صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

فاعـل خيـر

صالح الصالحي

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019 - 07:36 م

فاعل خير.. مصطلح كنا نسمعه كثيرا فى الأفلام القديمة.. عندما يأتى لشخص تليفون يبلغه فيه عن أمر معين أو خبر ما.. وحينما يُسأل من أنت فكان الرد دائما «فاعل خير» .. على الرغم أن حديثه لا يحمل الخير أبدا.. فكثيرا ما كان يتسبب فى الوقيعة ودب الخلافات.. حتى حينما يبلغ الشخص الجهات الأمنية عن جريمة كان يقدم نفسه على أنه فاعل خير.
فاعلو الخير أنواع وأشكال كثيرة.. فمنهم من هم بالفعل كذلك.. يقدمون الخير دون الإفصاح عن ذواتهم وهويتهم ابتغاء مرضاة الله وطمعاً فى أجره.. ومنهم من يدعى ذلك ولا يمتون للخير بأى صلة.. على اعتبار أن الخير هنا وجهات نظر.
نحن الآن فى أحوج الحالات لفاعلى الخير الحقيقيين الذين يقدمون النصح والحلول كل فى مؤسسته وموقعه، دون أن يسعى للتباهى أو حتى نسب هذا العمل له أو الحصول على أجر جراء هذا العمل..
صحيح أن هناك أناسا لا يسعون إلا للصالح العام.. بلغوا من التجرد ما يجعلهم لا يرغبون فى تحقيق مصلحة شخصية.. وإنما هى الرغبة فى الإصلاح لمجرد الإصلاح لشدة ارتباطهم وإخلاصهم لمؤسساتهم وعملهم ولمن حولهم.. إلا أن البعض يقول أين هؤلاء المتجردون؟!.. أجيب بأنهم موجودون حتى وإن عم الصمت مكان وجودهم.. تستطيع أن تلمس وجودهم.. فهم أصحاب رؤية وهدوء.. وليسوا من أصحاب الصوت العالى.. الذى يصيب المكان بالضجيج.. إما بالتهليل أو التطبيل لأى صاحب مصلحة ترتبط بهم.. أو للإعلان المستمر عن وجودهم فى خدمة أنفسهم.. لدرجة أن ضجيجهم أصابنا بالصمم.. وجعل أذهاننا مشوشة غير قادرة على التركيز لاختيار من يعملون فى صمت.. وكأنه لم يعد هناك مكان يتسع إلا لأصحاب الصوت العالى.
أصبحنا بصدد مناقصة لتوريد فاعلى الخير الذين يعملون بحب وإخلاص للصالح العام لينفعوا غيرهم ومن بعدهم.. الأمر لم يعد يتسع لمزاحمة ليست لشىء سوى تقديم أنفسنا.. لتأخذ أنفسنا وتحصل أنفسنا على كل شىء ولا تترك لغيرها أى شىء.
المشهد متكرر قناصوا الفرصة وقراصنة المزايا متربصون طوال الوقت يمرون فوق قليلى الحيلة.. بل من الممكن أن يكون جواز مرورهم كوبرى منهم.. يعبرونه ليحققوا ما يريدون لنجد أنفسنا فى مشهد البعض يمر والآخر يدهس تحت أقدامهم وثالث يخشى المزاحمة فقد يقتل أو يصاب ممن يمر.. وربما يصل أو لا يصل.. والمدهوس بالطبع يئن أو يموت.. والفريق الثالث متردد بطبعه يخشى من المصيرين.. لكن دائما ما يكون له نصيب على الرغم من أنه متفرج.. لكن من يصل لا ينسى أن يقدم له نصيبه من المكايدة باعتباره فائزا ومنتصرا مهما كان الثمن الذى دفعه.. ومهما كانت خسائره.. فهو استطاع أن يصل لهدفه.. وهنا تختفى كل مشاهد فعل الخير.. ويذهب معها فاعلو الخير الذين تاهوا أو ماتوا أو امتنعوا عن دخول هذه المعركة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة