كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كنز مصر الذى لا يفنى !

كرم جبر

الأحد، 22 ديسمبر 2019 - 07:28 م

تنقصنا استعادة قوة الدولة الناعمة المصرية، بنفس سرعة الإنجازات الأخرى، لتكتمل المنظومة، ويقف الوعى حارساً أميناً على البلاد، فالثقافة والعلوم والفنون والآداب التى كانت تسرى فى روح الأمة، وتلهمها بالخيال والإبداع والتفرد والتميز، مواصفات مصرية قياسية تميزها عن سائر الدول.
انتصرنا فى معارك كثيرة بالقوة الناعمة قبل الخشنة، وكانت سلاحنا الفعال فى الهزائم والانتصارات، ولا ننسى الحماس الوطنى المتدفق بعد هزيمة يونيو 67، وانطلق الفن جنباً إلى جنب الجنود، وعزفت الربابة بجوار المدفعية.
فى حرب أكتوبر المجيدة اكتسى الفن بالهدوء والمصداقية والإبداع، بنفس روح المعركة، وخرجت الألحان دون صراخ أو ضجيج، وإنما نغمات حماسية تتغنى بحب الوطن، والتضحية والفداء ورفع الروح المعنوية للمقاتلين الأبطال.
فى خزائن مصر مخزون من القوة الناعمة الضاربة فى جذور التاريخ وتتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، فتشكل ملامح الشخصية المصرية، التى تتميز باحتواء جميع الثقافات والحضارات والأديان والملل والأجناس تحت العباءة المصرية.
مصر لا تفرق بين أبنائها وأبناء سائر الجنسيات الأخرى الذين يعيشون على أرضها، وتضرب نموذجاً رائعاً فى التواصل الإنسانى والتقارب والتفاهم، وتضفى على الجميع سمات الهوية المصرية المتسامحة والمتعايشة مع الجميع.
القوة الناعمة المصرية هى التى تحمى عنصرى الأمة فى المحن والأزمات، ومهما حاول عدو داخلى أو خارجى أن ينال منها، تستدعى مخزون التلاحم المشترك دفاعاً عن الوطن فى مختلف المعارك، وارتوت الأرض بدماء الاثنين، مسلم ومسيحى، وازدهرت أشجار الكرامة والاستقلال والحرية.
القوة الناعمة المصرية هى أداة الاصطفاف، وفى الحروب تبرز صرخة «دع مياهى فمياهى مغرقة، دع سمائى فسمائى محرقة، واحذر الأرض فأرضى صاعقة»، وفى السلم تكتسب الفنون هدوءا مأخوذا من سريان النيل.
لماذا كتب الإخوان نهايتهم بأيديهم فى أقل من عام ؟
لأنهم لم يفهموا سر مصر، وتعاملوا معها بجهل وقسوة وخشونة، وأرادوا تغيير سماحتها بالعنف والدماء، واستبدلوا الاحتواء بالإقصاء والإبعاد، وعزلوا المصريين فى جانب، ووقفوا على الجانب الآخر.
القوة الناعمة المصرية هى عشق الأرض والعلم والنشيد، فصارت الأرض عندهم رخيصة ولا مانع من التنازل عنها، واتخذوا لأنفسهم علماً غير علم مصر، ونشيداً غير نشيدها الوطنى، واختزلوا الوطن الكبير تحت عباءتهم الصغيرة.
مصر اعتادت منذ فجر التاريخ أن يحكمها حكام وطنيون، وهويتها أن الدولة التى ترعى كل المصريين، دون تفرقة بسبب جنس أو لون أو دين، فأرادوا استبدالها بميليشيات من كهوف التخلف، يحملون فى أيديهم السنج والسيوف والكرابيج.
العنف سلوك إخوانى ضد الرحمة والإنسانية والعدل، ومصر ثقافتها تصبح فى أوج ازدهارها إذا ساد العدل واختفى العنف، وشتان بين من يحمل فى يده «ناى»، وبين من يهدد الآمنين بالكلاشينكوف.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة