أرشيفية
أرشيفية


قصص وعبر| صرخة رضيع.. وجريمة شرف في الفجر

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 10 يناير 2020 - 07:27 م

أظلمت السماء ظلاما عجيبا، وكأن غطى وجهها ستارة سوداء كثيفة، فلم يعد يظهر فيها قمرا أو نجم، والأشجار تكاد جباهها تلمس الأرض حزنا، والعصافير تغرد تغريدا شجيا يشوبه الأنين والبكاء، وكأن كل ذلك اعتراض على جريمة شرف ترتكب في الفجر، ووسط صرخات رضيع كادت أن تنشق حنجرته.

السطور التالية تروي مأساة زوجة راحت ضحية الدفاع عن شرفها، تاركة خلفها صرخات رضيعها التي شقت الصمت والظلام.

جلست الزوجة تحتضن رضيعها الصغير داخل منزلها المتواضع بالقرية، تصطك أسنانها من شدة البرد، حانية ظهرها تتحسس رأسه تحاول تدفئته بمعطفها، ومن حين لآخر تمسح أنفها وقد استحال نبعا لا ينبض ماؤه، ولم تكن تعلم بأن جارها الذئب البشري الذي تجرد من كل معاني الإنسانية والرحمة يراقبها عن كثب منذ فترة مستغلا غياب زوجها العامل البسيط والذي يسعى على لقمة العيش، بإحدى المحافظات، وعند عودته تأنس ورضيعها به ويأنس بهما وتهون عليه وتشد من أزره.

اقتحم عليها المنزل الجار الشيطان كالأسد الجائع، محاولا اغتصابها، قاومته بكل ما أوتيت من قوة، تعلو وجهها علامات الذعر والهلع وسط صرخات رضيعها التي انطلقت مدوية، وكأنه يرسل إشارات استغاثة لإنقاذ أمه، لم يبال الشيطان الجاحد، ونجح في تكميمها بعد أن أنهك قواها، يمزق ثيابها، لكنها دفعته بقوة وشراسة في محاولة للحفاظ على شرفها، وباءت كل محاولاته معها بالفشل فما كان منه وخشية أن يفتضح أمره، سدد لها عدة طعنات بأماكن متفرقة من جسدها، وسقطت على الأرض غارقة في بركة من الدماء، وسابقت قدماه الرياح معتقدا الهرب من عدالة السماء.

ازدادت صرخات الرضيع تشق ظلام الليل، توقظ النائمين، حتى علت الدهشة وتعاظمت على وجه أحد الجيران الذي توجه إلى المنزل يستطلع الأمر، وأخذ يطرق باب المنزل بغضب وهستيرية، تزداد معها صرخات الرضيع، فما كان منه أيضا بعد أن ارتجفت أوصاله، وتسلل الشك بداخله فقام بكسر باب المنزل حيث تسارعت دقات قلبه، يحملق في المكان، ويشهق من شدة وهول الموقف، هرولت إحدى الجارات تضرب صدرها وتصرخ صرخات مدوية تحتضن الرضيع الذي انفطر قلبه من كثرة البكاء والصراخ في مشهد يدمي القلوب، وتقشعر له الأبدان.

على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية بإشراف اللواء مجدي القمري مدير أمن البحيرة، واللواء محمد هندي مدير المباحث، وتم تشكيل فريق بحث مكثف لكشف لغز الجريمة، ومناقشة الزوج الذي وقعت المفاجأة على رأسه كالصاعقة أكد بأنه لا يوجد أي عداءات مع أحد، أو خلافات زوجية بينه وبين زوجته المجني عليها، وأنه يعود إلى المنزل في نهاية كل أسبوع، ولم يتهم أحد.

واصل فريق البحث تحرياته، ومناقشة الجيران، ونجح في تحديد هوية المتهم بعد فحص كاميرات المراقبة التي رصدته أثناء خروجه من المنزل مسرعا عقب صلاة الفجر، واعترف بجريمته، وأنه حاول التعدي على المجني عليها، واغتصايها رغما عنها بالقوة إلا أنها دافعت عن شرفها، فخشي أن يكتشف أمره وسدد لها عدة طعنات أودت بحياتها، وتمكن من الهرب.

صرحت النيابة بدفن جثة الزوجة بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس الجار الشيطان ٤ أيام على ذمة التحقيقات.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة