هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

عذرًا أيها الخريف

هالة العيسوي

الخميس، 02 يناير 2020 - 05:34 م

عفواً.. لم يعد لك مكان بيننا، أيها الخريف لقد فقدت هويتك، ضاعت شخصيتك، وغابت ملامحك. لم يعد لك مكان حتى بين أقرانك من فصول السنة. قبل أقل من أسبوعين كنا نشكو من امتداد فصل الصيف، حر مؤلم طويل فى غير موعده، أنفاس متقطعة، تعرق سخيف. جار عليك الصيف وبتنا نتساءل أين أنت؟ لماذا تأخرت؟ انتظرناك طويلاً لكن داهمنا الشتاء بوحشيته وصقيعه وجمود قلبه ورياحه التى تخترق العضم وهى أقسى من صواريخ توماهوك. افتقدناك ايها الخريف بعد أن تنازلت عن عرشك الرومانسى الجميل، وغاب عنك أجمل ما فيك من حفيف رقيق للشجر وغيوم مثيرة للشجن. حرمتنا من وجيب القلب الذى ينبض لمرأى قوس قزح فى السماء، سلمتنا للشتاء تسليم أهالى حيث الكمون والاختباء تحت أكوام الأغطية، وارتجافات لا تعرف الرحمة. وبشر تجعدت بشرتهم من هول الصقيع.
لم يعد أمامنا سوى ان نتخلى عنك كما تخليت عنا نبدل ألبستنا ومساكننا وأسلوب حياتنا. علينا ان نتعامل فقط مع القوتين الأعظم الصيف والشتاء. صحيح مازال الربيع يعافر ليحتفظ بمكانته، يزهو بالأغانى التى أنشدت تغزلاً فيه، بعده يحتفظ بسمعة موسم الخصوبة والازدهار لكنه انحنى بدوره أمام هجمات الصيف العاتية.
التصحر غزا حياتنا، مناخنا، ونفوسنا. بات علينا ان نوائم مساكننا مع ضربات المناخ. ما يهدئ الروع اننا لسنا وحدنا الذين نعانى فى هذا الكوكب. فى أوروبا التى لم تكن تعرف للشمس طريقا وكانت مساكنها مزودة بالتدفئة المركزية وأسقفها مشيدة بطريقة تسمح بانزلاق الأمطار من فوقها ودروبها ممهدة لتجميع وصرف المياه من على جانبى الطرق صارت الآن تبحث عن أجهزة التكييف والمراوح يكتوى سكانها بأشعة الشمس الحارقة.
جاء الدور علينا وبتنا نواجه هجمة جليدية غير مألوفة وسيولاً تقطع الطرق وتصيب العباد بشرارات صاعقة قاتلة. تغير الحال وأصبح من الواجب ان نغير أساليب بنائنا للمساكن وتمهيد الطرق وبناء الكبارى كى تتحمل قسوة المناخ وموجات البرودة القادمة.
من الضرورى ان نعمل حسابا لفتحات التهوية والإضاءة بطرق مختلفة عما تعودنا عليه وأن نبتكر أساليب ملائمة للبيئة المحلية وتتسق مع تغيرات المناخ وقد نستفيد بالأساليب البدائية التى استخدمها أجدادنا وبهندستهم العبقرية فى بناء المساكن جيدة التهوية والإنارة وان نحسن من جودة خامات البناء لتتحمل ضربات الرياح وسخونة الشمس ورطوبة الجو.
أجدادنا القدماء أبهروا العالم بتقدمهم فى علم الهندسة فلماذا لا نجلس عند أقدام جدنا المهندس المعمارى العبقرى "أمنحتب بن حامو" أو المهندس "سننموت" ونستفيد بأفكارهم فى بناء حواضر البلاد وريفها
الآن بات مطلوبا أكثر من أى وقت مضى ان نسن القوانين التى تحافظ على نسق معمارى موحد اومتقارب فيما يستجد من أبنية خاصة تلك التابعة للأهالى لنتخلص من العشوائية والفوضى البصرية والقبح المنتشر فى الشوارع الداخلية. وتشترط مواصفات بنائية تتلافى هجمات المناخ الجديدة علينا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة