محمد جمعة

الثلاثاء، 07 يناير 2020 - 10:32 م

- أسرته باعت كل «المحاصيل الزراعية» للإنفاق على حلم كاد يتحطم على حذاء كرة ممزق !

- يكره الرفاهية وحياة البزخ ويضع كل ثروته لخدمة فقراء بلاده

«إذا انتظرت للغد وعملت من أجله فسوف يأتي سريعا.. وإذا لم تنتظره ولم تعمل فسوف يأتي سريعا أيضا».. هذا مثل سنغالي مشهور قرر النجم العالمي ساديو ماني لاعب ليفربول ومنتخب السنغال أن يعمل به من أجل الغد.

 

وعلى الرغم من بدايته الصعبة منذ ولادته إلا أنه نجح في تحقيق الكثير من أحلامه وصولا لسلم الكرة العالمية مع ليفربول ومنتخب بلاده السنغال.

 

ولد ماني في العاشر من أبريل 1992 في قرية صغيرة بالسنغال تسمى سيديو تقع على نهر كازامانس وترعرع في عائلة تهتم بالدعوة الإسلامية.

 

كان والد ماني يعمل إماما لمسجد القرية التي ولد بها.. عاش ماني أغلب فتراته رفقة عمه بسبب سوء الحالة المادية الصعبة لأبيه وأمه وعدم قدرتهما على تربيته بجانب إخوته.. عشق ماني كرة القدم منذ الصغر وكان يسارع للعب مع أطفال قريته وهو في الثالثة من عمره.

 

كان مونديال كوريا واليابان 2002 حدثا فاصلا في حياة ماني بعدما تابع منتخب بلاده يتألق في مشاركته الأولى بالمونديال ليقرر هو وأصدقاؤه إقامة بطولة مصغرة بينهم في القرية شهدت تلك البطولة تألقا كبيرا لماني بشهادة الجميع.. إلا أن عائلته كانت ترفض بشدة فكرة لعبه لكرة القدم ويريدون أن يسير على نفس النهج الذي يتبعونه بالدعوة الإسلامية.. ولكن نجح ماني وعمه في إقناع العائلة بقدراته والإيمان بموهبته وشغفه بالساحرة المستديرة.

 

حذاء ممزق

 

قام أبوه وعمه ببيع كافة المحاصيل التي تنتجها مزارعهم من أجل توفير المال لسفره إلى العاصمة السنغالية داكار والبحث عن أول طريق المجد والشهرة مع الكرة.. وبالفعل نجحوا بالكاد في توفير المال اللازم لانتقاله إلى داكار والإقامة مع عائلة مقابل مبلغ من المال.

بحث ماني عن أفضل الأندية بالعاصمة داكار ولم يجد أنسب من جينيراسيون فوت وذهب النجم الأسمر لأداء الاختبارات بالفريق.. ولكن لم يملك ماني سواء حذاء ممزق وسروال لا يصلح للعب الكرة أثار بهما ضحك رجل كان متواجدا في الاختبارات حتى سأل ذلك الرجل ماني عن مشاركته في الاختبارات فأجابه: نعم سوف أشارك، فتعجب الرجل قائلا : بهذا الحذاء الممزق وهذا السروال ؟ أنت في المكان الخطأ.. لم يفقد ماني أمله ورد عليه : اتركني أختبر ثم أعود لقريتي.. وفي نهاية الاختبارات نجح ماني في كسب ثقة الرجل الذي ذهب له وأخبره بنجاحه في الاختبارات وتواجد مع الفريق.

 

رحلته الخارجية

 

لحسن حظ ماني فإن أكاديمية جينيراسيون فوت ارتبطت منذ 2003 بعقد لتمويل نادي ميتز الفرنسى بالمواهب الشابة ونجح ماني في خطف أنظار كشافى ميتز ليقرروا ضم اللاعب إلى الفريق بفرنسا.. لم يخبر ماني والده ووالدته بسفره خوفا من عدم سفره ولم يعلم أحد من عائلته بالأمر سوى عمه.. وفي اليوم الأول له بفرنسا طلب منه المدير الفني الحصول على راحة من التدريبات والبقاء بالمنزل.. قرر ماني الاتصال بوالدته وأبلغها بتواجده بفرنسا لكنه لم يكن يملك الرصيد من أجل الاتصال بها.. وفى اليوم التالي ذهب مع أصدقائه بعد التدريب وتحدث هاتفيا مع والدته ليبلغها بتواجد في فرنسا لكنها لم تصدق في البداية حتى أخبرها ماني بمشاهدته في التلفاز ورؤية حلمه يتحقق مع الساحرة المستديرة.

 

ظل ماني يتدرج في صفوف الناشئين في ميتز حتى تم تصعيده للفريق الأول في موسم 2012/2011 وقتها كان ميتز يلعب في دوري الدرجة الثانية وخاض مانى مباراته الأولى مع ميتز أمام باستيا في يناير 2012 وبالرغم من هبوط ميتز للدرجة الثالثة في نهاية الموسم إلا أن ماني لفت أنظار ريد بول سالزبورج النمساوي ليضمه لصفوفه في أغسطس 2012 مقابل 4 ملايين يورو في ثالث أغلى صفقة انتقال لاعب في تاريخ نادي ميتز.

 

قاد مانى سالزبورج للتتويج بلقبي الدوري والكأس في النمسا موسم 2013 / 2014 ليحقق الثنائية المحلية مسجلا 23 هدفا في مختلف المسابقات.. في الموسم التالي دخل ماني في خلاف مع مسئولي الفريق النمساوي لرفضهم السماح له بالانتقال خارج النادي. رد ماني كان الامتناع عن المران ورفض السفر مع الفريق إلى السويد لمواجهة مالمو في الدور التمهيدي الأخير لدوري أبطال أوروبا ليقرر النادي بيعه إلى ساوثامبتون الإنجليزي مقابل 12.8 مليون جنيه استرليني.

 

في يونيو 2016 أصبح ماني أغلى لاعب في تاريخ إفريقيا حينما انتقل من ساوثامبتون إلى ليفربول مقابل 34 مليون جنيه استرليني.

 

افتقاده للعائلة

 

وبعيدا عن مشواره مع الكرة كشف ماني في أكثر من حديث له عن الفترات الصعبة في حياته قائلا: افتقدت عائلتي كثيرا لكي أصبح لاعب كرة قدم هو كل ما أردته وقد علمت أن تلك الأيام الصعبة كانت ستساعدني على تحقيق ذلك.. الآن أنا هنا بلا اى شيء أندم عليه أعيش حلمي.. أنا شخص أحب الاستماع أحب المشاهدة وأحب التعلم.. لا أزال صغيرا وأبنى نفسي وأود دائما التحسن.. كل يوم هو فرصة أخرى للعمل والاقتراب من النجاح.

 

وأضاف ماني: لا أحتاج إلى الرفاهية لأصبح سعيدًا أكرس الكثير من الأجور للجمعيات الخيرية.. لا أحتاج إلى سيارات أو أشياء باهظة الثمن لأكون سعيدًا لماذا أقتنى 10 سيارات من طراز فيراري أو 20 ساعة من الألماس أو طائرتين؟ ماذا ستفعل هذه الأشياء لي للعالم؟.. وأشار ماني : كنت جائعًا وكان على أن أعمل في هذا المجال لقد مررت بأوقات عصيبة لعبت كرة القدم حافيًا لم أتعلم جيدًا وافتقدت أشياء أخرى كثيرة لكن بعدما وصلت له اليوم بفضل كرة القدم أصبح بإمكاني مساعدة شعبي.

 

وأضاف النجم الأسمر: لقد بنيت المدارس والملاعب ونقدم الملابس والأحذية والغذاء للأشخاص الذين يعيشون في فقر بالإضافة إلى ذلك نعطى مبالغ شهرية لمن يعيشون في مناطق فقيرة في السنغال كمساهمة في اقتصاد الأسرة: أنا لا أحتاج إلى عرض السيارات الفاخرة والمنازل الفاخرة والرحلات وحتى الطائرات أنا أفضل أن يحصل شعبي على القليل مما حصلت عليه.

 

الأكثر تواضعا

 

وسبق أن وصفت صحيفة ذا صن البريطانية ساديو ماني باللاعب الأكثر تواضعًا في العالم بعد الفيديو الذي ظهر فيه وهو يساعد أحد العاملين بمنتخب بلاده في حمل زجاجات المياه إلى الملعب قبل مباراة أسود التيرانجا أمام الكونغو بتصفيات الأمم الأفريقية 2021.. وأضافت الصحيفة أن ماني الذي يحصل على راتب يصل إلى 100 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا في ليفربول لم ينجذب أبدًا لحياة الأضواء كالنجوم الآخرين إذ يعتبر أحد اللاعبين الصادقين الجيدين الذين يقومون بالعديد من الأعمال الخيرية.. ولم يكن موقف حمل زجاجات المياه هو الوحيد لماني حيث قام السنغالي بالتبرع بـ200 ألف جنيه إسترليني للمساعدة في بناء مدرسة ببلاده كما زار الموقع خلال إجازته الصيفية للتأكد من استمرار العمل.. كما قام بدفع مبلغ لبناء مستشفى.. كما قام ماني سابقا بإهداء احد الأطفال جامعي الكرات قميصه عقب مباراة كأس السوبر الأوروبي الذي فاز به ليفربول على حساب تشيلسي مطلع هذا الموسم.

 

تجربة الشعراوي

ولعل أبرز المواقف التي قام بها السنغالي كما قام فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي عندما ذاع صيته واشتهر على المستوى المحلي والعالمي وبدأ يتعامل معاملة خاصة يحيط بها الغرور وحتى لا تقع نفسه فريسة للأهواء والضعف البشرى خاطب نفسه قائلا: سوف أؤدبك لتعودي لصوابك ورشدك، فدخل اقرب مسجد وخلع ملابسه وقام على الفور بتنظيف الحمامات، وبنفس الطريقة قام ماني بإتباع نفس الطريقة والمنهج حيث ظهر فيديو له وهو ينظف دورات المياه بأحد المساجد في ليفربول مما أثار تساؤلا فى الصحف الإنجليزية وهو: ما الذي يدفع لاعبا يحصل على راتبا يقدر بـ100 ألف جنيه إسترليني لفعل ذلك الأمر؟.
 

وحصد النجم السنغالي ساديو ماني، جناح فريق ليفربول الإنجليزي، جائزة أفضل لاعب عن قارة إفريقيا لعام 2019 لأول مرة في مسيرته، متفوقا على زميله بالفريق النجم المصري محمد صلاح، ولاعب مانشستر سيتي النجم الجزائري رياض محرز.

 

وحضر ساديو ماني الحفل الذي أقيم اليوم في مدينة الغردقة بمصر وتسلم الجائزة من أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، في الوقت الذى غاب في محمد صلاح ورياض محرز عن الحفل.

 

وكان محمد صلاح قد حصل على لقب أفضل لاعب إفريقي في العامين الأخيرين 2017 و2018، بينما حصل محرز على الجائزة في عام 2016.

 

ونجح ساديو ماني في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا مع ليفربول في عام 2019 ، وقاد منتخب السنغال للوصول إلى نهائي كأس أمم إفريقيا التي أقيمت في مصر قبل الخسارة أمام الجزائر بنتيجة 1-0.