاوى، وتحلها أو تعمل على حلها.. إلى هنا وكل شىء قد يبدو عادياً، ولكن ما يحدث فى الواقع- كما حكت لى شىء آخر إذ أنها تتعرض هى وكل الفتيات أو السيدات اللاتى يعملن فى نفس القسم لتحرشات لفظية وجنسية تفوق الوصف، ويندى لها الجبين، وبعضها من أناس كبار فى السن وعندما تشتكى أية فتاة يكون الرد بأن دورنا ليس معاقبة العميل المتجاوز، أو «اعملى انك مش سامعة» أو كبرى.. ما حدث لهذه الفتاة يحدث تقريباً لكل العاملات فى مكالمات خدمة العملاء.


تحرش من كل شكل ولون وسخافات «وقلة أدب» امتد ليطال خدمة الإسعاف، والنجدة، آلاف المكالمات الخادعة التى يبلغ عن اشياء لا وجود لها أو غير حقيقية، لا لشيء إلا لإزعاج هذه الجهات..

ماذا فعلت اليابان فى مثل هذه النوعية من الزبائن عديمى التربية أو الذين يعانون من أمراض نفسية؟
اسمع ياسيدي:
ألقت الشرطة اليابانية مؤخراً القبض على رجل يبلغ من العمر ٧١ سنة بعد أن أجرى ٢٤ ألف اتصال بالشركة المشغلة لهاتفه على مدار عامين ونصف العام، بما أثر على أداء الشركة فى تقديم الخدمة لبقية العملاء.. أكيتوش أو كاموتو كان يتصل إما للشكوى وإما لإهانة العاملين فى خدمة العملاء.


هل نحذو حذو اليابان؟ الجريمة مسجلة، والتكنولوجيا تتيح لنا أن نتعقب هؤلاء ونقدمهم للعدالة.. وتحديداً هؤلاء الذين يعبثون مع النجدة والإسعاف؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة