مؤمن خليفة
مؤمن خليفة


بدون أقنعة

المغامر التركى

مؤمن خليفة

السبت، 04 يناير 2020 - 07:50 م

ما زلت أتذكر مشهد الوالى محمد على باشا فى مسرحية «الصعود إلى القاعة» للمؤلف الكبير محمد أبو العلا السلامونى وقد أصاب محمد على الخرف وهو يبكى ندما على عدم سماع نصيحة السيد عمر مكرم نقيب الأشراف وانفراده بحكم مصر وعدم تنفيذ وصية من اختاروه بدلا من الوالى العثمانى.. كان محمد على قد أصابه مسا من الجنون بعد أن فقد جزءا كبيرا من الأرض التى احتلها بجيشه وتآمرت عليه أوروبا فاضطر للانسحاب بجيشه من كل الأراضى التى كسبها خلال معاركه.
هذا المشهد العبقرى أصابنى بما يشبه الدهشة من قائد عسكرى عظيم استطاع دك حصون العثمانيين ووصل بجيوشه إلى الأستانة وهدد بالقضاء على تركيا لولا استنجادها بإنجلترا وفرنسا اللذين شعرا بخطورة جيش مصر على مصالحهما فتحالفوا على محمد على وأجبروه على توقيع اتفاق الأستانة الذى بموجبه احتفظ محمد على بحكم مصر والسودان فقط وانسحب بجيشه من الحجاز وأسطنبول والشام وعكا.. كان محمد على يشعر بخيبة أمل كبيرة وكان حزينا.. وكان يستطيع محو تركيا من الوجود ووضعها تحت ولايته لولا المؤامرة التى أحيكت ضده.. لاحظوا أن الجيش الذى حارب به إبراهيم باشا ابن محمد على هو جيش تكون من فلاحى مصر وليس من الشراكسة.. هو جيش معجون بطين الأرض المصرية.. ولذا وصل إلى الكثير من مناطق العالم وهدد بتغيير خريطة العالم وقتذاك.. جيش لم يتكون من مرتزقة.. جيش أصلى.. ولعل مجنون تركيا أردوغان لا يدرك فداحة إرسال قوات إلى ليبيا لأن ملعبه الرئيسى فى سوريا يختلف كثيرا عن ليبيا وأن حدوده المشتركة مع دمشق كانت عاملا مهما فى دخول قواته إلى الأراضى السورية بسهولة ناهيكم عن الظروف الدولية الراهنة هناك وتسليح المليشيات لمحاربة الأسد وفترة احتلال داعش للشمال السورى وغيرها من عوامل ساعدت على تدخله.. لكن الوضع فى ليبيا مختلف.. تركيا ليست دولة جوار وليست لها حدود مشتركة مع ليبيا إضافة إلى أن الاتحاد الأوروبى متوافق تماما على رفض التدخل التركى وكذلك يعلم الجميع أطماعه فى الغاز فى منطقة شرق المتوسط ومحاولاته للفوز بنصيب منها.
أردوغان يستعين بمرتزقة سوريين يعملون ضد الأسد ويتلقون منه دعما عسكريا وماليا والدواعش الذين أطلق سراحهم فى غزوه لسوريا وهم لا يعنيهم من يكسب فى ليبيا.. السراج أم حفتر.. هم جاءوا من أجل المال مثلهم مثل من أرسلهم إلى طرابلس.. لكنه لا يدرك أنه يحارب بعيدا عن حدوده وأن هناك من لن يسكت أو يهادن وأن الوقت ليس فى صالحه ولن يتخذ ترامب نفس الموقف المتهاون الذى اتخذه حينما تغاضى عن غزوه لسوريا.. الموقف مختلف تماما.. ولن يستمتع أردوغان أبدا بتدخله فى ليبيا فسوف يتعرض للهزيمة وسوف تكون نهايته ونهاية مغامراته وجنونه.
هناك موقف عربى متخاذل كالعادة إزاء التدخل التركى فى ليبيا وخاصة من دول الجوار تونس والجزائر والمغرب لكنه الطبيعى والمنتظر منها.. ولن تسمح مصر القوية للمجنون التركى أن يهدد أمنها.. ولن تسمح للمغامر العثمانى أن يشبع غروره على حدودنا.. مصر القوية تعرف قدرها ويعلم أردوغان ذلك جيدا لكنه يحلم باستعادة مجد أجداده الغزاة فى المنطقة العربية.. لن يفلح فى تهديد مصر ولن يتمكن من البقاء فى ليبيا مهما حاول.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة