يكشفه «ابن إياس».. الغزو العثماني الداعشي تحت ستار «الخلافة»
يكشفه «ابن إياس».. الغزو العثماني الداعشي تحت ستار «الخلافة»


بعض مما سكت عنه الحالمون بعودته.. 

يكشفه «ابن إياس».. الغزو العثماني الداعشي تحت ستار «الخلافة»

د.محمود عطية

الجمعة، 10 يناير 2020 - 04:08 ص

- «عساكر العثمانلية كانوا جعانين وعندهم عفاشة زايدة وقلة دين وكانوا همج»

- أجداد أردوغان يدوسون على المصاحف بسنابك خيولهم

إلى العصابة الإخوانية ولكل المتمسحين بالدين الحالمين بعودة الخلافة العثمانية.. نهدى إليكم قراءة سريعة لشهادة مؤرخ مصرى معاصر للغزو العثمانى التركى لمصر المغلف بستار الخلافة.. يؤكد مؤرخنا فى شهادته الموثقة فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور»، أن الاستيلاء على المنطقة العربية وسائر الممالك خاصة مصر لم تكن سوى هيمنة استعمارية بغيضة تستخدم الدين للسيطرة على البشر والحجر.. وأفعالهم وهمجيتهم الداعشية التى يرصدها المؤرخ المصرى تثبت ذلك.

وتعد شهادته - ابن إياس- من أهم الشهادات لمعاصرته الغزو العثمانى لمصر ورؤيته رأى العين لمجازر المحتل العثمانى الداعشى ونهبه واغتصابه للبشر والحرث والزرع بها تحت قيادة السلطان سليم الأول واحتلالها والسيطرة عليها تماما فى عام 1517م.

وقد نقل ابن إياس غصة ومشاعر وانفعالات المصريين إبان وأثناء الغزو حتى لكأننا نحيا معه تلك المشاهد الدامية.

الطمع العثمانى فى بسط النفوذ والاستيلاء على خيرات المنطقة العربية تم تغليفه وتبريره بالعديد من التبريرات أهمها تغليفه بالصبغة الدينية ووأد الاضطرابات بالمنطقة وذلك حتى يتسنى له النهب المنظم لخيرات البلاد التى يغزوها.. ودرة التاج كان حلمهم بسقوط مصر بين أنيابهم.. وللأسف هيأت ظروف تطاحين المماليك بين بعضهم البعض والعديد من الأحداث السياسية فى المنطقة الفرصة للغازى العثمانى لتحقيق حلمه بنهب وسلب واحتلال مصر.. وهو عين ما يحلم به إردوغان بمحاولة قدومه بعسكره إلى أرض ليبيا المضطربة حاليا وحتى يكون متاخما لأرض مصر..!!

نهب مصر

وقد قيد الله المؤرخ العظيم ابن إياس لرصد وقائع غزو العثمانيين لأرض الكنانة واحتلالها والتنكيل بأهلها أشد التنكيل وتعد شهادة ابن أياس من أهم الشهادات لمعاصرته تلك الأحداث ورؤيته رأى العين لمجازر المحتل العثمانى لمصر بقيادة السلطان سليم الأول واحتلالها والسيطرة عليها تماما فى عام 1517م.. وقد دون تلك الفترة فى كتابه الشهير «بدائع الزهور فى وقائع الدهور».. وهو المؤرخ المصرى محمد بن إياس الحنفى.. وفيه رصد وقائع دخول القوات العثمانية مصر - بقيادة السلطان سليم الأول - واصطدامها أكثر من مرة بمقاومة المماليك والمصريين بقيادة السلطان المملوكى طومان باى، وبعد مقاومته الباسلة والتى لا مجال لذكرها هنا داهم العثمانيون المساجد وسيطروا على منطقة مصر العتيقة واقتحموا ضريح السيدة نفيسة وداسوا على المصاحف وعلى قبرها ونهبوا ما به، وتوجهوا مباشرة لمسجد المؤيد واعتلى قناصتهم مئذنته وفتحوا منها الرصاص على الأهالى لمنعهم من اقتحام باب زويلة لمساعدة طومان باى ورجاله، حتى صعد هؤلاء إلى المئذنة وقتلوا من بها من قناصة.. وفى النهاية تم شنق طومان باى.

ثم فرض العثمانيون سيطرتهم على هذا البلد وضمه رسميًا لدولتهم، فى الثالث من محرم 923هـ، شق سليم الأول القاهرة من باب النصر بموكب عظيم وصولًا إلى بولاق حيث أقام معسكره. ومما أثبته ابن إياس قول الغازى سليم الأول: «غدًا أدخل مصر فأحرق بيوتها وألعب بالسيف فى أهلها».

ويمكن القول إنه بدأت وقائع نهب مصر مباشرة بعد دخول سليم الأول القاهرة يوم الإتنين 26 يناير 1517. تحت ستار الخلافة الإسلامية.. فقد أمر الغازى جنوده بمهاجمة بيوت المصريين وطردهم منها عنوة واتخاذ بيوت المصريين سكنا لهم.. فبدأ الجنود فى القتل العشوائى للمماليك الشراكسة «حكام مصر فى ذلك الزمان» وللمصريين «كشهادة ابن إياس فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور».

ولم تسلم الجوامع من بطشهم وسرقة ما فيها من مقتنيات غير مراعين لحرمة المساجد وهم القادمين تحت ستار الخلافة الإسلامية.. فقد اقتحموا الجامع الأزهر وجامع أحمد بن طولون ومدارس القاهرة.. وبكل صلف وغرور وجهل أشعلوا النيران فى جامع شيخا وما حوله من المساكن.. وبدأوا فى بث الرعب فى قلوب المصريين فلم يتورعوا عن قتلهم فى الشوارع.. ويذكر ابن إياس أن الجثث غطت طرق وشوارع القاهره ولم يستطع أحد دفنها حتى ترممت وقدر عدد القتلى فى يوم واحد بحوالى 10 آلاف نفس.. ونهب العثمانلية الغلال وتركوا المصريين يقاسون الجوع.

ولم تسلم القرى من سرقة المواشى والطيور.. ويذكر ابن إياس: «عساكر العثمانية كانوا جيعانين ونفسهم قذرة.. وعندهم عفاشة زايدة فى نفوسهم وقلة دين.. وكانوا همج زى البهايم، وانهم كانوا بيمسكوا الناس فى الشوارع ويقولوا لهم اشتروا نفسكم من القتل، فكانوا بياخدوا من الناس مبالغ بيحددوها».

ويؤكد ابن إياس: (فلما طفشت العثمانية فى القاهرة صارت أعيان المباشرين يجعلون على أبوابهم جماعة من العثمانية يحفظونها من النهب، وصارت العثمانية يمسكون أولاد الناس من الطرقات ويقولون لهم: أنتم جراكسة، فيشهدون عندهم الناس أنهم ما هم مماليك جراكسة، فيقولون لهم: اشتروا أنفسكم منا من القتل، فيأخذون منهم بحسبما يختارونه من المبلغ، وصارت أهل مصر تحت أسرهم، ثم صار الناس من عيّاق مصر يغمزون العثمانية على حواصل الخوندات والستات فينهبون ما فيها من القماش الفاخر، فانفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وخيول وبغال وجوار وعبيد وغير ذلك من كل شيء فاخر، واحتووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط فى بلادهم، ولا أستاذهم الكبير).

ويسجل ابن إياس قول أحد شهود تلك الحوادث فى أبيات جاء بها: نبكى على مصر وسكانها:: قد خربت أركانها العامرة وأصبحت بالذل مقهورة :: من بعد ما كانت هى القاهرة ويسهب ابن إياس فى سرد المذابح المروعة للمصريين على أيدى العثمانى سليم الأول ثم يشبهها بواقعة غزو الملك البابلى نبوخذ نصر لمصر فى العصور القديمة، وباجتياح هولاكو بغداد سابقًا.. ويذكر أنه اعتاد جنود العثمانية الهجوم على العوام وسرقتهم و«تشليح ثيابهم» و«سرقة عمائمهم» فى الطريق.

وبكل حزن يقول ابن أياس: «وصارت أهل مصر تحت أسرهم وإن انفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وبغال وعبيد وغير ذلك من كل شىء فاخر، واحتووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط فى بلادهم، ولا أستاذهم الكبير. وفك العثمانلية رخام قاعات القلعة وبيوت القاهرة ونهبوا الكتب والمخطوطات اللى كانت موجودة فى المدارس، وقبضوا على الصنايعية والحرفيين والتجار والموظفين وغيرهم مسلمين على مسيحيين وفوقيهم أعداد من أعيان مصر والمشايخ والفقهاء ورحلوهم على إسكندرية ونقلوهم بالمراكب من هناك بالنهايب على قاعدتهم استنبول اللى هى أصلاً كونستانتينوبل اللى نهبوها من البيزنطيين قبل ما يغزوا مصر بـ 64 سنة. المراكب نقلت المصريين على انطاليا ومن هناك ودوهم على استنبول وفيه مراكب غرقت فى السكة كان منها مركب عليها 400 واحد من ضمنهم جماعة من أعيان مصر».

 ذبح المصريين

وعن نقل المصريين لإستنبول يذكر اين إياس: «ولم تقاس أهل مصر شدة من قديم الزمان أعظم من هذه الشدة، ولا سمعت بمثلها فى التواريخ القديمة». فى استنبول كان شاويشيتهم بيحتالوا على مصريين من اللى أسروهم ونقلوهم على هناك وبيقولولهم انهم حا يهربوهم على مصر فى السر فكانوا بياخدوهم وفى السكة كانوا بيسرقوا فلوسهم وحاجتهم ويقتلوهم وما كانش بيبان ليهم اثر وقد فعلوا مثل ذلك بكثير من أهل مصر ممن كان بإسطنبول».. ومكث الغازى سليم الأول فى مصر ما يقارب ثمانية أشهر يشرف فيها على خراب مصر ونهبها وتجويع أهلها. 

يذكر ابن إياس أنه قضى الشهور الثمانية فى لذاته ومعاقرة الخمر.. ثم بعد ذلك أخذ فى لم جماعة من المصريين وربطهم بالحبال وساقوهم بالضرب المبرح واجبروهم على سحب المكاحل النحاس «المدافع» حتى لتنقل للعاصمة العثمانية.. ويصف ابن إياس خروج العثمانى سليم الأول من مصر بعد نهبها وخرابها والتلذذ بقتل أهلها وتعيين أحد الخونة حكاما له فى مصر وهو خاير بك الذى أطلق عليه المصريين «خاين بك».. وخرج سلم الأول فى العاشر من سبتمبر 1517 بالطبل والزمر من بيت ابن السلطان قايتباى وهو يرتدى فقطان أحمر وحواليه وقدامه موكب كبير يتقدمه خاير بك والأمراء والعساكر العثمانية.. وخرج من مصر حاملا مسروقاته وكانت كما رصدها ابن إياس ألف جمل محملين بالذهب والفضة والتحف والرخام ومنهوبات كتيرة جمعها فى فترة إقامته فى القاهرة..!!

خاين بك

وترك سليم لخاير بك صنيعته حوالى خمسة آلاف خيال وخمسمائة من البنادق حتى يكمل نهب مصر وتتحول مصر لمستعمرة تحت اسم الولاية.. ومن أسف تمكن خاير بك بهذه العدة من خضع مصر لإمرته وإمرة العثمانية.. وباستخدام الصراعات ما بين الطوائف التى تركها سليم فى مصر من تركمان وانكشارية والصبهانية والكمولية اكتمل النهب المنظم لمصر.. حتى طائفة أخرى وهى العربان استمروا فى الاعتداء على القرى وقطع الطرق على الفلاحين المصريين وكانوا قد استغلوا الغزو الاستعمارى العثمانى من قبل فى الاعتداء على القرى خاصة فى الشرقية.. ولم ينس الغازى الناهب لمصر أن يأخذ معه الخليفة العباسى القاهرى المتوكل على الله وأسرته إلى استنبول.. ويا للعار قد نهب معه من ضمن ما نهب الآثار النبوية ومنها «البيرق والسيف والبردة» ومفاتيح الحرمين الشريفين.. ولم ينس كما ذكر ابن إياس أن نقل قسرا الحرفيين والصنايعية من مصر.. فقلت الصنايع بها حتى قيل إنه اختفى من مصر 50 صنعه.. وبذلك دخلت مصر عصر انحدار صناعى وغاب مركزها الحضارى، وبنقل الخليفة العباسى وكبار رجال الدولة إلى استنبول ضاع من مصر مركزها الدينى والسياسى..!

ونقل ابن إياس عن شاعر مصرى قوله: ما كنت أحسب أن يمتد بى زمنى.. حتى أرى دولة الأوغاد والسفل.. وأخيرا أى خلافة للغازى العثمانى يحلمون ويتشدقون بها.. خلافة السلب والنهب واغتصاب الأطفال والنساء وترحيل العمال المهرة للعاصمة العثمانية وإفقار البلاد والعباد.

هل هذا ما يحلم به إردوغان ليعيد أمجاد أجداده من مجازر للمصريين.. أيرغب فى إعادتها فى ليبيا أم يعيد تفصيل ما حدث للأرمن من مذابح على أيديهم.. الأيدى المطلخة بدم الأبرياء العزل على مدى تاريخها لا تقيم ولا تصنع سلاما بالبلد الشقيق ليبيا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة