صورة موضوعية
صورة موضوعية


قصص وعبر| عصابة الجحود.. والهياكل العظمية

علاء عبدالعظيم

السبت، 28 ديسمبر 2019 - 07:16 م

ما أضعف الإنسان في حياته ومماته أبدا، يعيش بيأس ولو حنطته يد الزمان بمتحف، وكسته من استبرق ودمقص لسعى إليه البؤس وهو محنط، فحياته ومماته في تعس.

السطور التالية تفيض حرارة وتقطر دما، حيث المال أصبح عند عصابة الجحود هو كل شيئ، فالأنذال كثرة، والطيبون الآن كالماس في الندرة.

لم يشعر الزوج العجوز،٧٠ عاما، بالوحدة رغم آلامه الكبيرة بعد إصابته بشلل رباعي وأصبح قعيدا لا يقوى على الحركة، لم تتركه زوجته العجوز أيضا (٦٥ عاما) فكانت له الزوجة والأم والصديقة، لم تتوان يوما أو تشتكي أو تكل عن خدمته حيث كانت تقوم بإطعامه، وتنظيف ملابسه وتروي عطشه بحب ووفاء غير مسبوقين بصبر وجلد، بالرغم من الوحدة التي كانت بالنسبة لهما كوحش ينهش أنفاسهما، ومرت الأيام بل السنون، ولم يعلما بأنهما ستكون نهايتهما وإلقاء رفات عظم جسديهما وسط القمامة.


فالمشهد أكبر من أن يتحمله أحد، حيث كانت صرخات وأنين الزوج العجوز لا تتجاوز صدره الضعيف، وبح صوته من النداء على زوجته التي لم تستجب له، بعدما قامت بإطعامه وخرجت متوجهة إلى المطبخ، ظل لفترة طويلة على هذه الحال حتى أيقن بأنها توفيت، بكى بكاءا مرا حتى تورمت عيناه، وأشهرت غدده الدمعية إفلاسها، وتوقفت عن ضخ الدموع، وتحولت إلى عدد النحيب الجاف، وظل دون طعام أو شراب، واصفر وجهه الشحوب، ينظر إلى باب غرفته بنظرات يشوبها حزن وألم دفين، في انتظار زوجته الوفية.

توالت عليه الأيام متثاقلة، متباطئة، ومتراخية يخترق شوفت بقدوم أحد من الأقارب أو الجيران، مستطلعا ولو طرقة على باب الشقة لإغاثته، انقبضت نفسه، وتوفي حزينا على زوجته، ومر أكثر من ٣ سنوات على وفاتها دون أن يشعر بهما أحد أو يتوجه للسؤال عنهما حتى أصبحت هيكلية عظميين داخل شقتهما، ولم يعلما بأن هناك عصابة مكونة من ٦ أفراد جفف الشر كل ينابيع الرحمة في قلوبهم، حيث كانوا يقومون بمراقبة الشقة منذ سنوات، وبعد أن تأكدوا بأنها خالية، ولم يكن هناك من يتردد عليها، قاموا باصطناع عقد ملكية باسم أحدهم مزور، وأثناء دخولهم الشقة استعانوا بمجال لكسر الباب، حتى فوجئوا برقان عظام الزوجين في حالة تحلل كامل، ودون رحمة أو شفقة، قاموا بنقلهما وإلقاءهما وسط القمامة بطريق محور المحمودية بمنطقة محرم بك بالإسكندرية.


وبعد عثور الأهالي على الهياكل العظمية، كشفت التحقيقات التي جرت تحت إشراف المستشار محمد عبدالسلام المحام العام الأول لنيابات استئناف الإسكتدرية، أن وراء الواقعة تشكيلا غيابيا تخصص في النصب والتزوير، والاستيلاء على الشقق المغلقة بعد مراقبته لها عن كثب ولسنوات.

على الفور أصدر اللواء سامي غنيم مدير أمن الإسكندرية، تعليماته بسرعة القبض على المتهمين، واستدعاء شهود العيان، وتمكن رجال المباحث من القبض على التشكيل العصابي، وبمواجهتهم اعترفوا بجريمتهم، وذكر المتهم السادس بأنه يعمل في بيع وتجارة الشقق بالاستراك مع المتهم الرابع، والخامس، وأنهم استغلوا اختفاء قاطني الشقة منذ سنوات، وقاموا بإقناع أوراق ملكية مزورة، وقدموا لحارس العقار، واتحاد الملاك أوراق تثبت ملكية أحدهم الشقة بعدما ارتكبوا جريمتهم، في جنح الليل، وتخلصوا من رفات الزوجين، مؤكدين شراء الشقة من مالكها.


أمر المستشار محمود الغايش المحام العام لنيابات شرق الإسكندرية بالتحفظ على كاميرات المراقبة بمحيط الواقعة، وتحريات المباحث، واستعجال نتيجة تحليل " D . N . A " بعد أخذ عينات من بقايا الهياكل العظمية وفحصها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة