أحمد بن بلة خلال استقباله الأسطورة البرازيلي بيليه في الجزائر- أرشيفية
أحمد بن بلة خلال استقباله الأسطورة البرازيلي بيليه في الجزائر- أرشيفية


حكايات| الرئيس الجزائري «الحريف».. «بن بلة» يحطم رقم «جورج ويا» قبل الحكم

عمر البانوبي

الإثنين، 23 ديسمبر 2019 - 05:19 م

عندما تقرأ اسمه أحمد بن بلة، تتذكره بتاريخه النضالي ضد الاستعمار الفرنسي وكونه أول رئيس لدولة الجزائر الشقيقة بعد استقلالها، وتعرفه زعيمًا عربيًا وطنيًا ناضل سنوات طوال لتحقيق حلم الجزائريين، قبل أن يتحقق بدماء مليون ونصف المليون شهيد، لكن هل تعرف «بن بلة» لاعب مارسيليا الفرنسي؟

 

للرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة وجه آخر للراحل بدأت منذ ولادته في 25 ديسمبر 1916 في بلدة مغنية بولاية تلمسان الجزائرية؛ حيث عشق كرة القدم طفلاً صغيرًا امتدادًا لتعلق الشعب الجزائري بها، فبدأ دراسته في زاوية لتحفيظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وواصل تعليمه في تلمسان لكنه لم ينل الشهادة الأهلية كما يطلق عليها بسبب تعنت مدرسه الفرنسي المحتل. 

 

من الحرب إلى مارسيليا

 

انصرف «بن بلة» عن الدراسة إلى الرياضة فصار بطلاً للجزائر في العدو فئة 400 متر، ولعب كرة القدم لنادي اتحاد مغنية الرياضي في بلدته، لكنه فوجئ بتجنيده إجباريا في العام 1937 ضمن قوات الجيش الفرنسي المحتل، ثم اندلعت الحرب العالمية ويصبح رقيبًا في كتيبة مشاة الألب رقم 141 المتمركزة في مارسيليا، وهناك نال وسام صليب الحرب لتمكنه من إسقاط طائرة من طراز Stuka في ميناء المدينة.

 

لم ينس «بن بلة» عشقه لكرة القدم وسط أجواء الحرب العالمية الثانية، وانضم لصفوف نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي موسم 1939-40، ليصبح لاعبًا محترفًا في خط وسط أحد أكبر الأندية الفرنسية، وذلك خلال فترة الحرب التي شهدت مشاركته في معركة مونتي كاسينو الشهيرة.

 

نهائي كأس فرنسا

 

بعقل ينتظر نهاية الحرب العالمية ويواجه أهوالها بكل شجاعة، وقلب ينفطر على حال الجزائر المحتلة، كان «بن بلة» على موعد مع التاريخ باللعب مع مارسيليا الفرنسي في كأس فرنسا موسم 1939-40، وشارك في الجولة الثالثة مع فريقه أمام فريق «أنتيب جوان لي بان» يوم 29 أبريل 1940 بمدينة كان.

 

 

نجح بن بلة في تسجيل أحد الأهداف التي فاز به مارسيليا على أنتيب فكتب اسمه في تاريخ الكرة الفرنسية، وواصل مشواره مع الفريق حتى النهائي الذي خسره لصالح «ريسينج باريس» بهدف لهدفين.

 

عرض نادي مارسيليا على «بن بلة» الاستمرار بعقد لاعب محترف ضمن صفوف الفريق، لكن نداء الثورة الجزائرية كان الأقوى، فرفض وقرر العودة إلى وطنه، وعقب عودته إلى «مغنية» فوجئ بوفاة والده وأصبح العائل الوحيد لأسرته.

 

الصورة الأخيرة مع بيليه

 

أصبح بن بلة أول رئيس لدولة الجزائر بعد استقلالها عن الاحتلال الفرنسي، وبدأ ولايته يوم 15 أكتوبر 1963، ولم ينس أيضًا عشقه لكرة القدم.

 

 

حضر بن بلة مباريات لمنتخب الجزائر بعد الاستقلال وأبرزها الفوز على ألمانيا بهدفين نظيفين في العام 1964.

 


استدعى «بن بلة» منتخب البرازيل بطل كأس العالم 1962 في تشيلي بنجومه الكبار، وعلى رأسهم الأسطورة بيليه، ليخوض مباراة أمام منتخب الجزائر، وحدد لها يوم 18 يونيو 1965، وهو اليوم ذاته الذي شهد انتشارًا لبعض الدبابات في شوارع العاصمة الجزائرية لتصوير مشاهد فيلم «معركة الجزائر».


ومع تتابع الأحداث الكبرى على الأمة العربية خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخها، لم يكن يتوقع «بن بلة» ما سيحدث له بعد أقل من عامين على حكمه لدولة الجزائر بأحلام وطموحات المناضل الثوري الذي عاش الفترة الأصعب في تاريخ بلاده.

 

سافر بن بلة من العاصمة إلى وهران لحضور مباراة منتخب بلاده الحرة أمام بطل كأس العالم والتقط صورة رفقة بيليه وجارنيتشا، ليجد نفسه في صباح اليوم التالي، 19 يونيو، داخل السجن، عقب انقلاب وزير الدفاع هواري بومدين عليه بعدما انتشر قوات من الجيش الجزائري، وتسللت وسط العربات العسكرية والدبابات التي انتشرت لتصوير فيلم «معركة الجزائر»، بحسب ما ذكره المناضل والدبلوماسي الجزائري رابح مشحود في الجزء الثاني من سيرته الذاتية.

 

 

 

وبعيدًا عن السياسة فإن «بن بلة» يحتفظ بلقب إفريقي مميز؛ إذ سبق الأسطورة الليبيرية جورج ويا ليصبح الجزائري الراحل أول لاعب كرة قدم في قصر الرئاسة ببلاده، ويكتب فصلاً من تاريخ العلاقة الوطيدة بين كرة القدم والسياسة في العالم، وإن كانت تجربته قصيرة في ظروف تاريخية شديدة الصعوبة، لكنها تظل خاصة جدًا لكل من يعشق كرة القدم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة