محمد سعد
محمد سعد


خلصت الحكاية

وداعـــاً خديجة عفيفى

محمد سعد

الأربعاء، 08 يناير 2020 - 09:58 م

 

كيف لى أن أصدقك بعد اليوم؟ طيلة خمسة عشر عاما بالتمام والكمال كنت أصغى السمع إليك ابنا وتلميذا فى محرابك، كل شيء تحدثت به فعلت عكسه، نعم قلت مرارا وتكرارا لن أرحل ثم انصعت لسنة الحياة الدنيا ورحلت، أكدت لى أنك لا تريدين أن تموتى على فراش المرض ولكنك استسلمت فى النهاية لقدرك المحتوم، حاولت إقناعى أنك أقوى من المرض والألم ثم استسلمت روحك إلى بارئها راضية محتسبة، وأخيرا وعدتنى باللقاء عندما تتحسن صحتك وأخلفت موعدى ورحلت إلى دار الحق.


أمى وأستاذتى ومعلمتى خديجة عفيفى كيف ترحلين بهذا الهدوء؟ نعم أنهكك المرض واعتصرك الألم فى الأيام الأخيرة ولكنك كنت تعطينا الأمل من صبرك على البلاء، لم أكن أعلم أن الصبر كان آخر الدروس فى حلقة علمك ولم أتصور أننى لم أعد أنهل من عطائك غير المحدود.


تضعيننى اليوم فى اختبار صعب لا أتحمله أبدا، فلزاما علىّ أن أكتب فى رثائك ولكنك لم تعلمينى كيف يكتب الرثاء؟ أو حتى كيفية تنظيم كلماته لأننا لم نتفق على الفراق أبدا ولم نتحدث عنه من قبل، أنا الآن لا أعرف ماذا أكتب؟ ولا كيف أكتب؟، ولكن على أى حال لابد أن أكتب ولكن هذه المرة دون أن تعلمينى أو توجهينى وكذلك من الآن فصاعدا لن يكون فى مقدورى أن أستمع إلى رأيك فيما أكتب.


ولكن دعينى أذكر نفسى أنه جمعتنى بك أجمل أيام وأسعد أوقات كان لا ينقطع معهما خيط الود الممدود وكنا نتواصل بفيض محبة جارفة وقلب تسكنه أسمى المشاعر لأن الجميع يجدك فى كل الأوقات شعلة للحنان.


نعم أنا تلميذها الذى عرفتها فى لقاءات طويلة ومتواصلة عندما احتوتنا فى كنفها بالقسم القضائى فى جريدتنا «الأخبار»، وأشهد الله أننى لم أجدها يوما ما وقد سكنها حقد أو ضغينة، فدائما ما كنت أجد الصفاء والنقاء والرضا يلف قلبها.


أستاذتى نعم تهرب الكلمات وسط زحام المشاعر.. لا تجد من بينها ما يعبر عن فيض الحزن الذى يغمرنى فى هذه اللحظات، فى تلك اللحظة التى أعيشها لا أجد كلمات أسطرها أعبر بها عن تلك المشاعر الحزينة التى أحاطت بى يوم فراقك.


لقد انطفأ الوهج ونادى المؤذن بالرحيل، فلا راد لقضاء الله وقدره ولكن ستبقى الذكرى لا ترحل بالرحيل وكيف ترحل وهى باقية؟ عالقة بالأذهان، وحقيقة ليس هناك أصعب على نفسى من وداعك، فمكانتك محفورة بالقلب وأعتقد أنها ستتبدل بمشاعر الغربة والوحدة.


أمى الثانية اسلمت روحك إلى رب السماء وبرحيلك انتهت حكاية أخرى من حكايات شارع الصحافة، كان عنوانها التفانى والإخلاص فى العمل لم تبخلى بشيء على من حولك.
تركت خلفك سيرة عطرة تنشر حبا ساكن الأفئدة، فوداعا لك وجزاكِ الله خيرا عن مسيرتك الطيبة.
محمد سعد

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة