محمد درويش
محمد درويش


نقطة فى بحر

قابوس.. سلاماً

بوابة أخبار اليوم

السبت، 11 يناير 2020 - 07:35 م

 

محمد درويش

«ولايوم من أيامك ياعُمان»
هذه المقولة هى لسان حال من ذهب  إلى سلطة عُمان حتى لو كانت زيارة لأيام معدودة ولم تكن للعمل بعد أن توجهنا فى بداية الثمانينات إلى هناك.
كنا عدد من العاملين فى جريدة الأخبار الذين آثروا السلطنة على غيرها من دول الخليج العربية بسبب أساسى وهو قرار مجلس إدارة المؤسسة حجب الأجازات بدون مرتب إلى أى دولة عربية عدا سلطنة عُمان والسودان وهما الدولتان اللتان ظلتا على علاقتهما بمصر بعد أن قطعت كل دول العرب علاقاتها أثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد فى نهاية السبعينيات.
لم نكن ندرك أننا سنعيش أجمل أيام الحياة فى ربوع هذا البلد الرائع شكلاً ومضموناً، الطبيعة الخلابة والشعب المتدين المضياف الطيب.
ذهبت إلى هناك بعد أكثر من ١٢ عاماً من حكم السلطان قابوس الذى تولى أمور البلاد فى الثالث والعشرين من يوليو عام ١٩٧٠ وعمره يقترب من الثلاثين.
خمس سنوات قضاها قابوس فى صراع مع جبهة تحرير ظفار حتى استتب الأمر له دون إراقة دماء، فتح السلطان قلبه وعقله للجميع ورفع شعار عفا الله عما سلف واستطاع أن يستقطب كل المناوئين حتى من فر منهم إلى خارج السلطنة، عادوا جميعهم على فترات متباعدة واحتل كل منهم مايليق بخبراته وعلمه وقدّم لهم مايكفيهم ليصبحوا فى رغد من العيش كان بالنسبة لهم حلما بعيد المنال.
طوال السنوات الخمس التى انتهت فى الحادى عشر من ديسمبر ١٩٧٥ وصار الاحتفال به يوما للقوات المسلحة السلطانية ومعه لم يهمل السلطان الهدف الاساسى الذى من أجله قاد حركته فى عام ١٩٧٠ وهو بناء عُمان الجديدة لتواكب النمو الحضارى الذى بدأه العالم وقطع فيه أشواطاً بينما كانت عُمان صاحبة التاريخ والحضارة فى سُبات عميق تنتظر من يوقظها منه.
تحت شعار آخر وهو «التعليم ولو تحت ظل شجرة» وهو اللبنة الأولى فى بناء البشر قبل الحجر بدأت نهضة تعليمية تضع تحت مظلتها الاجيال الجديدة من الأطفال والفتيان، ولا أنسى كيف كان دور المعلم والمعلمة المصرية فى تحقيق هذا الهدف عندما دخلت فصلا دراسيا هو الوحيد فى تلك المنطقة التى لا تصل اليها الا المروحيات ووجدت معلمة مصرية من المنوفية تقوم بالتدريس لابناء هذا المكان النائى.
حافظ قابوس على علاقاته الخارجية وكسب ود الجميع وعلا على الصغائر، فلم يخسر علاقاته مع أى بلد آخر، كان ينبوعا للحكمة ثاقب النظرة، قارئا للمستقبل وبعيدا عن أعين الصحافة والاعلام كان بمثابة البلسم الشافى لأوجاع الأطراف التى تنازعت فى المنطقة مع الدول الكبرى.
اهتم أيضا بالفنون والموسيقى، اقترب من شعبه كما لم يقترب أقرانه فكانت جولاته السنوية يختار فيها منطقة كل عام تنصب فيها الخيمة السلطانية ويقضى أياما وربما أسابيع يستمع إلى الجميع ويوجه بحل المشكلات على الطبيعة.
السطور لاتتسع ولو لجزء من تاريخ الرجل الزاخر بالعطاء والمحبة لأبناء شعبه وأرض وطنه.
رحم الله جلالة السلطان قابوس وعوّض شعبه خيرا فى خليفته السلطان هيثم بن طارق.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة