مديحة عزب
مديحة عزب


نقطة نظام

بعد 120 سنة.. لاتزال أم كلثوم مقياس الجودة

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 13 يناير 2020 - 08:29 م

 

بقلم/ مديجة عزب

كنوز وهى كنوز فعلا.. وأعنى بها عزيزى القارئ ذلك الملحق الأسبوعى الذى تصدره «الأخبار» كل خميس ويعدّه ويشرف عليه الأستاذ عاطف النمر، والذى يعرف تماما كيف ينتقى المادة الصحفية التى تجذب أكبر عدد من القراء.. وفى عدد الخميس قبل الماضى أضاءت «كنوز» بعدد من الموضوعات الرائعة الشمعة رقم واحد وعشرين بعد المائة فى ذكرى ميلاد سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وكان من بينها موضوع كتبه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بنفسه ونشر عام تسعة وأربعين من القرن الماضى بمجلة الكواكب.. اعترف فيه عبد الوهاب بأن ظهور أم كلثوم كان سابقا على ظهوره بحوالى ست سنين واعترف أيضا أن بدايته كمطرب كان فى حفل جمعه بها وكانت هى وقتها مطربة مشهورة بينما هو غير معروف إطلاقا وشعر عبد الوهاب وهو بجوارها أنه برفقة أستاذة وأن هذه الحفلة يتوقف عليها مصيره كمطرب ناشىء.. (وهذه المعلومات بالنسبة لى كانت جديدة تماما).. وأكد عبد الوهاب فى مقاله أن لأم كلثوم فضلين، فضلا كمغنية وفضلا كمساهمة فى بناء النهضة الموسيقية الحديثة فى مصر وفى الشرق كله.. أما فضلها كمغنية فقد جمعت كل مواهب المطرب التى يجب أن تتوافر فيه، ليس هذا فقط بل جمعت كل ما يمكن للطاقة البشرية ان تجمعه، وإذا كان يتعين على المطرب الناجح أن يغنى فى حفل فى سرادق يسمعه ألوف المستمعين وأن يسمع كل الآلاف صوته بغير الاستعانة بآلات التكبير، وأن تكون لديه قوة احتمال أن يغنى ساعة أو أكثر غناء متواصلا وأن يتمكن من التنويع والتلوين وتغيير المقامات، فإن أم كلثوم جمعت فى صوتها كل هذه المواهب التى يجب أن تتوافر فى المغنى وهذا هو سر عظمة أم كلثوم، والتى يندر أن يتوافر فى عصرنا الحالى فى مطرب آخر (ويقصد عبد الوهاب به كما سبق الإشارة منتصف القرن الماضى، طبعا عبد الوهاب مات من زمان ولم يعش حتى عصرنا الحالى ليرى بنفسه البلاوى اللى بتتحدف علينا كل يوم تحت مظلة الغناء وتقدم لنا أفظع الأصوات بأحط الكلمات بأبشع الألحان وإلا كان له معهم شأن آخر)..
أما عن أم كلثوم التى ساهمت فى الطفرة الفنية الحديثة فيقول عبدالوهاب فى مقاله إن هذا ليس محل شك بعد أن استوعبت بعقليتها الواسعة وإحساسها الواعى أن الرأى العام وإن كان قد تقبل الأغانى الخليعة والطقاطيق المبتذلة فى الماضى إلا أن المستقبل للفن الراقى شكلا ومضمونا فاحتضنت فنيا الشاعر أحمد رامى فارس الكلمة المعبرة الجميلة وقدمت معه ثنائيا رفيع المستوى نهض بفن الغناء فى مصر لدرجة يصعب أن تتكرر..
الحقيقة عزيزى القارئ أن ما كتبه عبدالوهاب عن أم كلثوم منذ أكثر من سبعين عاما والذى يمكن لنا أن نعتبره مقياسا للجودة إن كان عبدالوهاب بنفسه اعتبره فى ذلك الحين شيئا يصعب أو يندر أن يوجد فى مطرب آخر فإنه فى زماننا الحالى يستحيل أن يتوافر فى جنس بنى آدم لا من ناحية الإمكانيات الذاتية ولا من ناحية كيفية انتقاء الكلمات المغناة والنهوض بفن الغناء.. وإن كنا نعتبر أنفسنا من ذلك الجيل المحظوظ الذى أتاح له القدر أن يلحق أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش ويستمتع بروائعهم ثم ينزل بعد ذلك بضع درجات راضيا ليستمع إلى هانى شاكر وعلى الحجار ومحمد منير من جيل السبعينيات وبالذات فى أغانيهم التى حظيت بالتلحين على يد أسطوات الموسيقى فى مصر، إلا أنه بمرور الزمن وبعد وفاة هؤلاء الأسطوات فيمكننى أن أقول إنه قد جفت تماما (على الأقل فى نظرى) ينابيع الغناء العذب فى مصر والتى تستطيع أن تجمع بين الصوت الجميل والكلمة الراقية واللحن الشجى، وجدير بكل من يعتبر نفسه مطربا فى الوقت الحالى أن يبكى بدل الدموع دما ويلقى بنفسه فى أقرب «صفيحة زبالة»..
ما قل ودل:
هوه لما بنعتزل ما يؤذينا، ما يؤذينا بيتقمص لييييييييه..

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة