د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

فى المحليات.. القط يتصالح مع الفار !

د.محمود عطية

الخميس، 02 يناير 2020 - 05:30 م

رغم وجاهة البعد الإنسانى لقانون التصالح فى المخالفات.. فإن المخالفة تبقى مخالفة قائمة وصريحة ومهددة للذوق العام وهيبة الدولة.. وربما يراها البعض عنوانا على التساهل ودعوة مرحة وصريحة للتمادى فى مزيد من المخالفات وتحمل عنوانا كبيرا "معشش ولابِد" فى ثقافتنا وهو "المسامح كريم".. ولا أفهم كيف يكون كريما وهو يتسامح فى المخالفات التى تولد معظم الشرور.. ورغم أن فاتورة مخالفة اشتراطات البناء تنعش خزانة الدولة فإنها تفقرها فقرا مدقعا.. فبداهة كل تلك المخالفات تصب فى خانة ضعف البنية التحتية التى أكلت من ميزانية الدولة "شىء وشويات" ومازالت..!
وتظهر مخالفات البناء عمق وتهلهل وخراب المحليات التى استحلت كل شىء وبعزقت كرامة تراخيص البناء وأفسدت الذوق العام لأجيال حالية وقادمة.. فهى مخالفات لا يمحى أثرها وتستمر شاهدا أمام أجيال وأجيال قادمة.. ويكفى للمرء أن يمر حتى على المدن الجديدة وليست القديمة مرور الكرام - أو حتى مرور غير الكرام - ليرى بعين رأسه ما حل بتلك المدن تحت عين وبصر المحليات من مخالفات حتى وصلت للركب على حد قول أحد سياسيى العصر الفائت.. ولا يخفى على أحد حمى بناء الرووف فى مدننا الجديدة وشاهد عيان على التكاتف مع المحليات بكل همة ونشاط والعين ترنو دائما لقانون التصالح مع الرووف أقصد مع المخالفات!
ولا أفهم ما حدود صلاحيات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.. هل صلاحياتها هى تلقى الشكاوى فقط والتصعب ومصمصة الشفاه على ما وصل إليه الحال وبعد ذلك الدعوة برأس حاسر على صاحب المخالفة وانتظار تجديد قانون التصالح مرة أخرى حتى يُمحى أثر الذنوب الباقية رغم التصالح معها.. ولا تتعجب معى حتى من مفهوم التصالح مع المخالفات ولا أفهمه سوى بمعنى الصهينة على المخالفة بصدر مفتوح.. وما أفهمه وأدركه أن معنى التصالح مع المخالفة لا يعنى سوى إزالة آثار المخالفات.. كما حدث وأزلنا آثار العدوان على سيناء ولم نخرج قانونا للتصالح مع آثار العدوان عليها..!
كما أنى أجاهد حتى لا تصيبنى لوثة عقلية مما يحدث من حركة البناء فى القرى وإهدار لأراض خصبة كانت تطعم ملايين المصريين وكيف تتحول إلى طوب أسمنتى مخالف لكل الأعراف والمواثيق القانونية والإنسانية.. وننسى حاجة الأفواه التى تتكاثر - وكأننا فى مسابقة عالمية لزيادة النسل - لأراض زراعية تسد رمقها.
ولم تسلم مدننا الكبرى من تلك المخالفات لتتحول إلى مدن أسمنتية تحاكى قلة الذوق.. ويكفى المرور على مدينة مثل الإسكندرية لترى كيف تحولت حتى الطرق الضيقة إلى عمارات أسمنتية شاهقة الارتفاع على الجانبين لتحجب رؤية الكورنيش وتؤكد شراهة البعض للثراء السريع واستغلال جيوب طالبى السكن.. ويخالفون البناء وهم مرتاحو الضمير مع المحليات وفى انتظار التصالح مع المخالفات الذى لا أفهمه وأحاول استيعابه والتوافق معه حفاظا على صحتى النفسية والعقلية.. وأؤكد لنفسى أن القط يتصالح مع الفار فى محلياتنا..!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة