رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

1517 ـ 2020

رفعت رشاد

الأحد، 05 يناير 2020 - 08:00 م

503 سنوات مرت على الاحتلال التركى العثمانى لمصر. خمسة قرون منذ جاء السلطان العثمانى سليم الأول وهزم المماليك وشنق القائد طومان باى. التاريخ كالقدر له تصاريف عجيبة أدت إلى ما حدث. المصريون وقتها ومنذ زمن كانوا قد فقدوا الإحساس بالوطنية بعدما مرت قرون وهم تحت الاحتلال الأجنبى. المصريون القدماء ولت دولتهم منذ ما يقرب من 2500 سنة ومنذ ذلك التاريخ لم يتول مصرى واحد حكم بلاده. كان الجيش مملوكيا أى مكون من عبيد أرقاء تم بيعهم فى سوق النخاسة - حسب التقاليد والعادات التى كانت موجودة وقتها - وهم فى كل الأحوال ليسوا مصريين وبالتالى لم يكن للشعب ولاء تجاههم ، لذلك لم تكن هناك ثورات للشعب المصرى طوال فترة حكم المماليك ، فهم ليسوا بمحتلين وفى نفس الوقت رسخ فى ذهن المصريين مبدأ أنهم ليسوا أهل حكم - كررها عمر مكرم.. فولوا محمد على الحكم .


منذ 1517 دخلت مصر نفقا مظلما تحت الاحتلال التركى الذى يعد من أبشع أنواع الاحتلال. الأتراك عرق نزح من وسط آسيا ينتهى نسبه إلى المغول وقد تركوا بلادهم قبائل رعوية وعلى مدى قرون وجدوا لأنفسهم مكانا ومكانة داخل الدول الإسلامية التى بدأت تتشكل مواكبة لنزوحهم ، فصار منهم المنتمون إلى السلطة فى الدولة العباسية وأقاموا دولة تركية سلجوقية فى بلاد فارس وبعدها أخرى فى الأناضول ، وقامت دولة الأناضول بحماية القبائل التركية وفى نفس الوقت ساندت القبائل الدولة فى صراعها مع الدولة البيزنطية. استمر الصراع حتى بعد قيام الدولة العثمانية ولم ينته إلا بسقوط القسطنطينية فى القرن الخامس عشر.


توسع العثمانيون المسلمون واحتلوا كل الدول العربية وغيرها وأطلقوا على سلطانهم لقب خليفة المسلمين فرضخت الشعوب الإسلامية للخليفة باعتبار أن شق عصا الطاعة عليه حرام. وعندما جاء سليم الأول إلى مصر أعمل سيفه وجيشه لقتل عدد كبير من المماليك الحكام ومن أفراد الشعب لكى يثير الذعر واستولى على مقدرات البلاد ونهب الثروات وشحن أمهر الصناع إلى استانبول أو القسطنطينية لكى يجددوا شبابها وإصباغ الطابع الإسلامى على عمائرها.


ارتكب الاحتلال التركى أعمالا شنيعة فى الشعوب التى اغتصب أوطانها وقد سجلت رواية جسر على نهر درينا مشاهد قاسية من الاحتلال التركى ومن الرواية عرفت لأول مرة معنى الخازوق الذى ابتكره الأتراك كعقوبة وتعذيب فى نفس الوقت وهو أمر فى منتهى القسوة. بل إن الأتراك فى الدولة الحديثة ارتكبوا المذابح الجماعية لشعوب آسيا الوسطى أو الأناضول وهى المساحة الجغرافية التى تقوم عليها تركيا الحالية. فقد أرادت جمعية الاتحاد والترقى التركية تنقية الأناضول عرقيا فارتكبت المذابح وهجرت الجنسيات الأخرى جماعيا واستكمل الكماليون (مصطفى كمال أتاتورك ومن معه) بعدهم مسيرة المذابح.


خلاصة القول أن الوجود التركى على حدودنا مرفوض وكل مصرى بالفعل على استعداد للتطوع والدفاع عن حدودنا وأمننا. وربما يكون فيما أقدمت عليه تركيا فى ليبيا وصلف رئيسها تصريفا قدريا لإنهاء فصل تاريخى أسود بدأ فى عام 1517 باحتلال تخلفت بلادنا بسببه لقرون طويلة لكى تغلق صفحته فى عام 2020.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة