أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

قايد صالح... «حسن الخاتمة» السياسية

أسامة عجاج

السبت، 28 ديسمبر 2019 - 07:39 م

 

دائما وابدًا لدى اقتناع راسخ لايتغير بفعل الأحداث، ولايتبدل بفعل الزمن، بأن المؤسسة العسكرية فى بعض دول العالم الثالث هى «عمود الخيمة»،المكلفة بالحفاظ على أمن واستقرار الدولة، وحماية حدودها، وصون استقلالها، ومواجهة التحديات التى تواجهها، خاصة عندما تكون تلك المؤسسة قوية ومتماسكة، والنموذج الأقرب هنا الجيش المصرى، وكذلك الجزائرى، فإحدى سماتها الانضباط ووضوح الرؤية، فى ظل عدم قدرة النخب المدنية لأسباب يطول شرحها - وليس هذا مجالها - لم تستطع خلال سنوات مابعد الاستقلال الوطني، ان تقوم بمهامها، فى تشكيل أحزابها، وطرح برامج تستطيع من خلالها خلق رأى عام منحاز لخياراتها ورؤيتها، وقد اثبتت الأحداث الأخيرة فى الجزائر صدق تلك المقولة، من خلال دور المؤسسة العسكرية بقيادة احمد قايد صالح نائب وزير الدفاع ورئيس الأركان، فى الخروج ببلاده من نفق مظلم، ومن ازمة قد تكون هى الأخطر فى تاريخ البلاد الحديث.
والبداية كانت فى الحراك الشعبي، حيث نزل مئات الآلاف من الجزائريين إلى شوارع العاصمة فى ٢٢ فبراير، رفضا لولاية خامسة للرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة، والذى كان يستعد لانتخابات رئاسية جديدة مقررة فى ١٨ ابريل الماضي، مع مطالب أخرى معيشية، ومقاومة الفساد، وكانت أولى ثمار انحياز المؤسسة العسكرية إلى الحراك الشعبي، تراجع بوتفليقة عن الترشح، بل دفعه دفعا إلى الاستقالة فى ٢ ابريل، ولأن الدول المستقرة تخشى من الفراغ، فكان من المهم ان تتقدم جهة ما لتمسك بزمام الأمور، ولم يجد الجزائريون أفضل وأهم من المؤسسة، التى تتمتع باحترام وتقدير واسع باعتبارها وريثة جيش التحرير، والذى وجد نفسه منغمسا فى السياسة، فسعى إلى تحديد موعد جديد للانتخابات، وقرر لها ٤ يوليو، وتصاعدت مطالب الشارع ضد الموعد الجديد، الذى لايكفى للاستعداد بشكل جيد لمثل هذا الأمر، فاستجابت المؤسسة العسكرية.. ولم يمنع كل ذلك من وجود تباين فى الرؤى ما بين المؤسسة، التى التزمت بالدستور ونصوصه فى حالة فراغ منصب الرئيس، من ضرورة ان يتولى رئيس مجلس الأمة «البرلمان « الرئاسة بشكل مؤقت، وبين الحراك الذى رفع سقف مطالبه، بضروة ازاحة كل رموز نظام بوتفليقة، والبدء فى مرحلة انتقالية، وهنا بدأ الدور العظيم لرئيس الأركان احمد قايد صالح، الذى وجد ان المؤسسة العسكرية أمام اختبارٍ كبير، إما الوقوف إلى جانب الحراك الشعبي، وهو ما قد يشجّعه على مزيد من الرفع فى سقف مطالبه، أو الدخول فى مواجهة معه، لن تكون عواقبها سليمة ولكنه اختار طريقا ثالثا الحرص على المسار السلمى للانتخابات الرئاسية مع ضمان حق وحرية الجمهور فى التظاهر سلميًّا فى كل جمعة من جمعات الحراك،
وهنا بدأت خطوات مفصلية وغير مسبوقة فى تاريخ الجزائر كتمهيد للطريق امام انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة وحرة، وفِى الطريق إلى الرئاسة قامت المؤسسة بإجراءات مهمة فى مكافحة الفساد، حيث شملت التحقيقات والاعتقالات والمحاكمات شخصيات نافذة جدًّا منهم،مدير المخابرات السابق، الفريق محمد مدين، وشقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، الذى تعتبر جهات كثيرة متابعة للشأن الجزائرى أنه كان الحاكمَ الفعليَّ للبلاد بعد مرض شقيقه، منذ سنة ٢٠١٣، كما شملت تلك الإجراءات، رئيسيْن للوزراء، هما: عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، ووزراءَ سابقين وشخصيات سياسية بارزة، ورؤساء أحزاب (ما كان يسمى التحالف الرئاسى السابق) ورجال أعمال، وبالتوازى تم إطلاق حوار وطنى شامل كلفت بمهمته شخصيات سياسية وجامعية وحقوقية،فيما سُمى بالهيئة الوطنية للحوار والوساطة، وإجراء تعديلات على قانون الانتخابات،باستحداث السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، من خمسين عضوا وتمثل هذه الأخيرة سابقة حقيقية فى الجزائر، وتتكون من قضاة وكفاءات مستقلة من المجتمع المدنى تتمتع بالاستقلال الإدارى والمالي،

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة