انهيار العقارات - موضوعية
انهيار العقارات - موضوعية


«بيوت على كف عفريت»| مبان تنهار على سكانها.. والتلاعب في مواد البناء «كلمة السر»

مصطفى عبدالله ميري

الخميس، 02 يناير 2020 - 04:36 م

- المحليات تراقب شروط الترخيص فقط وليس مواد البناء

- خبير قانوني: العقوبة 3 سنوات والغرامة ١٠ آلاف جنيه 

- مقاول يكشف أساليب التلاعب في تشييد المباني

مابين سقوط مبنى وتصدع أخر.. تطل علينا مواد البناء المغشوشة بوصفها المتهم الأول المسئول عن حصد أرواح آلاف الأبرياء أخرها حادث سقوط سقف مسجد «تحت الإنشاء» على العاملين بمنطقة عزبة رستم التابعة لمركز الرحمانية في البحيرة، والذي أدى إلى مصرع شخصين وإصابة آخرين.

 

وترصد «بوابة أخبار اليوم» في هذا التحقيق خطورة الغش في مواد البناء، الذي يتسبب في انهيار العقارات بشكل سريع بسبب «غش المقاولين»، خاصة أن المحليات رقابتها فقط على المبني وليس مواد البناء.

 

 

«فساد المحليات»

 

يقوم أكرم الميري، مقاول عمارات، إن الجهات الرقابية، هي المنوطة بالرقابة على المباني من الخارج والفراغات أو الارتفاع، وإن العلاقة بين الجهة الرقابية والمقاول علاقة مفتوحة، فدور مهندس الحي المبنى فقط، وأن يكون مطابق لرخصة البناء واشتراطات البناء دون تدخله في قوة مواد البناء، وفي حالة مخالفة المقاول لاشتراطات الجهة الرقابية، فلا تملك الجهة الرقابية عقابا للمقاول، سوا تأخير أو منع وصول المرافق للمبنى سواء مياه أو كهرباء أو صرف صحي. 

 

وأضاف الميري: «في حال كونك مالك قطعة أرض تريد بناءها، يلزم عليك كتابة عقد يوضح مسؤولية المقاول عن المباني، مسئولية قانونية وجنائية، يصبغها المحامي، و يحميك كمالك من أي مخالفة للمباني من ناحية مطابقة المبنى للمواصفات الفنية والرسومات الهندسية، ويجب عليك متابعة المبني في كل مرحلة، بجانب وجود سلطة رقابية مثل مهندس للأشراف على كل خطوة في المباني بداية من الحفر وصولا بالباب».

 

ويتابع أن فساد المحليات منتشر بسبب الرشوة، فالمسئول يتجاهل المخالفات بكافة أنواعها، مضيفا أن الغش في مواد البناء يكون عن طريق تقليل الكميات من الحديد والأسمنت والطوب للمبنى ومن جهة أخرى للأعمدة.

 

ونصح بأمور هامة وهى: أولا الوعي الكامل لصاحب المشروع، وثانيا مراقبة كل مرحلة من الحفر إلى التشطيب، وثالثا متابعة مواصفات الحديد والاسمنت ومراقبة كل عامل في الموقع.

 

وأضاف مقاول العقارات، أيضاً ضمن مظاهر الفساد بالمحليات ظهور شخصية «الكاحول» على ساحة الاستثمار العقاري وغيرها، والتي ذاع صيتها خاصة بعد الثورة من خلال الدور الحيوي الذي يقُوم به نيابة عن المُلاَّك، حيث يقوم أصحاب العقارات والمقاولون من معدومي الضمائر باستخدام اسمه وبياناته في استخراج تراخيص البناء مقابل حصوله على مبلغ مالي باعتباره مالكاً للأرض، بمساعدة الموظفين المُرتشين بالمحليات.

 

وأردف أن دور المحليات هو متابعة اتحاد الشغالين في صيانة العقارات وتجديد ومتابعة المرافق، وصرف ومياه وغيرها من الخدمات التي تؤثر سلباً على حالة العقار إذا تم إهمالها، مضيفا أن القانون الجديد قام بعمل نظام جديد اسماه اتحاد الشغالين وهو غير مفعل إلى الآن وهو نظام نص عليه القانون 103 بحيث ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين وهو تطوير لاتحاد الملاك لأن اتحاد الملاك لوحظ فيه حدوث مشاكل كثيرة بين الملاك والمستأجرين دون الوصول إلى حلول أما عن عدم تنفيذ قرارات الإزالة فالقانون مجمد ولا يتم تنفيذه حتى ولو بالقوة. 

 

وطالب بتفعيل دور الجهات الرقابية على البناء خاصة في القطاع العام، مشددا على ضرورة توفير مهندسين متخصصين يقومون إقامة دائمة مع المقاول في مواقع البناء لمتابعة سير العمل والالتزام بالمواصفات والتراخيص حتى تكون المباني قادرة على الصمود وعدم التلاعب بأرواح الناس من أجل التربح كما تفعل الحكومة تماماً في مواقع البناء الخاصة بالمباني الحكومية فهي تكون حريصة جداً علي متابعة سير العمل داخل المواقع.

 

 

«رقابة الإسكان»

 

أما دور وزارة الإسكان، فيتمثل في وضع التصميمات اللازمة لمشروعات المباني العامة ومباني الإسكان والإشراف على تنفيذها، واقتراح السياسة العامة في مجال صيانة المباني العامة والإسكان وإجراء الدراسات اللازمة لاستثمار المال العربي والأجنبي الداخلة في مجال اختصاص الوزارة وفقاً للقواعد المقررة قانوناً العمل على توفير مستلزمات البناء الأساسية واحتياجات قطاعي التشييد والمرافق، وذلك بالتعاون مع الوزارات والهيئات والجهات المعنية تنظيم وتنسيق أنشطة الجهات والهيئات العامة والأجهزة التي تعمل في مجالات الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية.

 

وتقوم بوضع برامج التدريب في مجالات اختصاص الوزارة بهدف توفير العمالة الفنية في مختلف المستويات بما يحقق رفع الكفاية الإنتاجية في هذه المجالات تنظيم الاشتراك في المؤتمرات والاجتماعات والحلقات الدراسية المحلية والدولية المتعلقة بمجالات اختصاص الوزارة، ورسم السياسة العامة لتنشيط القطاع التعاوني وتنميته وتطويره لتحقيق الأهداف المقررة في مجال نشاط الإسكان والمجتمعات العمرانية، وتقديم العون بمختلف صوره للجمعيات التعاونية للإسكان وإحكام الرقابة عليها تقديم العون الفني في مجالات اختصاص الوزارة للمحليات ومتابعتها،  والإشراف والتفتيش الفني على أعمال التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية توجيه وتطوير وتشجيع نشاط القطاع الخاص في مجالات الإسكان المختلفة سواء بالمحليات أو بالمجتمعات العمرانية.

 

 

«العقوبة غير رادعة»

 

ويشير أحمد حمدي، المستشار والخبير القانوني، إلى انتشار ظاهرة انهيار العقارات مؤخرا بسبب استعمال مواد بناء غير مطابقة للمواصفات ومخالفة الاشتراطات الفنية.

 

ولفت إلى أن المشرع خفف من مسئولية مشيد البناء منذ عام 2008، رغم خطورتها خاصة في ظل بناء أبراج سكنية بارتفاعات شاهقة.

 

وأضاف حمدي، تعاقب المادة 99 من قانون البناء مهندس الحي بالحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أخل بأي من مهام وظيفته، ويجوز الحكم فضلا عن ذلك بالعزل من الوظيفة، وتتعدد العقوبات بتعدد المخالفات، لافتا أن هذه المادة نادرة التطبيق برغم انتشار الفساد في المحليات، وإذا طبقت فتقتصر العقوبة على الغرامة - يسددها من عائد الفساد-  دون الحبس أو العزل، ومعنى ذلك أن المسئولية الجنائية لمشيد العقار أصبحت مدتها ثلاث سنوات من وقوع الجريمة هي ميعاد انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بعد أن كانت عشر سنوات في القانون القديم.

 

وتابع حمدي، إن هناك حالات يلتزم فيها المقاول بالتعويض المدني، وتتمثل في: إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها، كان مسئولاً عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل، مادة 64، وإذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة, فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي حسابا لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقى منها، فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية, التزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل، وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية ويكون ذلك على نفقته هذا ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغيره مادة 649.

 

وأشار الخبير القانوني، إلى أنه يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال المرخص بها وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والمستندات الصادر بها الترخيص، ولا يجوز إدخال أي تعديل أو تغيير جوهري في الرسومات المعتمدة إلا بعد الحصول على ترخيص بهذا التعديل المادة (51) ق البناء، وأن يكون المهندس أو المكتب الهندسي مسئولاً عن سلامة المستندات المرفقة وأعمال التصميم ومطابقتها للاشتراطات التخطيطية والبنائية للموقع والكودات والمواصفات الفنية المنظمة المادة (41) من ق البناء، ويكون المهندس المشرف مسئولاً مسئوليه كاملة عن الإشراف على تنفيذ أعمال البناء المادة (53) ق البناء.

 

«مجلس النواب»

 

يقول النائب بدوي النويشي، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن الفساد له وجوه عديدة لا تقتصر على الرشوة فقط، حيث يعد الأداء المتدني وعدم التنسيق بين المشروعات وبعضها البعض من صور الفساد، لافتا إلى أن أزمة العقارات المنهارة تتمثل في نقطتين ألإدارة الهندسية وهيئة إصدار التراخيص.

 

وأضاف النويشي، أنه تم مناقشة قانون المحليات الجديدة مع وزير التنمية المحلية، وأكد أنه سيراعي الإدارات الهندسية، ويوفر لهم كافة الصلاحيات والإمكانيات، والكادر المالي ووسائل تسهيل أعمالها، وإصدار التراخيص، مشددا على أن المهندس المشرف على البناء هو المسئول عن المباني مسؤولية كاملة قانونية وجنائية، أما المباني المخالفة فترجع مسئوليتها على المالك والمهندس المسئول عن الإشراف لمدة مئة عام، وإذا وقع ضرر يسأل عنها قانونا، أما مهندس الحي فيكون غير مسئولا عن الغش في مواد البناء، وإنما مسئوليته تقع في حدود مطابقة المبنى للمواصفات الفنية والرسومات الهندسية.

وتابع النويشي، بعد تعديل قانون المحليات وتغليظ العقوبة بالقانون بالمادة 199 والتي تنص على غرامة مائة ألف جنيها، وعقوبة السجن وهى عقوبة رادعة، ننتظر توفير كافة الصلاحيات والإمكانيات للإدارات، وأيضا الكادر المالي ووسائل تسهيل إصدار التراخيص لتجنب تعامل المواطنين مع الإدارات، أما أصحاب العقارات المخالفة، فهم يبنون بدون ترخيص ولا توجد رقابة عليهم، يفعلوا ما يحلوا لهم، والدولة بصدد مراجعة هذه المباني والتصالح مع أصحاب هذه العقارات، أو إزالة المباني .

 

 

«التلاعب في مواد البناء»

 

يقول محمد شحاتة، مهندس مدني، إن دور الجهة الرقابية المنوطة بالرقابة علي المباني، يقتصر علي دورها علي تنفيذ اشتراطات المباني من الخارج والفراغات أو الارتفاع، وليس لها  إشراف علي المباني من حيث الجودة، فالمهندس المشرف من الجهة الرقابية لا يذهب لموقع العمل لاستلام كل خطوه، ولكن يقتصر دورة على إعطاء توصيات بكميات الحديد والمون المناسبة وللمقاول المنفذ السير على خطاه أو تغيير النسب كيفما يشاء.

 

وأضاف شحاتة: «دور صاحب العقار، تكليف مهندس استشاري مقيد بنقابة المهندسين بالإشراف علي المباني واستلام كل مرحلة من المقاول ابتداء من الحفر واخذ نقطة الصفر للعقار وانتهاء بتسليم المبني، والتأكد من مطابقة العقار للشروط والمواصفات العالمية».

 

وتابع شحاتة، أن المقاول لا يستطيع تغيير اشتراطات المباني من الخارج والفراغات أو الارتفاع، ولكن يمكن له تزويد أو تخفيف مواد البناء كيفما يرى مصلحة العقار وقوة تحمل المبني للأحمال، وأن المهندس لا تقع علي كاهل أي مسؤولية قانونية، وإنما المسئولية القانونية والجنائية تسقط علي كاهل المقاول ومهندس الإشراف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة