رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

محمد عبد الجواد.. فصل فى تاريخ الصحافة

رفعت رشاد

الأحد، 29 ديسمبر 2019 - 07:57 م

 

سمعت كثيرا عن الأستاذ محمد عبد الجواد كقامة صحفية سامقة ومشارك فى صنع السياسات فى ثلاثة عهود. لم أحظ بشرف لقاء الصحفى الكبير. ذات يوم كنت أتحدث تليفونيا مع صحفى كبير فوجدته يقول لى: أنا عند قريبك! ولم يترك الزميل الفرصة لى للتساؤل عمن هو قريبى؟ فوجدت صوت الأستاذ عبد الجواد على التليفون يقول: معقول يا رفعت ما تسألش عنى ولا تزورنى! ارتبكت ولم أعرف ماذا أقول. نسمع عن الرجل لكن لا نقترب منه باعتباره فى برج عاجى بينما هو فى حقيقته فى قمة التواضع. قلت كلمات متلعثمة أحاول بها أن أبرر تصرفى وعدم سؤالى عنه، لكن وصلت إلى أنه ينتظرنى فى وقت قريب.


بعدما عاد التليفون إلى أذن الزميل الكبير مرة أخرى قال لى: إحنا عند عمك محمد ولما عرف إنك على التليفون حرص إنه يكلمك. بعد أيام كنت فى منزل الأستاذ محمد عبد الجواد. يعيش فى منزل متواضع من حيث المساحة والتأثيث لكنه بيت ينفث جوا من الكبرياء والنزاهة والشرف. وصل عبد الجواد إلى أعلى المناصب الصحفية لكنه لم يتكسب من وراء مناصبه ولو قارننا ما يحصل عليه أصغر معد تليفزيونى ماليا الآن بما حصل عليه عبد الجواد لما كانت المقارنة فى صالح الصحفى الكبير. منذ الزيارة الأولى غمرنى شعور عميق بحب هذا الرجل الذى صرت كأنى أعرفه منذ وعيت على الدنيا. هو قادر على محو الحواجز والمسافات مع الآخرين. ولاحظت أن ما من مرة قابلته فيها إلا ويكون مرتديا بدلته كاملة حتى لو لم يخرج من بيته. أما كرمه فهو حاتمى بامتياز. وهو عمى حتى لو لم نلتق لأنه من سوهاج حيث أنتمى.


جاء من قرية المدمر فى سوهاج مركز طما وبعد أن تخرج فى كلية الآداب سعى للعمل فى الإذاعة المصرية. ثم اختير ضمن الفريق الذى أسس وكالة أنباء الشرق الأوسط. فى عام 1965 تولى عبد الجواد رئاسة التحرير فى الوكالة وبعد عام واحد جمع بين منصبى رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة.


يعتبر عبد الجواد من الصحفيين القلائل الذين استطاعوا الاستمرار فى عهود الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك بنفس القوة والتأثير. تقاعد عام 1984 لكنه استمر وكيلا للمجلس الأعلى للصحافة. وفى وكالة أنباء الشرق الأوسط يعتبر عبد الجواد الأب الروحى وقد تخرج عليه أجيال من الصحفيين الكبار ولحق به عدد كبير من قيادات الوكالة الحاليين، وحافظ على الوكالة التى كان يخطط لضمها لمؤسسة أخرى فى فترة ما.


إن عمى محمد عبد الجواد ـ وهو اللقب الذى يحب أن يناديه به كل من يدخل بيته ـ فصل مهم جدا فى تاريخ الصحافة المصرية، كان طرفا على مدى عقود فى كثير من الأحداث المفصلية فى تاريخ مصر. دمت لنا عمى محمد عبد الجواد الذى أحبه وأتمنى له عمرا مديدا وصحة طيبة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة