هشام مبارك
هشام مبارك


خديجة عفيفى.. الصحفية والإنسانة.. الهانم بنت البلد

هشام مبارك

الأربعاء، 08 يناير 2020 - 10:00 م

 

«شوفولنا خديجة عندها إيه النهاردة» هذه هى العبارة التى كان ينطق بها نائب رئيس التحرير أو مدير التحرير المكلف بالإشراف على صدور عدد الأخبار فى اليوم التالى، فقد كان أى زميل يحجز لها مكانا مميزا فى الصفحة الأولى وهو ضامن تماما أن فى جعبة خديجة عفيفى ما سيجعل الجريدة متميزة بين جميع الجرائد الصباحية رغم أن المصادر القضائية التى كانت خديجة تغطى أخبارها هى مصادر يشاركها فى تغطيتها زملاء من جميع الصحف والمجلات، لكنه التميز الذى لم تعرف هذه الصحفية الفاضلة بديلا عنه طوال مشوارها الصحفى المرموق، ذلك التميز الذى جعلها مع طول خبرتها ومكانتها تجرى وراء الخبر وتتعب عليه حتى تحصل على تفاصيل جديدة غير تلك المتاحة للكل والتى حصل عليها الزملاء الآخرون.. ثم لا تكتفى بذلك بل تظل تتابع الموضوع طوال مراحل إعداده للنشر وتقوم بتحديثه أولا بأول على مدار الطبعات الثلاث وربما الأربع للجريدة دون كلل أو ملل، لا تعرف أبدا شيئا اسمه الإرهاق أو التعب بل تلمع عيناها دائما ببريق صحفية تحت التمرين تنتظر على أحر من الجمر صدور الجريدة وتناولها بين أيادى القراء لترى موضوعها منشورا وعليه توقيعها.
عندما أخبرونى أن خديجة عفيفى ماتت سألتهم: أى خديجة عفيفى فيهن تلك التى ماتت؟ ذلك لأننى لم أعرفها أبدا كشخص واحد بل عرفت منها وجوها كثيرة للإنسانية.. إن أردتها صديقة فكانت نعم الصديق التى لا تبخل على أصدقائها بالنصح والمشورة.. وإن أردتها أستاذة فهى نعم المعلمة لجيل كبير من الصحفيين الذين تولوا المواقع القيادية فى صحف ومجلات دار أخبار اليوم.. وإن أردتها اختا فتستطيع أن تأتمنها على كل أسرارك وأنت مطمئن أنك استودعتها فى مكان أمين. وإن أردتها بنت بلد فتتوقع منها أن تتصل بك صباحا من رقم مكتبها الداخلى على رقمك الداخلى تقول لك مطلوب القبض عليك فى مكتبها حالا لتناول أحلى طبق فول مدمس بالطحينة ومش بلدى من صنع يديها فتكون لقمة هنية تجتمع عليها أيادى كل الأصدقاء والزملاء فى الأخبار حيث نقضى سويا من الساعات أكثر مما نقضى فى بيوتنا مع أسرنا.. أما إن أردتها سيدة أرستقراطية فهى الليدى خديجة أو خديجة هانم التى لا تفارق مروحة اليد يدها وكأنها أميرة من أميرات الحواديت.. أما إن أردتها أما فأبناؤها من تلاميذ الأخبار كثر، يحمل كل منهم قصة بنوة وأمومة فريدة مع أم متميزة اسمها خديجة عفيفى. ما أحلاها عندما تتصل بك قائلة: حلو إللى انت كاتبه ده، بس ياريت الموضوع الجاى تراعى كذا وكذا.
لم أعمل أبدا مع خديجة عفيفى فى القسم القضائى الذى كانت دائما نجمة متلألئة فى سمائه لكنى مع ذلك تعلمت منها الكثير والكثير وكنت كلما رأيتها بنفس حماسها ودأبها كما يكون الصحفى منا فى البدايات أغبطها على نشاطها وحيويتها التى لم تنقطع يوما حتى وهى على فراش المرض.
رحم الله الصحفية والإنسانة خديجة عفيفى بقدر إخلاصها لعملها ولجريدتها وجعل مستقرها فى الفردوس الأعلى من الجنة مع الصديقين والنبيبن والشهداء وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة