«بوابة أخبار اليوم» تسأل د.سعد الدين الهلالي عن: «الفيل الأزرق».. من السينما إلى الرياضة!
«بوابة أخبار اليوم» تسأل د.سعد الدين الهلالي عن: «الفيل الأزرق».. من السينما إلى الرياضة!


- لماذا لا يفوز الأهلي والزمالك دائماً ما دام السحر فعالا؟!

«بوابة أخبار اليوم» تسأل د.سعد الدين الهلالي عن: «الفيل الأزرق».. من السينما إلى الرياضة!

إبراهيم ربيع

الأحد، 29 ديسمبر 2019 - 05:25 ص

 

- لماذا لا يفوز الأهلي والزمالك دائماً ما دام السحر فعالا؟!

- لو هو حقيقي لسمعنا عن حرب سحرية بدلاً من حرب نووية

- الظاهرة خطيرة لأنها وسيلة خبيثة لنشر التخلف بين الشباب

- أطالب الأزهر بإصدار بيان يحسم فوضى الحديث عن خرافات السحر في الملاعب.

 

من الفن إلى الرياضة.. ينتقل «الفيل الأزرق».. من فيلم واحد فى السينما إلى أفلام ليس لها نهاية في الملاعب.. إذا اقتصر السحر على فرد أو مجموعة أفراد في أسرة أو عائلة أو مجموعة محدودة في مكان لقلنا أنها مجرد اعتقاد خاطئ أو حتى تطرف ديني أو جريمة تقع تحت طائلة اتهامات الشعوذة والدجل تستوجب تنفيذ القانون وإنزال العقاب وبالتالي لا تشغل بالنا كثيرا إلا في الحدود الطبيعية المتعارف عليها في المجتمعات وفى وسائل المكافحة.. أما إذا حضر السحر بصحبة حديث واسع عنه وعن تأثيره في مساحة عريضة من الناس والجماهير مهتمة بالملاعب وبكرة القدم ومنافساتها التي تذهب بالعقل أحيانا وتؤدى كما نرى إلى تكتلات جماهيرية كالألتراس وغيرها من جماعات العنف والشغب فإن ذلك يمثل خطورة بالغة على أفكار أهم قطاع في المجتمع وهو عشرات الملايين من الشباب الذين يتابعون بالصوت والصورة حكايات السحر في مباريات الكرة وتأثيرها على النتائج بل تأثيرها على مستقبل لاعبين ونجوم كبار.. كما لو أن الساحرة المستديرة ليست فى حاجة إلى مدربين ولا لاعبين ولا حرص على الأداء والجد والاجتهاد.. يكفى فقط الاستعانة بساحر وتعويذة.. الآن يوجه الزمالك اتهامات مباشرة إلى السحر والسحرة واللاجئين إلى الاثنين.. وقبلها عندما كان الأهلي متعثرا توجه خطابه الإعلامي أيضا إلى الأعمال السفلية التي أصابت عشرة نجوم دفعة واحدة بما يستدعى -حسب الخطاب الإعلامي- من المسئولين فيه البحث عن حل.. بل ودفع إسلام الشاطر أن يبدأ برنامجه التليفزيوني بقراءة سورة الفلق.. والأخطر من ذلك أن أصبحت كلمة «جامايكا» أكثر الكلمات انتشارا لمجرد أنها أطلقت على عصام الحضري وقت أن كان حارسا لفريق دجلة الذي استعصى مرماه على أي هدف للزمالك مثلما استعصى مؤخرا مرمى طلائع الجيش وسموحة.

 

شغلت بالى هذه الظاهرة التي استشرت بين الملايين وامتدت من حكاوي السحر التقليدية التي تربط المتزوج وتمنع الزواج وتروج للأحجبة وممارسة تعاويذ غريبة ومضحكة إلى حكاوي أكثر اتساعا وخطورة عن دورها الرئيسي في نتائج المباريات والفوز بالألقاب وربط أرجل النجوم كما روجوا عن باسم مرسى الذي كان في يوم ما أحسن مهاجم في أفريقيا ومرشحا للاحتراف السريع في أفضل أندية أوروبا إلى لاعب يتسول ناديا ولو مغمورا يكمل به مشواره الكروي ويضمن له لقمة عيش.

فكرت أن أسأل رياضيين كالمعتاد عن الظاهرة وأسبابها وكيفية علاجها ورأيت أن معظمهم وربما جميعهم يقولون ما لا يقتنعون به ولديهم ميول أن يصدقوا السحر والسحرة لكنهم يتجملون فقط أمام الرأي العام عبر وسائل الإعلام.. والمصيبة أن ساحة الانترنت مليئة بكلام كثير من رجال الدين الذين يتبرعون من باب التقوى والتطوع بعمل الخير بنصائح موجهة لكل من يعلقون فشلهم على الأعمال السفلية بإتباع إجراءات معينة بما فيها رش الماء والملح ووضع ليمونة بجوار أدمغتهم على السرير كما لو كان السحر حقيقة قرآنية مثل الحسد الذي تم النص عليه مباشرة.. واهتدى عقلي إلى تجربة الاتصال بالدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بدافع أنني أقتنع بكثير مما يقوله علاوة على اتجاهه الدائم إلى الإجابة على الأسئلة بمنهجية وبتوفير كل الخيارات عند الإجابة يختار منها السائل ما يريح قلبه ويقنع عقله ما دام مضمون السؤال لم يرد به نص واضح في القرآن والسنة.

سوف أبدأ بما انتهى إليه د.سعد الدين الهلالي قبل أن أسترسل في شرحه.. وقد انتهى إلى مناشدة منه للأزهر الشريف أو دار الفتوى أو أي جهة مسئولة لإصدار بيان واضح ومحدد يحرم فوضى الكلام عن السحر في الملاعب التي يتعلق بها ملايين الشباب حتى لا نصل في يوم من الأيام إلى تبرير كل شيء بالسحر.. فلا تكون هناك قيمة للعمل ولا قيمة للاجتهاد ولا قيمة للسعي في الأرض.. بل الأخطر أنهم سيجعلون مع الله شريكا موازيا له وهو السحر.. والشباب القابل دائما للتغيير في أفكاره سوف يجعل من السحر شماعة لكل أخطائه وإخفاقاته لأن الانتشار الواسع لفكرة يجعلها تتحول من مجرد فكرة شاذة إلى قاعدة في كل مناحي الحياة.

ولخص د.سعد الدين الهلالي رده على أسئلتي على النحو التالي:

> مبدئيا لا يوجد سحر حتى لو ذكرت الكلمة فى القرآن لأن القصد منها في النص القرآني ليس سحرا، بالمعنى المتعارف عليه بيننا.. هو مجرد «تخيل».. إذ يقول الله سبحانه وتعالى: «قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى».. و»ألقى ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى».

< ومبدئيا أيضا أن الإتيان بالسحر «الذي تتخيله سحرا» هو من عمل الشياطين ولن ينفع المجتمع أي عمل شيطاني.. إذ يقول الله سبحانه وتعالى: «واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه».

< ثم إن السحر إذا افترضنا أن تخيل أعماله يحكم بين الناس لن يفعل شيئا إلا بأمر الله.. إذ يقول الله سبحانه وتعالى حاسما الأمر: «وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله».. ولذلك إذا سحر الزملكاوية للأهلاوية أو سحر الأهلاوية للزملكاوية بأعمال غير معترف بها كحاكمة لأمور الدنيا لن تنفع ولن تضر إلا إذا كان الله سبحانه وتعالى يريد أيًا من الإثنين.. ومعنى ذلك في النهاية أنه لا قيمة لما يقولون أنه سحر ولا قيمة للسحرة لأن الله في النهاية هو الحاكم الأعظم وهو الذي يمنح ويمنع.

< نأتي إلى منطق الحياة.. وهنا أتعجب من مثقفين يتحدثون عن السحر ويعتبرونه حقيقة وكثير منهم في الوسط الرياضي يصدقون ما يتردد بين العامة.. ولو السحر حقيقي لكنا رأيناه مادة دراسية في أوروبا واليابان والصين وهى دول تبحث عن الاستثمار في كل شيء واكتشاف كل ظواهر الحياة بدليل أنهم هم الذين عرفوا البترول الذي نملكه أكثر من غيرنا وعرفوا قيمة الرمال فى صناعة الزجاج وقيمة تدوير القمامة وخلق صناعات منها.. ألم يسمعوا عن السحر عند العرب وأفريقيا؟.. أكيد سمعوا.. فلماذا لم يستثمروه ويجعلوه أداة من أدوات الانتفاع الإنساني والاستغراق في أبحاثه ودراساته كما هو معتاد في مناحي الأنشطة الأخرى.. ثم دشنوا حربا سحرية بدلا من الحرب النووية.. هل سمعت حديثا قادما من الملاعب الأوروبية عن السحر في المباريات والنتائج والبطولات.. أنتم تكتبون عن كل شيء في الرياضة الأوروبية لماذا لم أركم تكتبون عن السحر في ملاعبهم؟!

< إذا كان أساتذة السحر أنفسهم يقولون أنها خيالات وخفة يد وخداع البصر.. فلماذا نحن الناس العاديين نريد أن نجعله حقيقة.. لماذا نكون ملكيين أكثر من الملك.. هذا لا يليق بإنسان مفكر وعاقل منحه الله عقلا يدير به حياته فإذا به يعبث في حياته بهذا العقل ويجعل من السحر شماعة يعلق عليها فشله وإخفاقاته.. وإذا كان الزمالك يشكو من تأثير السحر عليه لماذا فاز من أشهر ببطولات.. ولما كان الأهلي يشكو قبل ذلك لماذا هو الآن يتفوق.. لماذا لا يظل السحر مؤثرا على الدوام في الأهلي والزمالك وأي مسحور آخر؟!!

< أرى الآن برامج تليفزيونية يجلس فيها دجالون يتلقون مكالمات هاتفية من مشاهدين يأخذون الاسم وتاريخ الميلاد ويحددون لهم مسيرة حياتهم وكيف ستكون معيشتهم.. هل هذا معقول؟.. هل يصح أن يكون على المشاع أمام الملايين.. هو نفسه ما يحدث في البرامج الرياضية أو في الصحف.. كلام كثير عن السحر في الملاعب ينتشر بين أعداد هائلة من الشباب بما يستوجب حظر ذلك فورا لأن ذلك وسيلة خبيثة لنشر التخلف والخرافات والبعد عن العقلانية والعمل والإنتاج.

< إذا كانوا قد وجدوا أشياء مثل الأحجبة وغيرها في الملعب، فهذا ليس إثباتا ودليلا على وجود السحر، بل ربما إثبات لوجود السحرة.. وليس معناه أن الذي وجدوه هو الذي منع فريقا من إحراز أهداف أو منع الأهداف من دخول مرمى فريق آخر.. لا شيء من هذا يأتي بالنصر أو الهزيمة.. وهل الفريق الذي خسر مباراة أو اثنتين أو ثلاث خسر كل المباريات.. المفروض حسب منطقهم أن السحر واحد ويؤثر طوال الوقت فلماذا إذن تتعدد النتائج؟!

< هذا يجرني إلى الأحاديث المعتادة القديمة المتجددة دائما عن ربط المتزوج الشائع بالتحديد في الريف المصري.. ولو رجعنا إلى الوراء لوجدنا أن العلم فسر الكثير من الخرافات القديمة التي كانت مثل النظرة إلى السحر.. كانوا مثلا يعتقدون أن الشلل مس من الجن وجاء الطب وقال هو نتاج جلطة في المخ.. وهو نفس الحال مع مرض الصرع الذي كان خرافة وأصبح علما وطبا.. والآن انتقلنا في عالمنا العربي إلى ملاعب الكرة لكى نستبدل الجد والاجتهاد والجري والعرق بخرافة سحر المرمى وسحر اللاعبين.. والمنح والمنع من سحرة لو كانوا أصلا يستطيعون الإضرار بأحد لاختاروا أولا نفع أنفسهم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة