محمود فيصل
محمود فيصل


حكايات فوق السحاب| بالفيديو.. محمود فيصل: الطائرة «دولة» في الهواء

إنجي خليفة

الإثنين، 13 يناير 2020 - 02:36 ص

لنوع الطائرة مذاق خاص وكأنه فنان يمسك بريشته ليشكل «شخصية» قائد الطائرة، ومع كل رحلة تتزايد خبراته ليصبح معدل الخطأ معه «زيرو».. فى قلب كل ذلك وجد الكابتن طيار محمود فيصل نفسه قائدًا لطائرة بيونج 737 -800.

على مدار ثلاث سنوات، وتحديدًا منذ 1997 إلى 2000، خضع محمود فيصل إلى دراسة مكثفة فى الطيران، ليبدأ عمله كطيار منذ 2005، ويحلق بين السحاب منذ 14 عامًا مضت، إلى أن صار قائدًا لطائرة «بيونج 737 -800»، وهو فى الـ38 من عمر

بعد أن أتم «محمود» مراحل التعليم الأساسى، توجه إلى دراسة الطيران مباشرة، ثم كلية تجارة، فتحضير رسالة ماجستير فى إدارة الأعمال، وكلها خبرات متراكمة اكتسبها.

ويرى «فيصل» أن صار طيارًا بالفطرة.. «لأنى قضيت معظم حياتى خارج مصر، وكنت أسافر مع الأهل كثيرا وأتنقل بالطائرات، وأهلى يقولون إننى عندما كنت صغيرًا كنت أحب الذهاب للطيار وأتحدث معه وأسلم عليه وقف معه كل رحلة، وبها تحد ومغامرة».

ومع دقة الكشف الطبى والرياضى، يصبح «الفلتر» قاسيًا فى اختيار من سيكملون الالتحاق بأكاديمية الطيران، وهنا يقول «فيصل»: « دفعتى دخلت الكشف 1000 خرجنا 100 وكشف الهيئة طلعنا 60 ودخلنا الدفعة 60 تخرجنا 38، وهذا الوضع الطبيعى فى دراسة الطيران فالعدد الذى يدخل الكشف الطبى يتخرج منه حوالى 10 لـ15 % كحد أقصى».

 

من أهم الأمور اللازمة لأى طيار - بحسب الكابتن فيصل - المذاكرة والتدريب والكشف الطبى، وفى حال وجود تقصير يمكن أن يخرج الطيار من الخدمة نهائيًا، إضافة إلى أن كابتن الطائرة يغير طرازات مختلفة من الطائرات ما يجعل له شخصية أخرى قادرة على التغير باستمرار.

ولضمان كفاءة مستمرة من الطيار يخضع للتدريب الآلى الخاص بالمهارات والوعى كل 6 أشهر، وكشف طبى كل 6 أشهر أيضًا، ولأن نسبة الخطأ فى الطيران صفر فإن «فيصل» يؤمن بأن أصعب المواقف يمكن التعامل معها بسهولة.

المفاجأة الحقيقية أن عقل الطيار يتحول إلى «التفكير النسائي»، فالرجل - والكلام لكابتن محمود - غير قادر على التركيز فى أمرين معًا - عكس المرأة، إلا أن الطيار يحتاج القيام بخمس مهام معًا، إضافة إلى تميز الرجال بسرعة البديهة والصبر وتحمل المشقة.

من بين جميع المراحل، يختار الكابتن فيصل مرحلته وهو «طيار» كأدق مرحلة فى حياته، لأن المدرب قادر على اكتشاف مدى استمرارية هذا الطالب فى الطيران من عدمه، ففى أوقات كثيرة يكون الكابتن ومساعده من جنسيات مختلفة، ويتعامل مع أبراج مراقبة بأشخاص مختلفين وأطقم ضيافة متنوعين.. إذن كيف سيتعامل مع كم الاختلافات هذه؟

مع الوقت وبسبب التغير الدائم فى مواعيد الرحلات، يصبح الطيار شخصًا غير طبيعى، ففى الرحلات الطويلة مثلا قد ينام الكابتن على الطائرة للراحة ثم يستيقظ مرة ثانية لمواصلة العمل، ويجب أن يكون لدى الطيار مهارة على التكيف، لأن يومه يكون على حسب جدوله ورحلاته.

ووفقًا لـ«فيصل»، فإن المسئولية الأهم التى تقع على عاتق الطيار، ضرورة الذهاب للرحلة قبل موعدها بساعة ونصف، ليطلع على برنامج الرحلة وحالة الجو وحالة الطائرة وتوفر تموين الوقود بشكل كاف، ولذلك فإنه يحق للكابتن إلغاء رحلة ما إذ وجد أن هناك أمرًا غير طبيعى فى الطائرة.

وبالعودة للماضى، لا يزال الكابتن محمود يتذكر أولى رحلاته، والتى كانت لأسوان.. «كنت طيار مساعد على إيرباص 320، وكانت رحلة رائعة جدًا، الجو كان فيه ضباب كثيف جدا وتعطلنا فى أسوان فترة طويلة وكانت أول مرة أعرف فيه أن الجو له نسبة رؤية معينة لنتمكن من الطيران وتعلمت درسا مهما جدا أن الرؤية مهمة فى الطيران».

مفاجأة أخرى كشفها الكابتن محمود فيصل حين يكون راكبًا وليس طيارًا.. «بارفض أدخل الكابينة خالص حتى ولو تم دعوتى لذلك وبحاول استمتع بوجودى كراكب على قد ما أقدر بقراءة المجلات والجرائد، الطيار لما بيكون راكب مرتاح أكثر ومبسوط وأنا بكون نفسى أحس بده».

زوجة الطيار يجب أن تكون بمواصفات خاصة - كما يقول «فيصل» - لأنها تتعامل مع زوج يوم يخرج الصبح ويوم خارج الظهر ويوم بايت فى الخارج، مثل قدرة كبيرة جدا على التفهم لطبيعة مهنته وتتحمل الصعاب».

«صراخ الركاب» كان أصعب موقف تعرض له الكابتن محمود.. «فى عام 2013 كنت طائرا ليلا ذاهبا لدولة إفريقية ولضعف الإمكانيات، دخلنا فى سحابة رعدية قوية وكبيرة جدا، كنا بنفقد ألفين قدم داخلها، وكانت الطيارة بتطلع وتنزل بدون تدخل منى خالص كنت بحاول حينها أن أنفذ ما تعلمته فى المواقف المشابهة وبنوع من أنواع الخبرة، وكان أكبر ضغط عليا، سماع صراخ الركاب، لكن الحمد لله بعد كده شكروني».

أمور الطيران وقواعد قيادة الطائرة ليست وحدها الشغل الشاغل للطيار، بل هناك دورات لتشخيص الحالات المرضية، فمثلا الولادة طلق حقيقى أم غير ذلك، والطيارون والضيافة مدربون لتولى الولادة على الطائرة ومدربون على كل شىء الطيارة عبارة عن دولة كاملة.

قاعدة مفاجئة تحدث عنها فيصل أيضًا بتأكيده على أن الطيار من حقه أن يرفض وجود أى شخص على الطائرة بدون إبداء أسباب، وكان ذات مرة شخصية دبلوماسية تحمل جنسية أجنبية على الطائرة وكان مخمور بعدما طلع على الطائرة تطاول على أحد أفراد الضيافة وأبلغوه فاتخذ قرارًا بمنتهى الحزم بأن ينزل من على الطائرة، وتم بالفعل.

وأثبتت التجربة لـ«فيصل» أن المطارات المرتفعة عن سطح البحر وحولها جبال، لأن كثافة الهواء قليلة فى هذه المطارات والظواهر الجوية بتكون عالية جدا والرؤية تكون سيئة فيها جدا أغلب الأوقات ويكون نظم الملاحة ضعيفة، ومن أصعب المطارات فى الإقلاع أو الهبوط «مطار أسمرة الإفريقى صعب جدًا، وكذلك مطار صنعاء فى اليمن محاط بجبلين كل جبل 3 آلاف متر، ومطار عنتيبى على خط الاستواء بالضبط وعليه سحابة رعدية لا تتحرك».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة