السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

الثقافة وحدها.. لا تصفق!

بوابة أخبار اليوم

السبت، 04 يناير 2020 - 07:31 م

 

السيد النجار

.. فالقضية مسئولية شاملة.. وهنا كانت رسالة الرئيس واضحة..  إن الثقافة والفنون تأتى فى إطار استراتيجية شاملة لبناء الانسان المصرى.

أمضيت شباب مهنتى ترحالاً فى أرجاء مصر بين بيوت وقصور الثقافة.. لم يكن الامر حبا فى مشقة السفر وأتربة الطرق، وإنما عشق فى حياة الفن والثقافة التى كانت تضج بها هذه المواقع منذ الصباح وحتى بعد منتصف الليل.. هنا ندوة أو محاضرة.. وهناك عرض مسرحى، وقبله كان أحد الأفلام.. كانت حركة دائبة من المسئولين وجمهور الرواد وأسرهم، معارض فنية، مهرجانات شاملة.. مسابقات للقراءة.. ورش عمل للرسم والتمثيل.. نقاشات حرة، ولقاءات دائمة مع مشاهير الفن والأدب.. حوارات مع علماء الاجتماع والدين وساسة ووزراء ومسئولين، حول كل القضايا.
حينها.. لم يعرف التطرف طريقاً الى عقول شبابنا.. وحينها كان الذوق راقياً، والوعى حاضراً والوجدان سامياً بمشاعر الولاء وهموم الوطن.. حينها.. كانت الفرصة لاكتشاف المبدعين والموهوبين، ومن أقاصى القرى والنجوع وأحياء ومدن مصر، خرج نجوم الأدب والسينما والمسرح.
فى ذاك الزمن.. كان فى كل قرية وحى، بيت ثقافة وجمعية  تنمية المجتمع، ومركز شباب أو على الاقل ساحة شعبية، وعلى ارض ملاعبها، بدأ نجوم الرياضة المصرية، وانطلقوا الى العالمية، كل هذه المواقع كانت تشع منها انوار المكان ونور العقل والروح، وتضج فى حركة دائبة من النشء والشباب وحتى الاطفال، كل يمارس هوايته ويشارك فى المسابقات التى يهواها وتناسبه.
وفى سنوات الإهمال والنسيان.. وكأن يدا خبيثة تآمرت علينا، «وشدت فيشة الأنوار».. ليتوه شبابنا بين المقاهى وزوايا التطرف ونداهة جماعات الإرهاب.
تحت عنوان » اضيئوا الأنور».. كانت يوميات سابقة حول قصور وبيوت الثقافة ومراكز الشباب، التى تركناها تنعق فيها الغربان.. كنذير شؤم وتوهان فى نفوس وعقول شبابنا.. مؤكداً على ان اضاءة الانوار فى هذه المواقع، هو نقطة الانطلاق، وبداية النهضة الحقيقية، ببناء الانسان المصرى.. عقله.. ووعيه.. ووجدانه. ولأن الموضوع جد مهم. فلم يكن بداخلى لوم لعودة الكتابة فيه. ولكن هذه المرة بتفاؤل مبعثه، اجتماع رئيس الجمهورية مع وزيرة الثقافة وبحضور رئيس الوزراء. فأى اهتمام أكثر من رعاية رئيس الدولة للقضية.. والجديرة بأن تكون أهم الأولويات فى الفترة القادمة.. بناء الانسان المصرى.
حدد الرئيس رسائله وتكليفاته فى الاجتماع. ترسيخ الهوية المصرية وتعزيز القيم الايجابية.. تحصين الشباب ضد الافكار المتطرفة.. رعاية الموهوبين والمبدعين.. وما سبيل لتحقيق الاهداف، إلا بوصول الرسالة الثقافية والفنون الى القرى والنجوع، وتأهيل قصور وبيوت الثقافة على مستوى الجمهورية. وإن كان هذا هو المطلوب على مستوى المواقع الثقافية الصغيرة، فلا ننسى أنها مجرد فروع وهوامش، لما تمتلكه مصر من كبريات المواقع الثقافية بالقاهرة والاسكندرية وعواصم المحافظات، مثل دور الأوبرا والمسارح والسينما..وجميعها مواقع لابد من إحياء دورها بالبرامج الثقافية والفنية المتوالية.
الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة.. فنانة.. تدرك قيمة الثقافة والفنون.. وتعرف أكثر من هذا كثيراً، وقدمت بالفعل مبادرات غير تقليدية انطلقت فى أرجاء مصر. وننتظر منها أن تعرض على الرأى العام، ماذا اعدت لتضىء الأنوار فى المواقع والعقول، ماذا ستقدم لعودة الوعى وإثراء الوجدان. ولكن ما يجب أن يقال يدها وحدها لن تصفق.. فالقضية مسئولية شاملة.. وهنا، كانت رسالة الرئيس واضحة.. إن الثقافة والفنون تأتى فى إطار استراتيجية الدولة الشاملة لبناء الانسان المصرى.. ومن هنا وزيرة الثقافة ليست وحدها المسئولة، وما نطالب به الدكتورة ايناس، هو نفسه ما يجب ان نطالب به وزارة الشباب، وهو ما يجب ان تقوم به وزارة الأوقاف وهو المسئولية الاكبر لوزارات التربية والتعليم والتعليم العالى والادارة المحلية. والمفروض أنه.. هو الأمانة والهدف للجمعيات الثقافية الأهلية، وجمعيات تنمية المجتمع، والمسئولية الاجتماعية للأثرياء ورجال الاعمال.
.. طالع كوريا الجنوبية
منذ ١٥ عاماً.. وبين جنبات معرض الاثار المصرية بكبرى قاعات العرض فى مدينة سول.. كانت الدردشة مع أحد أبناء كوريا الجنوبية، فالحديث عن هذه الدولة دائماً محبب إلى نفسى، إعجاباً بتجربتها الفريدة عالمياً فى تحقيق النهضة الكبرى.. تطرق شتات الكلام خلال دقائق الى أفكار وموضوعات متناثرة. لنجد أنفسنا نتحدث عن نظام الحكم.. قال الشاب بصدد حديثه.. الرئيس مضى عليه فى الحكم ثلاث سنوات.. وابتسم مضيفاً.. وإذا اكمل مدته يبقى له عامان. توقفت عند استدراكه «إذا أكمل مدته»، فقال رداً على تساؤلاتى. فى تجربتنا اعتدنا فى حالات كثيرة، أن يخرج رئيس الجمهورية من القصر حيث يحكم، الى السجن حيث يقضى عقوبة سجن بتهم كثيرة، وخاصة الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، وبعضهم لا يكمل مدته عندما تطوله محاكمات فى مثل هذه التهم.
طاف بذهنى حديث الشاب، ودارت الذكريات، بينما أتابع خلال الفترة الماضية، أخبار الحكم بالسجن على اثنين من رؤساء كوريا الجنوبية، وآخرهما رئيسة الدولة «باك جون هاى»، التى اطاحت قضية فساد بعد عامين من توليها الحكم فى ٢٠١٧.. تعجبت.. هذا يضاف الى الرصيد الايجابى لهذه الدولة العظيمة، ولا يحسب عليها.. ويؤكد مؤشراً على استقرار نظام الحكم وسيادة القانون بجد، وأن الدولة بأكملها وجميع مؤسساتها، لا تتوقف، ولا تتوه البوصلة فيها عن الهدف، حتى وإن أصاب العطب فيها أهم تروسها. يمضى رئيس ويأتى بعده رئيس، ولا يتوقف ولا يتغير انطلاق الدولة، نحو التقدم والتطور.. لماذا.. لأنها دولة وضعت لنفسها، رؤية عامة، واستراتيجية ثابتة، وبرامج محددة توافق المجتمع عليها، رئيساً وشعباً منذ ٥٠ عاماً.. ويتم تنفيذها بإرادة صلدة وعمل جاد.
قليلا من الملامح تعكس لك.. لماذا الانبهار بالتجربة الكورية، ويبدو منها أن رقم خمسة هو طالع شعب كوريا الجنوبية،. منذ ٥٥ عاماً كانت رقم ٥ فى قائمة افقر دول العالم، بمتوسط دخل الفرد سنويا ٧٩ دولاراً، تشاركها فى القائمة السودان. واليوم اصبحت أقوى خامس اقتصاد فى العالم، متوسط دخل الفرد سنوياً ٢٠ الف دولار.. منذ ٥٠ عاماً بدأت مشروع النهوض الكبير، حددت له خمسة أهداف «يطول شرحها». وحددت البرامج التنفيذية للمشروع كل ٥ سنوات. واجهتها ٥ عقوبات رئيسية، وضع لها صندوق النقد الدولى ٥ مراحل للنهوض. اختارت شعار «المجتمع الجديد» لبرنامجها.. واختارت التنمية الاجتماعية الطريق الى التنمية الاقتصادية انصهر الشعب والحكومات المتتالية فى تنفيذ البرنامج. وتحتل اليوم المرتبة الأولى عالمياً فى ٥ صناعات.
تكونت كوريا الجنوبية عام ١٩٤٨، وصفتها النصوص القديمة بلد الانهار والجبال المزخرفة بالحرير. وارى ان أنامل ابنائها هى التى تستحق أن «تتلف فى حرير». كما نقول فى الوصف الشعبى المصرى. استطاعوا ان يكونوا الايدى العاملة الأكثر مهارة عالمياً. وحققوا معجزة النهضة العملاقة، لبلد عدد سكانه ٥٥ مليون نسمة، يعيشون على مساحة ٣٠ الف كيلو متر مربع، من مساحة الدولة التى تبلغ إجمالاً مائة الف «عشر مساحة مصر» و٧٠٫٠٪ منها مناطق جبلية غير مأهولة.. بلد لا يملك أى موارد طبيعية. وتحدت نفسها، واتخذت من التصنيع والتصدير، بوابة للانطلاق فى العالم. ومزاحمة اكبر دولة مساحة،وسكان، ومواردا.؟!
صحوة الأزهر
حالة غثيان تصيب الإنسان من محاولات التضليل السياسى والتاريخى، والسعى لزرع اسرائيل فى نفوس الشباب العربى وتغييب عقولهم عن الحق الضائع والأرض السليبة.. تجاوزالبعض منهم وأعتبر اسرائيل المنقذ اقتصادياً وسياسياً لدول المنطقة، وحليفا لمواجهة الإرهاب.
وسط هذه الحالة من الضباب والغيوم، جاءت صحوة الازهر، صريحة، قوية.. فى مؤتمر دولى حول القدس حضره شيخ الازهر. الدكتور أحمد الطيب،ولفيف من رجال الفكر والسياسة وعدد من رجال الدين الاسلامى والمسيحى واليهودى.. وسط هذا الحشد، أعلن الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر حينها قرار الأمام الأكبر، بتدريس تاريخ القدس وفلسطين بالتعليم الأزهرى، حتى تظل فى الوعى العربى والاسلامى. وقال الرجل فى لغة قوية وملامح تحد حاسمة.. أمريكا وإسرائيل هما وراء الإرهاب.. أوضح.. أقول هذا على مسئوليتى الشخصية. ولكن التصفيق الحاد وقوفا، والهتاف للقدس وفلسطين، أعطى صكاً أن الدكتور شومان يعبر عن رأى وضمير الحاضرين. ويؤكد أنهما فى الوجدان العربى والاسلامى. وأسعدنى.. أن الدور الوطنى للأزهر لن يموت.
غيرة يا شابة
اذهبى لمشاهدة فيلم قديم مع صديق».. تغريدة كتبها ترامب من بين ما قاله، انتقاداً للفتاة النرويجية اللامعة جريتا الينور ذات الستة عشر عاماً، والتى اصبحت حديث العالم لجهودها ومحاولاتها، لإيقاظ الشعوب والحكومات، لانقاذ كوكب الارض من كوارث التغير المناخى. تعامل العالم معها بتقدير وأحترام،وتفاعل معها القادة والشعوب فى تجاوب كبير، عدا الرئيس ترامب.. غريبة.. رئيس اكبر دولة فى العالم، يجد لديه الوقت للمتابعة والتفكير والتغريد على تويتر منتقداً الفتاة عقب اختيارها من مجلة التايم غلاف المجلة كشخصية العام. احترت فى توصيف ما قاله ترامب.. هل نكران  لجهودها فى تعرية تخاذل العالم فى مواجهة الظاهرة. أم شعر بأن موقفها انتقاد شخصي له، بانسحابه من كل الالتزامات الدولية تجاه الكارثة رغم مسئولية أمريكا عن النصيب الأكبر فى اسبابها. ام غيرة من الفتاة وأنه كان يتمنى ان تختاره المجلة بدلاً منها.. مع شخص مثل ترامب.. لا أرى مبرراً له غير ذلك.. فهى غيرة يا شابة.. تسعدك ولا تحبطك!
همس النفس
يا أنا..أهفو اليك.. اشتد الوجد وأضنانى الفراق.. يا أنا تتوق النفس للقاء.. وإن كان طيفك حاضراً يجتاح النفس والروح.. يا أنا.. اسمع خفقات قلبك.. وصوتك يهمس خافتاً.. نعم.. أنا أنت..وأنت أنا.. ياأنا.. اختار الشعراء فى الحب وصفا.. وأعيا الفلاسفة والمفكرين ادراك تعريفة ومعانيه.. يا أنا.. نسى هؤلاء.. وتاه عن هؤلاء.. إن الحب لا يعرفه إلا من عاشه.. ولا يصفه الا من ادرك معاناته.. يا أنا.. لا تلو من النفس والزمان.. فما الحب إلا هبة القدر من الله لا يفهمه عقل ولا يفسره منطق.. ليس لنا به حول ولا قوة.. ولا نملك عليه أمرا ولا نهيا.
يا أنا.. بنا مابك.. تدثرت بالصبر والجلد.. وما عدنا نحتمل الصبرولا قدرة على الجلد.. أعيانى كتمان عشق.. وما لى بالبوح به أمد الحياة سبيل.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة