كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الشيطان لا يعظ !

كرم جبر

الإثنين، 23 ديسمبر 2019 - 07:58 م

رفضت مصر منذ البداية نظرية «الفوضى الخلاقة»، ومسمياتها المختلفة مثل «الربيع العربى» و«جنة الديمقراطية»، وكانت ترى من واقع خبرتها الضاربة فى جذور التاريخ، أنها ستشعل حرائق كبيرة يصعب إطفاؤها.
لم تكن نوايا الغرب طيبة ولا بريئة، ولو فتشنا فى الأسباب الدفينة وراء إشعال المنطقة، سنجدها أحداث 11 سبتمبر، عندما فوجئت الولايات المتحدة ذات يوم، أن أعظم دولة فى العالم، تم ضربها بوسائل بدائية.
كانت أمريكا تفكر فى حرب النجوم، والخطر القادم من الصين وكوريا الشمالية ودول جنوب شرق آسيا، التى تصعد بسرعة الصاروخ، ولا يمكن مواجهتهم إلا بنقل مسرح العمليات من الأرض إلى الفضاء.
فوجئت أمريكا أن الخطر لم يأت من «النجوم» بل «الكهوف»، وأن حروبها القادمة التى مهدت لها أفلام هوليود مجرد أوهام، وأن الكائنات الفضائية موجودة بالفعل فى دول الشرق الأوسط والأدنى، فى الجماعات الإرهابية التى فجرت برجى التجارة.
أمريكا لم تكن بريئة، فقد تصورت فى يوم من الأيام، أنها تستطيع أن «تحضر العفريت» وتصرفه باحتضانها تنظيم القاعدة، وأثبتت الأحداث أن الذى يحضِّر العفريت ليس ضرورياً أن يستطيع صرفه.
ورفعت أمريكا نظرية «من أعمالكم سلط عليكم»، وقررت أن تذيق دول وشعوب المنطقة من كئوس النار، الإرهاب الذى حاول تحطيم إمبراطوريتها مستخدماً طائرات مدنية.
كان السؤال: كيف تفتقت عقول الإرهابيين على استخدام الطائرات المسالمة، كسلاح تدمير أقوى من أسلحة القتال و»توما هوك»، ولم تستطع أعظم تكنولوجيا الرادارات فى العالم أن تكتشفها.
الخطر فى «الكهوف» وليس «النجوم» - هكذا اكتشفوا - والحرب يجب أن تكون مدمرة وأن يكتوى الذين أنجبوا الإرهابيين بالنار، وأن يتم تفكيك دولهم وتشريد شعوبهم وجعلهم عبرة وعظة.
أخطر شىء هو أن يلعب «السياسى المبتدأ» دور الزعيم التاريخى صاحب النظريات، وهذا ما فعله بعض المسئولين الأمريكي-ين مثل كونداليزا وكولن باول وبوش الابن ومساعديهم، عندما غلفوا غزو المنطقة بشعارات سياسية أحياناً ودينية وفلسفية، علاوة على أكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وارتفع شعار «لماذا نقتلهم إذا كانوا يقتلون أنفسهم؟»، وحددوا أدوات الدمار الشامل فى عنصرين: الجماعات الإرهابية المتعطشة للسلطة والدماء، وشباب يتم تدريبهم وتجنيدهم فى الغرب وهم المعروفون بالنشطاء.
بقية المسلسل الدموى معروفة، ولم يحكه لنا أحد بل عشنا فصوله المخيفة.
اضرب سوريا وفككها واصنع داعش ومعها جماعات دينية متحاربة تظل تتقاتل حتى تستنزف كل شيء، وهو نفس السيناريو الذى تم تطبيقه بجيوش أجنبية مع العراق، ولكن فى سوريا بميليشيات محلية وطائرات حربية.
وإلى اليمن وليبيا، وأى دولة أخرى يمكن أن تشعل فيها حروبا أهلية تحت أية مسميات، وكانت مصر أيضاً مدرجة على «جدول النار»، وأطلقوا عليها الثمرة الكبرى، أو المكافأة العظيمة لربيعهم الدامي.
أيام ويهل يناير، الشهر الذى وقعت فيه الأحداث الجسام، والعبرة والعظة هي: فلنحافظ على بلدنا من كل شر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة