سليمان قناوي
سليمان قناوي


أفكار متقاطعة

دفايات السماء

سليمان قناوي

الأحد، 12 يناير 2020 - 07:47 م

نهارات هذا الشتاء الزمهرير تشهد مراوغات متتابعة بين أشعة الشمس وسحب الغيوم، ما أن تظهر الشمس فى نهار أحد الأيام حتى تهرع ربات البيوت إلى البلكونات وأصحاب المعاشات إلى المقاهى وموظفو الأمن والاستعلامات إلى بوابات شركاتهم للاستدفاء من هذا البرد اللاسع للقفا والنافذ للعظم، لكن سرعان ما يعود الكل كما كنت: النساء لتحت جبل البطاطين و»الماعاشتجية» إلى التدثر بالبلاطى والكوفيات والطواقى، وموظفو الأمن إلى إحكام إغلاق بوابات شركاتهم. وبعد هذه «الترقيصة» من الشمس وهجوم سحب الغيم التى تغلق مدافئ السماء الطبيعية، يبدأ كثيرون فى لعن نهارات وليالى الشتاء. ولو عاش أحدهم فى روسيا أو إحدى دول شمال أوروبا ولا أقول سيبيريا وكندا وبلاد الإسكيمو، لحمدوا الله بكرة وأصيلا على طقسنا.


عشت عامين فى لندن فى الثمانينات، كانت الشمس إذا ظهرت يكون خبرا فى الصفحة الأولى للصحف، لأنها تتدلل على الإنجليز وتصاب بجلطة شمسية تتجمد فيها أشعة الشمس لنصف العام، ولأننى لم اعتد ذلك فكانت أشهر الشتاء كئيبة تصيبنى باكتئاب لأن نهارنا ليل وليلنا سرمدى، ولذلك فإن أول شيء أفعله حين استيقظ - منذ أن عدت إلى مصر المشمسة ـ هو فتح «شيش» وزجاج كل الغرف القبلية لأستمتع بحلاوة أشعة شمسنا.


رغم كل هذا الصقيع شتاء والولعة صيفا يظل مناخنا معتدلا مهما عانينا بضعة أسابيع فى هذا الموسم أو ذاك. فما ظنكم مثلا بدرجة حرارة 15 تحت الصفر فى هلسنكى عاصمة فنلندا التى زرتها ديسمبر عام 2000 حين كنت رئيسا لتحرير مجلة أخبار السيارات لتجربة نوع جديد من إطارات السيارات المخصصة للطرق الجليدية. جرت التجربة فى إقليم لابلاند بشمال فنلندا التى تبعد 200 كيلومتر عن القطب المتجمد الشمالى لذلك كانت درجة الحرارة فى الإقليم 30 تحت الصفر.

بدأت تحذيرات الشركة الداعية من القاهرة، فقالوا لنا إن استطعتم إحضار دولاب ملابسكم فافعلوا. وحين وصلنا أعطونا كوفيات وقفازات وجاكتات مصنوعة من مواد لا تخترقها الرياح الباردة. ومع ذلك ظلت التحذيرات المرعبة «غطوا أذنيكم جيدا، لأنها قد تتعرض للكسر إذا تجمدت وحاول بعضكم هزها. والحمد لله عدنا إلى الدفء فى هلسنكى وكان هذه الدفء يعنى درجة حرارة 15 تحت الصفر! ووصلنا مصر دون أذن مقطوعة. الله على جو مصر وحلاوة شمس مصر.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة