عميد الجالية المصرية فى باريس
عميد الجالية المصرية فى باريس


عميد الجالية المصرية في باريس: قدرة السيسى على «الحلم» نقطة فارقة فى تاريخ مصر

هشام مبارك

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019 - 03:19 ص


نواب المحافظين الجدد بداية ليتولى الشباب مواقع القيادة
التطبيق السليم للنظام الضريبى كفيل بحل كل مشاكل مصر الاقتصادية

هذا الرجل أصبح من معالم مدينة باريس، لأنه يعيش فيها منذ ما يقرب من خمسين عاما عندما خطا على أرضها أولى خطواته فى الحياة العملية بعد أن حصل على الثانوية العامة من مصر عام 1968 ثم حصل على الماجستير والدكتوراة فى الهندسة العمرانية وتخطيط المدن من باريس.

وهو بالفعل أقدم مصرى وعربى موجود فى باريس، لذا استحق عن جدارة لقب عميد الجالية المصرية فى فرنسا، اصطحبته فى جولة بشوارع باريس فوجدت أصحاب المحلات وسائقى الترام والأتوبيسات يعرفونه بالاسم ويلقون عليه التحية وكأنه يعيش فى حى شعبى فى القاهرة.

وبعد الجولة جلسنا على مقهى «لو دوم» الشهير فى حى مونبارناس بقلب العاصمة باريس، مقهى سارتر وسيمون بوليفار وتوفيق الحكيم وغيرهم من كبار الفلاسفة والأدباء العظام.

وعلى ذلك المقهى التاريخى دار هذا الحوار مع د.عاطف طرفه عميد الجالية المصرية بباريس.

لاحظت أن المصريين فى الغربة عموما وليس فى باريس فقط من أكثر الفئات التصاقا بأخبار الوطن ومتابعة كل ما يحدث فيه، كيف تفسر تلك الظاهرة باعتبارك عميدا للجالية المصرية فى فرنسا؟

- لا أبالغ إذا قلت لك إن متابعة أخبار مصر والوطن العربى عموما لا تغيب أبدا عن جدول الأعمال اليومى لأى مصرى فى فرنسا، خاصة مع سهولة الحصول على الأخبار من خلال النت والقنوات الفضائية وغيرها من وسائل التواصل السريعة والحديثة، وهو أمر طبيعى، فكلما بعد الإنسان عن وطنه زاد تعلقه به وحرص على متابعة كل ما يجرى فيه فما بالك إذا كان وطنك هو مصر أم الدنيا التى علمت الإنسانية معنى الحب والوفاء؟

النهضة العمرانية
بمناسبة تلك المتابعة اليومية كيف يرى المصريون فى باريس ما يحدث حاليا من تطور فى مصر على جميع الأصعدة؟

- نشعر بالفخر الحقيقى لما يتحقق على أرض الواقع فى مصر خلال هذه الأيام، خاصة النهضة العمرانية الهائلة التى لا ينكرها إلا جاحد ونحن كمصريين فى الخارج لدينا ثقة كبيرة فى وطنية وإخلاص الزعيم عبد الفتاح السيسى الذى يسابق الزمن لينهض بمصر إلى المكانة التى تستحقها، لذا ترى جميع المصريين هنا فى باريس يخرجون عن بكرة أبيهم للترحيب بالرئيس عندما يزور فرنسا وهو شعور تلقائى للتعبير عن التفاف المصريين فى المهجر حول قائدهم المتحمس لحل جميع مشاكل بلاده.

ونتمنى أن يكون جميع المسئولين على نفس القدر من الحماس والنشاط، والأهم من ذلك إيمان الرئيس السيسى بالشباب وهى نقطة ربما لا يتفق فيها معه كثير من كبار المسئولين فى مصر حاليا، وخذ عندك مثالا: القرار الذى صدر مؤخرا بتعيين مجموعة كبيرة من الشباب فى مناصب قيادية فى المحليات والمحافظات، وهو دليل دامغ على دعم القيادة السياسية للشباب وإحلال قيادات من الشباب الواعى فى المناصب العامة فى الدولة مما يعكس إيمان القيادة السياسية الشديد بأن الشباب هو الذى سيقوم بالدور الريادى فى تقدم الوطن والإنطلاق للأمام فى خضم كل تلك الظروف التى تحيط بمصر.

كيف يمكن أن تكون الجالية المصرية الكبيرة فى باريس داعمة لما يحدث من تطور فى مصر وليست فقط مشاهدة وراصدة لما يدور من أحداث؟

- نحن كمصريين فى الخارج على أتم الاستعداد لتقديم أى عون لبلادنا ولا أخفيك أننا نشعر فى كثير من الأحيان بالمرارة الشديدة لأن بلدنا لا تستفيد منا بالقدر الكافى رغم أن كل مصرى فى الغربة وراءه قصة نجاح وكفاح وتجربة فريدة يمكن لمصر أن تستفيد منها ونتمنى فعلا أن تلتفت الدولة إلى مقترحات المصريين فى الخارج لأنهم ثروة يمكن أن تساهم فى تطور البلد وتحقيق النمو المنشود، فخبرات المصريين فى الخارج لا تقل عن خبرات المصريين فى الداخل وهو ما فعلته غالبية الدول الاوربية التى استفادت من أبنائها دون تمييز حيث أسهموا فى نهضة هذه الدول، وهناك خبرات مصرية فى الخارج لا يسمع عنها أحد فى مصر رغم أنها على استعداد لتقديم كل خبراتها للمسئولين للاستفادة منها وليس من الضرورة أن ننتظر حتى يحصل المصرى فى الخارج على جائزة عاليمة مثل نوبل حتى نشعر به ونستفيد منه مثلما حدث مع العالم الراحل أحمد زويل الذى نال الجائزة بترشيح أمريكى وليس مصريا.

هل تعلم أن هناك 22 ألف عالم مصرى فى أمريكا وكندا وغرب أوروبا مثل فرنسا وألمانيا وهولندا وايطاليا وغيرها من الدول؟ لقد بح صوتنا من مناشدة الحكومة الاستفادة من هؤلاء المصريين دون جدوى حقيقية.

كم عدد أبناء الجالية المصرية فى فرنسا وهل هناك تجمع منظم يلتقون من خلاله؟

- عدد أبناء الجالية المصرية فى فرنسا حاليا يدور فى فلك الثلاثمائة ألف مصرى وربما أكثر ولدينا أكثر من تجمع للمصريين نظرا لوجود ذلك العدد فى عدة مدن فرنسية وليس فقط فى باريس العاصمة.

ونسبة كبيرة منهم ليس لديها أوراق رسمية للإقامة مما يعرضهم لكثير من المشاكل التى نحاول مواجهتها من واقع خبرتنا بالمجتمع الفرنسى والنظم والقواعد والقوانين التى تنظم تواجد الأجانب على الأراضى الفرنسية، عدد كبير من المصريين هنا من طلبة الجامعات الذين جاءوا للدراسة ومع الأسف كثير منهم عند تخرجه يعود لمصر ليفيد بلده فيفاجأ بعدد من القرارات البيروقراطية التى تعطله عن العمل فى مصر فيضطر آسفا للعودة لفرنسا التى ترحب طبعا به. نعم مصر لديها امكانيات هائلة للتطور والنمو لكن لدنا منبع كبير من منابع لبروقراطية الذى ينسف إمكانية الاستفادة من خبرات أبنائها فى الخارج.

المشاريع القديمة

باعتبارك متخصصا فى الهندسة العمرانية وتخطيط المدن ما هى أهم الأفكار التى يمكن أن تفيد مصر من خلالها؟

- قدمت أكثر من ورقة بحثية ليس فقط على مستوى التخطيط العمرانى وكذلك السياحى ولكن أيضا فى عدة مجالات اقتصادية وصناعية مثل المشاريع القديمة التى يجب أن نعيد اكتشافها فلدينا مثلا فى مصر 220 منجما للذهب من أيام الخرائط الفرعونية ولدينا خبراء فى هذه المناجم فى كل الجامعات المصرية. وكذلك المشروعات التى بناها الفراعنة ولم يتم استغلالها مثل وادى الريان وشلالات الفيوم وبحيرة الريان العظمى التى كانت أكبر مشورع هندسى قام بإنشائه سيدنا يوسف عليه السلام للحفاظ على المياه كمخزون استراتيجى لنهر النيل ولاتزال البحيرة موجودة فى منطقة وادى الريان وهذا الاسم نسبة للفرعون اخناتون.

من خلال إقامتكم الطويلة فى فرنسا كيف ترصد التحولات الكبيرة فى إدارة مدينة مثل تلك المدينة التى يقصدها ما يقرب من مائة مليون سائح سنويا؟

- مدينة باريس من أغنى عواصم العالم، حيث يتعدى حجم أعمالها تسعمائة وخمسين مليار دولار سنويا، وحجة ثروتها العقارية لا يقدر بمال والمقصود بثروتها العقارية شىء لن يخطر لك على بال ألا وهى المساكن الشعبية أى الحكومية فى باريس والمخصصة لأصحاب الدخل المتوسط والمتدنى بما فيهم أساتذة الجامعات.

لك أن تتخيل أن الدخل الكبير الذى تحققه باريس يجعلها تقدم مساعدات كثيرة لمن يسكنها من أرباب المعاشات الذين يحصلون على الحد الأدنى من المعاش وذلك لمساعدتهم فى تحمل أعباء الحياة، هذا غير الدعم الحكومى الذى تقدمه لهم الحكومة المركزية.

والدعم الحكومى هنا له ضوابط خاصة حيث إنه مرتبط بدخل الفرد حيث لا يوجد فى فرنسا كلها مواطن واحد لا يقدم إقرارا ذمة مالية فى فترة معينة كل عام وإلا سدد غرامة كبيرة ولو تكرر التلاعب يتم حبسه وبناء على ذلك الإقرار الضريبى يتم التمتع بالدعم الحكومى.

فمثلا لو كان دخله الشهرى ألف يورو ولم يجد إلا سكنا قيمته 800 يورو شهريا فتقوم الدولة بدعمه هو وأسرته بسداد 80% من قيمة الإيجار كل حسب إقراره الشهرى. هذه المنظومة العادلة تمكن الحكومة الفرنسية مثلا من دعم الطفل وهو لا يزال جنينًا فى بطن أمه، حيث يتم صرف 120 يورو شهريا للأم حتى تهتم بصحتها خلال فترة الحمل كما يستمر صرف ذلك المعاش عقب الولادة حتى يصل لمرحلة الحضانة.

القانون الجديد

إذا كان الأمر كذلك فلماذا تشهد فرنسا هذه الأيام احتجاجات عارمة ضد نظام المعاشات الجديد الذى يريد الرئيس ماكرون إقراره؟

- المسألة هنا نسبة وتناسب وكل هيئة فرنسية لها وضع خاص. نقابة العمال اليسارية التى تقود الاحتجاجات ضد مشروع قانون المعاشات الجديد لأن كل هيئة لها وضع خاص بالنسبة للمعاش حسب ظروف عملها، مثلا عمال السكة الحديد يخرجون للمعاش عند سن الخمسين ويحصلون على معاش كامل.

مصر بصدد تطبيق نظام جديد للتأمين الصحى، فكيف يمكن أن نستفيد من التجربة الفرنسية فى هذا المجال؟

- نظام التأمين الصحى فى فرنسا من افضل النظم فى العالم كله، عنوان هذا النظام أن حق العلاج مكفول لكل إنسان، طبعا مجانا لأصحاب المعاشات وبمبالغ رمزية لغيرهم. حتى من ليس لديهم أوراق إقامة رسمية، حيث تقدم فرنسا المساعدة الصحية لأكثر من مليونى شخص يقيمون بها إقامة غير قانونية ومع ذلك يتمتع بالعلاج الكامل فى جميع المستشفيات دون أى تمييز بمعنى أنه يتم علاجه فى نفس المسشتفيات التى يعالج بها كبار المسئولين والوزراء. ولا يتم سؤال المريض عن أية بيانات شخصية إلا بعد تمام الشفاء.

القطاع العام

فى رأيك ما أبرز المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى وكيف يمكن التغلب عليها؟

- أعتقد أن أكبر خطأ تم فى مصر هو الأسلوب الذى تم به التخلص من القطاع العام ولم يتم محاسبة أى مسئول حتى الآن وكذلك كارثة فتح باب الإستيراد لكل شيء وأى شىء دون ضوابط وهو ما لا تفعله كبرى اقتصاديات فى العالم مما ساهم فى زيادة رقعة الفساد والعمولات وأثرت بذلك على قدرة الاقتصاد على تحقيق النمو الذى يستحقه.

وكثير من شركات القطاع العام التى تم تصفيتها كانت كفيلة يمساعدة البلد على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى عدد من المنتجات. مندهش أنا مثلا من وقف إنتاج بعض الأمصال الدوائية المهمة التى كانت مصر متميزة فيها من خلال شركة النصر للكيماويات الدوائية مثل أدوية الملاريا والبهارسيا وغيرها التى يتم الآن استيرادها من الخارج ولا يتم توفير هذه الأدوية فى الصيدليات، ولكن فقط فى المستشفيات والوحدات الصحية. وقس على ذلك كثير من الصناعات التى توقفت فى الفترة الأخيرة وتم التخلص من أصول المصانع بأثمان زهيدة، والأمل كبير فى مباردة البنك المركزى الأخيرة فى توفير التمويل اللازم لإعادة الحياة لكثير من الصناعات مرة أخرى.

قدرة الرئيس

ماذا ينقصنا لتحقيق ذلك الأمل؟

- ينقصنا أن يكون لدينا كمصريين نفس قدرة الرئيس السيسى على الحلم، فلو كنا نفذنا مشروع منخفض القطارة منذ عشرين عاما لما كنا عانينا من نقص فى الكهرباء أو المياه، ذلك المشروع الذى كان يعنى الاستفادة من مياه النيل التى تذهب هباء فى البحر المتوسط والتى كان يمكن بمشروع سهل قليل التكلفة وقتها من الوصول بمياه النيل لمواقع كثيرة تستفيد منها زراعيا وصناعيا.

أخيرا كيف تتوقع مستقبل مصر خلال الفترة المقبلة من خلال رؤيتك وخبرتك التى كونتها خلال فترة إقامتك الطويلة خارج البلاد؟

- كما قلت لك رغم كونى خارج مصر إلا أننى لا أتوقف عن زيارتى لها فأهلى كلهم يعيشون فيها وأنا رغم البعد الجغرافى لا أشعر أنى قد فارقتها لحظة، مصر محفوظة دائمة مهما عانت.

وأذكر تلك الفترة أيام الزعيم جمال عبد الناصر التى كانت فيه شبه محاصرة من جميع جهاتها الجغرافية الأربعة. حلف بغداد فى الشمال وحلف الرجعية العربية فى الشرق والاستعمار فى الجنوب واستعمار قاعدة طبرق فى الغرب فى ليبيا ومع ذلك مصر كانت رائدة فى كل سياساتها الخاريجة مثل دورها المشهود فى حركة عدم الانحياز أو الحياد الايجابى وغيرها وحققت مصر بعد ذك نجاحا على جميع الاصعدة.لذا نحن على ثقة بقدرة الرئيس السيسي على قيادة مصر إلى المكانة التى تستحقها عالميا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة